على الرغم من الانتشار الواسع للزراعة المحمية في المنطقة الساحلية، ما تزال تجمع بين مزارعيها هواجس مشتركة، لكن تجربة الفائز بالمركز الأول في المباراة الإنتاجية لهذا العام تؤكد إمكانية تجاوز أهم معوقات استثمار البيوت البلاستيكية بالتعاون مع "مديرية الزراعة".

إلى جانب الخبرة، تعليمات الوحدة الإرشادية مكنته من الحصول على هذا المركز بحقل مكون من ثماني بيوت بلاستيكية وما يعادل 3.6 هكتارات، والسيد "عبد الغفار الشغري" يشرح لموقع eTartus خطوات العمل بحسب التعليمات الفنية قائلاً: «بعد انتهاء الموسم نقوم بإزالة بقايا المحصول السابق، حراثة الأرض وقلب التربة، تحليل التربة بأخذ عينة إلى الوحدة الإرشادية لمعرفة العناصر الناقصة وإضافة الأسمدة المناسبة، ثم مد التنقيط وري الأرض وتغطيتها بنايلون شفاف لمدة ستين يوماً من أجل تعقيم شمسي طبيعي من الفطريات والحشرات.

توجد نسبة حوالي 70 % حالياً من المزارعين الذين يستخدمون التعقيم بالغاز في السنتين الماضيتين، وقد حاولت "وزارة الزراعة" في هذه الفترة الحد من استخدامه، لكنها واجهت صعوبة بسبب انتشاره بكثرة

وقد بين التحليل أنّ التربة غنية بالبوتاس وفقيرة بالمادة العضوية، وكمزارعين نطالب بإيجاد مخبر تحليل للتربة في المنطقة لأنه يوفر الكثير من التكاليف على المزارع».

السيد "عبد الغفار الشغري"

صعوبات مختلفة تواجه المزارع أهمها تكاليف وسائل الإنتاج، أما المرحلة التالية فهي أيضاً لا تخلو من الصعوبات وأهمها خطر الأمراض التي يفضل السيد "عبد الغفار" التعامل معها وفق توجيهات الإرشاد، كما يبين: «بالنسبة للبذور التي نحصل عليها عن طريق "وزارة الزراعة"، فهي تزرع في بيوت خاصة من أجل الشتول، ثم نقوم بتركيب الناموسيات على الأبواب واللاصقات وشتل الشتول عندما تصبح جاهزة، لكنّ استخدام المبيدات لا يكون إلا باستشارة الوحدة الإرشادية التي نراجعها عند ظهور أية مشكلة.

وبالنسبة للحماية من الصقيع نعتمد على الرذاذ بعد ارتفاع أسعار المازوت، لكن هذه الطريقة لا تساعد على تأمين التدفئة للنبات».

المهندس "عبد الكريم" يبين نوعاً هجيناً

المهندس "عبد الكريم الشغري" يوضح عن المباراة الإنتاجية وبداية فترة التعاون مع المزارعين: «ندخل المباراة الإنتاجية كل عام بثلاثة حقول لكل محصول من محاصيل الزراعة المحمية، "الزيتون"، الحمضيات والثروة الحيوانية أو الأبقار، وبحيث تكون أفضل ثلاثة حقول على مستوى الوحدة الإرشادية، ثم نبدأ بتقديم التعليمات الفنية للمزارع بحسب نوع المحصول».

أما الوصفة السحرية للفوز فقد تلخصت بالكمية، الجودة والتقيد بالتعليمات الإرشادية: «يتم تشكيل لجنة كل عام على مستوى المحافظة تنظر بالطرق الزراعية المستخدمة من قبل المزارع، ومدى تأثيرها على جودة الثمار، وخلوها من المبيدات، وكان محصول السيد "عبد الغفار الشغري" الأفضل كماً ونوعاً، علماً أنّ كمية الإنتاج هي أيضاً أحد المعايير لكن لا تكفي للفوز».

إلى جانب النصائح الفنية، شريك آخر في الفوز كان له الفضل في زيادة الإنتاج: «بالنسبة للحقل الفائز، فقد تقيد المزارع بكافة التعليمات الفنية، وأهمها عدم تعقيم التربة بواسطة الغاز والاستغناء عنه بالتعقيم الشمسي الطبيعي لمدة ستين يوماً، ثم الابتعاد عن استخدام المبيدات الزراعية غير المرخصة والضارة بصحة المستهلك.

بالإضافة إلى عدم استخدام مثبتات العقد من أجل زيادة الإنتاج والاعتماد على "النحل الطنان" عوضاً عنه، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج بنسبة الثلث وزيادة وزن الثمار أيضاً».

الحلول المقدمة من الوحدة الإرشادية للاستغناء عن المبيدات، هي بحظر التجول على الحشرات الضارة ومساعدة من الطفيليات النافعة، يشرح عنها المهندس "عبد الكريم": «بالنسبة للتعامل مع المبيدات يمكن تركيب شبك على أبواب البيوت لمنع وصول الذبابة البيضاء إلى النباتات، بالإضافة إلى تركيب لاصقات صفراء، ويمكن الاستغناء عن المبيدات السامة بوضع أعداء حيوية وهي عبارة عن حشرة تدعى "تريكوغراما" أو "براغون" تتطفل على ديدان ثمار "البندورة" وتقضي عليها، وهذه العملية تتم بالكامل خارج الثمار دون الحاجة للمبيدات السامة.

ويمكن أيضاً استخدام عدو حيوي يدعى "فيتوسلوس" من أجل مرض "الأكروز"، وهو يتطفل عليه ولا يؤثر على الثمار، وبالتالي تجنب استخدام المبيدات الزراعية وعدم ترك أثر على صحة المستهلك».

وبعد المباراة الإنتاجية وإنصاف المنتجين يبقى على عاتق "وزارة الزراعة" إنصاف المستهلكين: «لا يمكن أن تتم عملية التمييز بين ثمار معرضة للرش وثمار غير معرضة إلا من خلال مخابر التحليل المتخصصة، لذلك نطلب من الجهات المعنية إيجاد مخابر تحليل تعنى بأخذ عينات عشوائية وفحصها للتأكد من عدم رشها».

بحسب المهندس "فراس قدور" فقد بدأ استخدام تعقيم التربة بالغاز يتزايد منذ حوالي ستة سنوات مع استفحال أمراض التربة التي تعد "الديدان الثعبانية" أخطرها، ويضيف: «توجد نسبة حوالي 70 % حالياً من المزارعين الذين يستخدمون التعقيم بالغاز في السنتين الماضيتين، وقد حاولت "وزارة الزراعة" في هذه الفترة الحد من استخدامه، لكنها واجهت صعوبة بسبب انتشاره بكثرة».

وإن كان العائق في استخدام الوسائل البديلة هي التكلفة، فبعضها متوفر بالمجان: «هناك وسائل تعقيم حديثة للتربة، وذلك باستخدام منتجات سائلة لشركات مرخصة ونظامية، لكنها تحتاج إلى ثلاثة أو أربعة أسابيع للحصول على النتيجة المطلوبة، علماً أنّ التعقيم الشمسي الطبيعي يؤدي إلى نتائج مرضية، لأنه يحافظ على حيوية التربة ودون تكاليف».