نظافة الحقل، التقليم، المكافحة، التسميد المناسب ونوعية الأشجار؛ تلك هي المزايا التي يوفرها "صادق عباس" في حقوله، والتي مكّنته من الفوز في المباراة الإنتاجية للعام الماضي، فوز كان يتوقعه الفنيون الزراعيون مسبقاً لما يعرفونه عنه من اهتمامه وحبه لشجرة الزيتون.

تناوب إنتاج الأشجار خلال المواسم أو ما يسميه المزارعون والفنيون بالمعاومة، منعت بعض المزارعين من زيارة حقولهم وجني محاصيلهم في العام الماضي لتدني إنتاجهم أو انعدامه بحسب تعبيره؛ في الوقت الذي أثبت فيه المشارك في المباراة الإنتاجية أنّ هذه الظاهرة ما هي إلا نقصٌ في الرعاية والاهتمام بالأشجار، مستفيداً من توجيهات الإرشاد الزراعي بالإضافة لخبرته الطويلة ليحقق المركز الأول.

أستخدم حوالي 250 مصيدة، نضعها على أطراف الحقل وليس في الوسط، في حين أنّ بعض الحقول المجاورة لا تستخدم، ما يشكل تهديداً بانتقال الحشرات والعدوى إلى حقولنا

وعن أسباب تميز إنتاجه من ثمار الزيتون وزيته يوضح لموقع eTartus خلال لقائه معه في قرية "مجدلون البستان" من مدينة "صافيتا" بتاريخ 24/1/2010 قائلاً: «تبدأ عملية خدمة أشجار الزيتون بحراثة الأرض في شهر كانون الأول، تليها العناية بالتربة وتسميدها بالسماد الآزوتي، الكيماوي والعضوي بحسب نتائج تحليل التربة، علماً أنّ حراثة الأرض والتسميد تبعد الأمراض عن الأشجار، ثم يتم تنظيف الأرض من الحجارة الصغيرة والأعشاب حتى شهر شباط».

"صادق عباس" في حقله

أما إحدى أهمّ عمليات الخدمة كما يبينها: «يعدّ التقليم من أهمّ الخدمات لشجرة الزيتون وخاصة إزالة الأغصان الموجودة في جوف الأشجار لتحصل الأشجار على الهواء والشمس بشكل كاف، كما يمنحها التقليم مزيداً من الجمال والقدرة على الإنتاج».

بحسب لجنة التحكيم فقد استحق الفوز بجدارة، وبالنسبة له فأشجاره هي من الصنف الأفضل أيضاً، كما يشير: «الأشجار لدينا هي من صنف "الدعيبلي" فقط، فهو من أفضل أنواع الزيتون من ناحية جودة ثماره، زيته وسهولة قطافه، في حين أنّ صنف "المنيقري" يحتاج إلى وقت أطول لقطاف ثماره لأنها أصغر، كما يعتبر صنف "البري" أفضلها بزيته لكنّ كمياته قليلة جداً».

المهندسة "عائدة سليمان"

العديد من التجار يعتبرون إنتاجه من ثمار الزيتون العلامة التجارية المفضلة، أما من أهم النصائح لضمان الجودة الأفضل لزيت الزيتون فيوضح: «بالنسبة لإنتاجنا من ثمار الزيتون فهو يتوجه إلى المعاصر في اليوم الثالث من قطافه، وهذا يساهم في الحصول على زيت أفضل، علماً أنّه من المفضّل أن يتم عصره مباشرة بعد قطافه، وأن تبقى ثمار الزيتون على الأشجار حتى تنضج تماماً، من أجل جودة الزيت وقطاف الثمار التي تتساقط بسهولة».

الحلول لمشاكل الأمراض أصبحت بمتناول اليد، لكنه لا يلاحظ اهتماماً يذكر لدى بعض المزارعين، كما يبيّن: «أستخدم حوالي 250 مصيدة، نضعها على أطراف الحقل وليس في الوسط، في حين أنّ بعض الحقول المجاورة لا تستخدم، ما يشكل تهديداً بانتقال الحشرات والعدوى إلى حقولنا».

التقليم؛ مصدر الجمال والإنتاج

وعلى الرغم من اهتمامه المتواصل بأشجار الزيتون، لا بدّ من الرجوع إلى خبرة الإرشاد وتوجيهاته التي يقول عنها: «استفدنا كثيراً من معلومات وتوجيهات الإرشاد مثل التأكيد على ضرورة الحراثة، التسميد والتقليم، ومع أننا نملك المعرفة، لا يمكن أن نفضّل معرفتنا على المتعلمين وخبرتهم، لذلك نستشيرهم ونكون نحن الرابحين».

