وجدت "نور الذياب" ضالتها في "الكاراتيه" الذي تميزت به لاعبة ومدربة على الرغم من صغر سنّها، وبحثت طوال مدة وجودها في نادي "شهبا" الرياضي عن الخامات القادرة على الاستمرار والعطاء، حتى قررت تجريب حظها خارج الحدود، فأبدعت برياضة "الآيروبيك"، التي اكتشفت أسرارها الجديدة في المغترب.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 3 حزيران 2018، مع المدربة "نور الذياب" لتتحدث عن رحلتها مع الرياضة، فقالت: «منذ بداية تفتحي على الحياة والرياضة جزء مهم منها، حتى وصلت إلى مرحلة العشق، فتعلقت بكل أنواعها على الرغم من المعوقات التي تفرضها الظروف، ونظرة المجتمع لكوني أنثى في قرية نائية. ففي المدرسة كان درس الرياضة مقدساً، ولا أدع فرصة تمر حتى ألبي رغبتي باللعب بكرات القدم أو الطائرة أو السلة، فهي الألعاب المتوفرة فيها. وعندما تم افتتاح مركز لتدريب لعبة "الكاراتيه" في قريتي من قبل المدرب "عدنان عامر"، التحقت فيه فوراً، كنت آنذاك في الصف السادس، حيث بقيت أتدرب حتى حصلت على الحزام الأسود. وشاركت في العديد من البطولات داخل المحافظة، ونلت العديد من الميداليات وشهادات التقدير.

بنت "نور الذياب" عالمها في التدريب بمجهود خارق لكونها أماً ومربية، ولم تدع اليأس يتسرب إلى نفسها عندما كانت في قريتها وتعاني من البعد عن مراكز التدريب والبطولات. استغلت الفرص التي كانت بين يديها لكي تطور إمكانياتها التدريبية في "الكاراتيه، والآيروبيك"، وتزرع كل ما اختزنته لطلابها الكثر الذين كانوا أبطالاً فوق العادة، فنالوا العديد من البطولات المحلية. وكان سفرها خسارة كبيرة لطلابها والنادي، لكن أخبارها التي تأتينا تجعلنا نفخر بها، فهي دائمة التفاؤل والعمل نحو تطوير الذات. وقد نجحت في فرض موهبتها التدريبية في الخارج بسرعة، على الرغم من أعباء اللغة والتربية والبعد عن الوطن

بعد أن نلت الحزام الأسود، التحقت بمعسكر للصاعقة، واتبعت قسم "الكاراتيه" وتعرفت إلى مدرب عظيم هو "نعمان كيوان"، وله الفضل في اتباعي دورة للمدربين والحكام في "دمشق" مع أنني كنت أصغر الموجودين فيها، وحصلت على شهادة مدرب وحكم».

مع أبطالها الصغار في نادي شهبا

كانت الظروف تحول بينها وبين خروجها من الصندوق المحلي بسبب سفر والدها، وعدم قدرتها على تلبية طموحها في السفر إلى الخارج لكي تعزز مكانتها في اللعبة، وأضافت: «كانت أمي دائمة الخوف عليّ، ولم تكن تسمح لي بالمشاركات الخارجية بسبب الخوف لكوني أنثى، ولأنني كنت كبيرة إخوتي وأتحمل بعض المسؤولية في غياب رب الأسرة شبه الدائم خارج البلاد من أجل لقمة العيش. فكانت مشاركاتي كلاعبة تنحصر في البطولات التي تجري في المحافظة، ففي عام 2002 شاركت ببطولة المحافظة وحصلت على المركز الأول في لعبة القتال. وفي عام 2003 شاركت بثلاث بطولات على مستوى منطقة "شهبا"، وحصلت خلالها على بطولة "الكاتا"، وحصلت على المركز الأول في البطولتين الأخيرتين بالقتال.

