جمعت "رحاب العلي" ما يكفي من الإصرار والتحدي، لتمارس رياضتها المفضّلة على الرغم من المعوق الجسدي والاجتماعي، وصعدت على سلم التميز بصفتها مدرّبة ولاعبة "البنش برس" المتفوقة.

تمكنت عبر مسيرة رياضية غنية من تقديم نموذج جميل لقدرة الإنسان على تجاوز حدود الإعاقة، التي تأسر الشباب خارج ممارسة الألعاب الرياضية. واستمرت بفضل عزيمتها، وعدم الركون إلى الكسل بقي شعارها، كما تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 كانون الثاني 2019، وقالت: «كنت صغيرة عندما زرت الملعب البلدي، وتعرفت إلى أنواع الرياضات. لقد عارضت أمي ذلك، لكن إخوتي ووالدي شجعوا الفكرة، وبالفعل تابعت مع المعرفة بأهمية الرياضة وفائدتها لي كشابة. في كل مرحلة كنت أتمسك أكثر بالحلم، وأحيا عاشقة للرياضة بكل أنواعها لتأخذني إلى طريق بناء الشخصية القوية، وعدم الخوف من نظرة المجتمع، وكان مجال القوى البدنية المحبب لدي والمناسب، وجهدت للحصول على تدريب مستمر.

عندما ننظم الوقت نتمكن من إنجاز الكثير من الأعمال، أولها الالتزام بدوامي كموظفة، ومتابعة بناتي، وهي مسؤولية يتقاسمها معي زوجي الذي رافقني على طريق الحلم. شجعني على الاستمرار وعدم التقصير، مضحياً براحته للاهتمام بالبنات، وبفضله تابعت التدريب ثلاثة أيام في الأسبوع. نعمل معاً بجد لتحقيق حلمي بتأسيس نادٍ خاص يساعدني على الاهتمام باللعبة وإضافة لاعبين جدد كما أتمنى. فهذه اللعبة يمكن أن تتابع من قبل الرياضات الخاصة، والأصحاء الذين أدربهم إلى جانب الرياضات الخاصة

اهتم بي في البداية المدرّب "فرج البلعوس"، وتابعت من خلال استثمار وقتي وكل الفرص التي تناسب للتدريب، بعدها تابعت معه الرياضات الخاصة، حيث حققت مركزاً متقدماً عام 1999، وتابعت دورات الاتحاد الرياضي العام في "دمشق". رشحتني اللجنة الفنية لدورة عام 2000، واتبعت معسكرات للمنتخب الوطني مع مدربين روس، لكن الزواج وإنجاب بناتي "لاميتا"، و"ليمار"، و"لارا" جعلني أستمر بالتدريب على نطاق ضيق، لأعود بدعوة من رئيس اللجنة الفنية المدرب "إياد كنعان" إلى ممارسة الرياضة كلاعبة ومدرّبة وحكم للعبة بفضل الدورات التي التحقت بها».

رحاب العلي مع الكابتن منار هيكل رئيس الاتحاد الآسيوي

وعن تميّزها بلعبة "البانش برس"، تضيف قائلة: «لم أنقطع عن التدريب كي لا أخسر لياقتي. أول بطولة شاركت بها بعد العودة بطولة "اللاذقية" العام الماضي كمدرّبة، ورافقت الفريق أيضاً إلى مدينة "الفيحاء" في بطولة "البنش برس"، وكانت ثقة اللجنة الفنية والمدربين كبيرة، وقد شجعني الكابتن "إياد كنعان" على المشاركة كلاعبة، وبالفعل حصلت على البرونزية مع العلم أنني لم أكن مستعدة للبطولة.

هذه اللعبة تميزت بها وهي المحببة لدي، وهي عبارة عن رفعة واحدة صدر، ولها تدريباتها الخاصة، في هذه البطولة نافست أصحاء، وأظهرت المنافسات ما لدي من طاقة لم أخسرها بسبب الانقطاع، وحاولت من بعدها المتابعة لأحافظ على مستوى جيد أتوقع أنه قابل للتطور.

مع بطلة العالم الروسية

اليوم أتابع تدريباتي والعمل على نشر اللعبة من خلال لاعبين أصحاء أدربهم إلى جانب تدريب الرياضات الخاصة، التي أمتلك فيها فرصة التعريف بالرياضة ونشرها وتشجيع كل من أراد التطور والمتابعة. وأتشوق دائماً إلى نقل رسالتي إلى كل من أدربهم؛ لأننا في مرحلة معينة قد نتعرض إلى صعوبات كثيرة صحية ونفسية واجتماعية، لكن الرياضة كفعل دائم يرافقنا أجدها أحد أبواب الخلاص ومساحة واسعة لممارسة الحياة الطبيعية.

