يقدم "شادي إدريس" لوحاته الفنية بالرسم المباشر لما تحمله من شجون أفكاره، لكنه لم يستثنِ الغوص في مختلف المدارس الفنية، ليستقر شغفه في التجريدية والسيريالية، حيث وجد فيهما بوحاً للرموز.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "شادي إدريس" بتاريخ 6 أيار 2018، لتغوص معه في تجربته الفنية، التي بدأ الحديث فيها عن بداياته، فقال: «البداية كانت في المرحلة الابتدائية، ومن شهادة مدرسة الفنون حين رسمت عدة أشكال وصور على اللوح، وطلبت منا رسم ما نشاهده على اللوح، وعندما شاهدت ما رسمته، أشادت بالدقة والأسلوب كثيراً، ونصحتني بالتوجه نحو دورة فنية على يدي فنان محترف، لكنني لم أفعل.

تكمن أهميته في دراسة القواعد الفنية وأصولها، ودراسة تقنية الرسم بالرصاص وتقنية الألوان الزيتية والإكرليك، لذلك هو أساسي للمتعلم المبتدئ، أما للمبدع بالفطرة، فهو خطوة أساسية يجب الإلمام بها ومعرفة أصولها، ليتكلل عمله الفني مع إبداعه بالنجاح

ثم حاولت رسم البورتريه، وكانت بداية لا بأس بها، اجتهدت بهذا الأمر على نفسي من خلال المتابعة وتلافي ما أجده غير جيد، وتعلم ما استطعت من تقنية وقراءة عينية لرسم البورتريه».

من أعماله

لكن هناك ما شده إلى الرسم غير الموهبة، حيث قال: «الشعر هو الدافع الأساسي الذي يشدني إلى الرسم، وكل فنان إن لم يكن شاعراً، سيكون صاحب خاطرة أو كلمة جميلة، فالرسم هو قراءة إما لحظية، أو صورة مرت على أبصارنا، أو فكرة استنارت من واقع نعيشه أو ماضٍ مررنا به، كل ذلك يبث في قلبي حالات قد تتجسد في وقت من الأوقات على ورق أو قطعة قماش تحكي وحدها قصة، أو تفتح أمامي نافذة جميلة لرؤى الناظرين إليها».

وعن أسلوب الرسم المباشر الذي عرف به وأدواته، قال: «الفن بجميع أبوابه له متعته الخاصة، وله عوالم من إظهار كينونة الإحساس الذي يفيض في داخلي، لكن بالنسبة لي، الرسم المباشر له خصوصية من حيث إظهار المقدرة الإبداعية في وقت قد لا يستغرق أحياناً نصف أو ثلثي الساعة.

من لوحاته

فهناك حالة تفيض بالتأمل والسكينة التي يفرضها عليّ جلوس شخص أمامي لرسمه بالطريقة المباشرة، لأن التناقضات كثيرة، منها الحزم في الفكرة، واللين في تقديمها، وجميعها قراءات داخلية بالنسبة لي.

أدواتي المستخدمة بسيطة، وهي قلم الرصاص والورقة، تختلف تماماً عن عمق الإحساس والشعور بالتعابير الظاهرة على الوجه وإدراكها، وإظهارها بكل جرأة ووضوح».

شادي إدريس

ولتوظيف علاقته بالمجتمع والواقع رسماً، حكاية تحدث عنها، فقال: «قرأت في الواقع الحالي لوحات عظيمة أجلها وأكرمها الشهادة والشهداء وشخوصهم وتجلياتها، وطالما أن علاقة الفن بالمجتمع والواقع تفرض نفسها، وأغلب الأحيان تكون حالة ثقافية تربوية، فإن تسليط الضوء على عمقها هو تكريس لعملية بناء المجتمع الجديد الموجه، الذي يبعث من اتقاد اللوحة بمعانيها ودلالاتها ضوءاً صغيراً له أثر عميق في إنسانيتنا ووجداننا».

وفيما يخص الاختصاص الأكاديمي لتأطير الموهبة، قال: «تكمن أهميته في دراسة القواعد الفنية وأصولها، ودراسة تقنية الرسم بالرصاص وتقنية الألوان الزيتية والإكرليك، لذلك هو أساسي للمتعلم المبتدئ، أما للمبدع بالفطرة، فهو خطوة أساسية يجب الإلمام بها ومعرفة أصولها، ليتكلل عمله الفني مع إبداعه بالنجاح».

وهناك تجارب متعددة له مع مختلف الألوان، قال عنها: «هو حب الاكتشاف لمختلف التجارب اللونية واكتشاف الجمال بها، وفي البداية رسمت ما استطعت بحسب تجربتي، إلى أن اتبعت دروساً في معرفة اللون في مركز الفنان "أحمد خليل" للفنون الجميلة، فدخلت حينئذٍ بحر اللون الزيتي والإكرليك وطريقة رسم البورتريه بألوان الخشب، لأدرك الاختلاف الكبير بينها من مختلف الجوانب».

يقدم حالياً الفنان "شادي" لوحاته ضمن مدرستين فنيتين بحسب حديثه، وأضاف: «لي تجربة في المدرسة التجريدية والسريالية، حيث كنت أرسم من خيالي قبل أن أقرأ عنهما، كما كنت أرسم في المدرسة الواقعية باستمرار، وأرى الرسم التجريدي والسريالي بوحاً بالرموز لما قرأته في حياتي؛ لذلك أغلب رسوماتي تسبح بين بحار الواقع والتجريدي والسريالي، علماً أن التقيد بمدرسة معينة -باعتقادي- لا يمثل شرطاً أساسياً على الفنان اتباعه، فالتجربة واجبة فيها».

وفي لقاء مع الفنان "محمود هلهل"، أكد أن الفنان "شادي" شاب مثقف ويحمل الكثير من الاهتمام الفني لأعماله، والشغف لتقديم موهبته إلى الجمهور بما يرضي ويعبر عن اهتمامه بمواضيع الحياة اليومية، وتابع: «هو من الشباب الطموحين، الذين يملكون حساً فنياً وريشة عفوية واحترافية بآن واحد، وعلى الرغم من حداثة تجربته الفنية، تميز بقدرته على الرسم المباشر للأشخاص، مع السرعة في إنجاز اللوحة، ناهيك عن أخلاقه العالية وطيبته التي نراها منعكسةً في أعماله، وهذا بالنسبة لي كان حافزاً لدعوته إلى المشاركة في عدة معارض برعاية "ملتقى البيادر" لكوني المشرف الفني عليه، وكانت مشاركاته متنوعة الأساليب الفنية من رصاصيات وزيتي ومائي، وضمن مدارس متنوعة من الواقعية إلى التجريدية وغيرها، ولا أنسى أيضاً تميزه بالرسم بالخط العربي للوجوه».

يشار إلى أن الفنان "شادي إدريس" من مواليد مدينة "طرطوس"، عام 1981.