وعندما بدأت التدريب في نادي "شهبا" كنت أيقن أنني أمام اختبار كبير لقدراتي كمدربة بسبب الخبرات الكبيرة الموجودة في المنطقة، وكان التحدي الحقيقي بخلق أبطال قادرين على إثبات وجودهم على الساحة، وكان أول اختبار لي ببطولة ودية حصلت في النادي مع نادي "الكفر" عندما شاركت مع لاعبي النادي الثلاثين، وحصل 17 منهم على المراكز: الأول، والثاني، والثالث.

في صالة الآيروبيك بكندا

وثاني بطولة كانت بنادي "الكفر"، شاركت بعشرين لاعباً، حصل نصفهم على المراكز الأولى، علماً أن نادي "الكفر" شارك بستين لاعباً. وفي بطولة المحافظة شاركت بثلاثة لاعبين؛ حصل اثنان منهم على المركزين الأول والثاني؛ وهو ما تكرر عام 2015، وكانت رياضة "الآيروبيك" التي أتقنت فنونها حافزاً على استمرار التدريب وفتح آفاق جديدة للعمل تأخذ من وقتي حتى بعد أن تزوجت وباتت مسؤولياتي متعددة بعد الإنجاب، لكنني لم أنقطع عن ذلك في "الكاراتيه" أو "الآيروبيك". وكان قرار السفر باتجاه "كندا" تحدياً جديداً خضت غماره بصبر، فهو يعني أن أترك الوطن والأهل والأصدقاء، وهو ما أجربه الآن بحسرة كبيرة، لكنني لم أستسلم».

في "كندا" لم تستسلم "نور" للحزن، وراحت تخطو بما تعلمته في وطنها لتثبت مقدرتها على العمل، وأضافت: «كبرت عائلتي، وباتت الالتزامات كبيرة، لكن تنظيم الوقت واحترامه أمر مهم لتحقيق الذات، كنت واثقة بأن ما تدربت عليه سوف يكون ذا قيمة هنا في مغتربي؛ وهو ما كان، حيث بدأت تدريب "الآيروبيك" في المدينة التي أسكن فيها بعد أن قمت باختبارات جادة من قبل اختصاصيين مهرة لتقييم مستواي، وبناء على ذلك حصلت على رخصة العمل. كنت خلال المدة الماضية أطور مهاراتي الذاتية من خلال البحث عن كل جديد في هذه الرياضة التي تجد إقبالاً كبيراً من قبل الناس هنا بعكس الرياضات القتالية.

الاختلافات كبيرة، ولا يمكن مقارنة الوضع مع بلدي، هنا الإمكانيات المادية متوفرة جداً، ويعمل الجميع براحة كبيرة بعيداً عن أي مشكلة مهما كانت؛ لذلك فالرياضة متطورة كثيراً، فالجميع يعرفون عملهم، ولا يشغلهم شيء آخر عن ذلك، لذلك فكل حلمي أن أعود لأخدم أبناء وطني، وأعطي ما تعلمته لهم».

المدرب المعروف "حسام العريضي" الذي تابع خطوات "نور" في نادي "شهبا" عن كثب، قال: «بنت "نور الذياب" عالمها في التدريب بمجهود خارق لكونها أماً ومربية، ولم تدع اليأس يتسرب إلى نفسها عندما كانت في قريتها وتعاني من البعد عن مراكز التدريب والبطولات. استغلت الفرص التي كانت بين يديها لكي تطور إمكانياتها التدريبية في "الكاراتيه، والآيروبيك"، وتزرع كل ما اختزنته لطلابها الكثر الذين كانوا أبطالاً فوق العادة، فنالوا العديد من البطولات المحلية. وكان سفرها خسارة كبيرة لطلابها والنادي، لكن أخبارها التي تأتينا تجعلنا نفخر بها، فهي دائمة التفاؤل والعمل نحو تطوير الذات. وقد نجحت في فرض موهبتها التدريبية في الخارج بسرعة، على الرغم من أعباء اللغة والتربية والبعد عن الوطن».

يذكر أن "نور الذياب" من مواليد قرية "الجنينة"، عام 1990.