أتعاون بوجه دائم مع زملائي في الرياضيات الخاصة، لنوسع دائرة التدريب قدر الإمكان، وجذب أبطال جدد إلى هذه الدائرة، ليكون لهم نصيب بالاستفادة من خدمات المدربين والدخول في هذه الأوساط الحيوية، التي تقدم لهم الكثير من الصحة والنشاط والقدرة على امتلاك اللياقة، لكونها تحد من الأمراض وترسم الحياة بلون السعادة».

الكابتن إياد كنعان

لاعبة ومدرّبة وحكم؛ تجارب تتحدث عنها بفرح، وتقول: «عندما ننظم الوقت نتمكن من إنجاز الكثير من الأعمال، أولها الالتزام بدوامي كموظفة، ومتابعة بناتي، وهي مسؤولية يتقاسمها معي زوجي الذي رافقني على طريق الحلم. شجعني على الاستمرار وعدم التقصير، مضحياً براحته للاهتمام بالبنات، وبفضله تابعت التدريب ثلاثة أيام في الأسبوع. نعمل معاً بجد لتحقيق حلمي بتأسيس نادٍ خاص يساعدني على الاهتمام باللعبة وإضافة لاعبين جدد كما أتمنى. فهذه اللعبة يمكن أن تتابع من قبل الرياضات الخاصة، والأصحاء الذين أدربهم إلى جانب الرياضات الخاصة».

رئيس اللجنة الفنية لألعاب القوى البدنية "إياد كنعان" يعبر عن الإيمان بموهبتها وقدرتها الكبيرة على النجاح، ويقول: «عندما تتابعها كيف تؤدي التمارين وتتابع متدربيها، لا تملك إلا أن تشجعها على الاستمرار، لأنها تجاوزت حواجز كثيرة كانت كفيلة بالقضاء على موهبتها في حال ضعفت، لكنها على العكس أظهرت المقدرة وتابعت بهمة عالية.

لاعبة قديمة آمنتُ بقدرتها وبنيتها الجسدية، وهي صاحبة خبرة وخاصة برفعة "البنش برس"، انقطعت فترة لرعاية أسرتها، وبعدها شاركت ببطولة الجمهورية وحققت مركزاً متقدماً، إرادتها قوية وأثق بأنها قادرة على الاستمرار لتمثّل "سورية" بالبطولات الدولية. حصلت على شهادات كمدرّبة وحكم من اتحاد بناء الأجسام، واليوم تتابع -إلى جانب القوة البدنية- مع فريق كرة الطائرة الأول في "سورية"، وتتابع التمرين مع الاتحاد الرياضي أيضاً».

الكابتن "مازن النجاد" مدير نادي "عتيل" الرياضي، تحدث عن إرادتها بحكم معرفته القريبة بها، وقال: «البطلة "رحاب العلي" بالتصميم والإرادة والمثابرة وصلت إلى ما لا يستطيع الآخرون الوصول إليه، لم تقف الإعاقة في ساقها عائقاً أمام طموحها، فهي مدربة في مركز "عتيل" الرياضي، وملتزمة بالتمرين، خرّجت أبطالاً على مستوى الجمهورية، ومازالت تشارك بالبطولات، حيث حصلت على المركز الأول في بطولة كأس التصحيح الأولى لمصارعة الذراع، وقرأت فيها شموخ الجبال وصلابة الصخور وحنان الأشجار. ودائما أبادرها ببيتين من الشعر:

إن كانت النســاء كــما عـرفنا... لفضّلت النساء على الرجالِ

فما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ... ولا التذكــير فـخراً للــهلالِ

وعليه، فإن التجربة الرياضية الأنثوية التي خاضتها تستحق الإضاءة والاحترام، خاصة عندما نعلم أن كثيرات من الفتيات لديهن القدرة والموهبة لممارسة رياضات خطرة، وحرمن منها لعدم القدرة على تجاوز رؤية المجتمع وأفكاره المشوهة عن الرياضة».

يذكر، أن "رحاب العلي" من مواليد عام 1977 قرية "الثعلة"، موظفة في مديرية صحة "السويداء"، لديها رصيد من الميداليات، وحضور رياضي فاعل على ساحة المحافظة.