الخدمات الكاملة هي كل ما يمكنه تقديمه لأشجاره، لكنّ أكثر ما يشغل باله بعد انتهاء الموسم: «تتمثل معاناة الفلاح بصعوبة تصريف إنتاجه من الزيت أو تصديره بعد جهده وتعبه، لأنّ ذلك يتعلق بالأسعار وأجور العمال، حتى إننا نواجه صعوبة في إيجاد العامل الذي يتقاضى 500 ليرة سورية يومياً».

المهندسة المشرفة على المشاركين في المباراة الإنتاجية للعام الماضي "عائدة سليمان" توضح عن اختيار المزارعين قائلة: «يتقدم المزارعون للمشاركة في المباراة الإنتاجية بحيث لا تقلّ مساحة الحقل المشارك عن خمسة دونمات، ويبدأ الإشراف من عمليات الخدمة، كما نقوم بتوجيه كل مشارك للقيام بعملية تحليل تربة لمعرفة الأسمدة اللازمة لحقله».

وتضيف: «نبدأ بتقييم الحقول المشاركة من حيث التقليم الأفضل والعناية واستخدام المصائد، ومواعيد عمليات الخدمة، ونقيم أيضاً ندوات إرشادية في مقر الوحدة الإرشادية لمزيد من التقيد بها، علماً أنه كانت لدينا بداية ثلاثة حقول مرشحة للمشاركة ومن واجبنا كفنيين الاستمرار ومتابعتها حتى القطاف».

عملية تقييم الحقول المشاركة تبقى على عاتق لجنة مختصة، ومن معايير التقييم بحسب تعبيرها: «تتضمن عملية التقييم مجموعة معايير تبدأ بعمليات الخدمة التي تعطى لكلّ منها درجة معينة، بالإضافة إلى درجة لنوعية الأشجار، وفي النهاية تقرر اللجنة أيّ الحقول أفضل بالاعتماد على مجموع الدرجات».

أما كيفية الحصول على درجات أفضل كما توضح: «المقصود بنظافة الحقل خلوه من الأعشاب الضارة وبقايا التقليم، فهناك العديد من المزارعين الذين يتركونها، لكنّ هذه البقايا تحوي حشرات تضع بيوضها في التربة وتنتقل في العام التالي إلى الشجرة، لذلك يجب التخلص من تلك البقايا مباشرة بواسطة الحرق، إضافة إلى إزالة الحجارة لتسهيل عمليات الخدمة، كما أنّ عملية التقليم تساهم في عدم تزاحم الأشجار وحصولها على التهوية اللازمة».

أشجار الزيتون أيضاً تعد مأوى مناسباً للعديد من الحشرات التي يجب مكافحتها، تذكر أهمها فتقول: «المكافحة تشمل العتة، عين الطاووس واستخدام مصائد الذباب، ومن العوامل التي تؤثر في نسبة انتشار الأمراض موقع الحقل ونسبة الرطوبة، حيث تكون بعض الحقول في موقع أقرب إلى الوديان، وأكثر حاجة إلى عمليات الرش والمكافحة».

غياب ملحوظ للقسم الأكبر من المزارعين عن الندوات الإرشادية، وأهميتها بحسب تعبيرها: «تهتم الندوات التي نقيمها بمكافحة الأمراض، ومنها ما تكون طارئة في حالة وجود معلومات أو توجيهات جديدة، أو فترة مقبلة يجب فيها المكافحة والرش مثل الفترات التي تكون فيها نسبة الرطوبة مرتفعة، وبشكل عام لدينا شهرياً ندوتان ويوم حقلي، وهي تخص الزيتون، الحمضيات والزراعة المحمية، فهي الزراعات الرئيسية في المنطقة».

لكن نتائج هذه الندوات حتى الآن ليست ما يطمح إليه الإرشاد كما تشير: «يوجد عدد من المزارعين الذين يرفضون زيادة تكاليف المكافحة إلى تكاليف الأيدي العاملة والتسميد، لكنهم أصبحوا يلاحظون تراجع حقولهم سنوياً لعدم الرش، ودورنا يكمن في إعطائهم هذه الإرشادات وتوجيههم من أجل تحليل التربة والتسميد، فهي تمثل المواضيع الرئيسية دائماً».

ومن صعوبة الوصول إلى الندوات لبعض المزارعين إلى الصعوبات التي يواجهها الفنيون في جولاتهم الحقلية: «اهتمام المزارعين بهذه الندوات ضعيف نسبياً لأنها تكون ضمن دوامنا الرسمي، والكثير من أصحاب الحقول أيضاً يكونون في وظائفهم، فالوقت ليس مناسباً تماماً، إضافة إلى أنّ الكثيرين لا يهتمون بهذه الندوات، ومن أهم الصعوبات التي نعاني منها كفنيين الوصول إلى الحقول لإعطاء التوجيهات للمزارعين».