يعتمد أهالي قرية "المرانة" على زراعة الجوز بوجه أساسي ضمن ثلاث زراعات رئيسة، وتعدّ كمية إنتاجها منه الأكبر على مجموع القرى المحيطة بها، فالبيئة ملائمة والمناخ مؤهل لهذه الزراعة، والكادر البشري الفتي قادر على تنظيمها.

فقد اشتهرت قرية "المرانة" على مدى سنوات طويلة بإنتاجها الكبير لثمار الجوز واعتمدت عليه كمحصول أساسي، إلى جانب اعتمادها على زراعة التبغ والزيتون، وتعدّ الكميات التي تنتجها منها الأكبر في تجمعها القروي وفق ما قال مختار القرية "ياسين عاقل" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 آب 2018، وتابع: «يوجد في القرية أعداد كبيرة جداً من أشجار الجوز، وتنمو أغلبها في السواقي الرطبة والوديان المائية، حيث تتوفر في القرية مجموعة من الينابيع التي وفرت الرطوبة المطلوبة لهذه الزراعة، وهذا أثر إيجاباً في جودة ونوعية الثمار، التي عرفت وتميزت بها القرية على مستوى القرى المحيطة بها.

ارتفاعنا عن سطح البحر البالغ 750 متراً وفر لزراعة الجوز ساعات برودة مطلوبة لنمو جيد، إضافة إلى أنها محمية بوجه عام من الرياح نتيجة وجودها في السواقي

ومجمل هذه العوامل دفعت الأهالي منذ القدم إلى الاعتماد عليها؛ وهو ما فرض عليهم طقوس العناية والرعاية بها، فزراعة هذه الأشجار قديمة جداً في القرية، وتعدّ من الطقوس التراثية فيها، ولا يمكن تحديد العمر الزمني للبدء بها لعدم وجود تدوين لتاريخ القرية، لكن يمكن القول إن أقدم أشجار القرية يفوق عمرها العقود من الزمن، ويتأكد ذلك من خلال طولها الذي يزيد على ثلاثين متراً، ومساحة ظلها في الأرض الذي يزيد على 100 متر مربع».

ياسين عاقل

أما "آصف عاقل" من أهالي وسكان القرية، فقد أكد أن العوامل الأساسية لهذه الزراعة ومنها الطبيعة المناخية والطبيعة الجغرافية متوفرة في القرية، وهنا قال: «في القرية مجموعة كبيرة من الينابيع التي تسير في سواقٍ طبيعية منها الكبير ومنها الصغير، وهي باعتقادي بيئة طبيعية رطبة لنمو جيد ومناسب لأشجار الجوز ضمن الحيازات الزراعية الصغيرة، خاصة أن هذا النوع من الأشجار يحتاج إلى رطوبة كبيرة لا إلى مياه وفيرة، وأكبر السواقي في القرية التي توجد فيها أكبر كمية أشجار جوز تقع في منتصف القرية بجانب نبع "الضيعة"؛ وهذا أدى إلى قربها من الناس، ووفر لها الرعاية والحماية المستمرة.

لذلك كان الاعتماد عليها كموسم أساسي وخاصة للشباب في القرية، لأن عملية قطف الثمار تحتاج إلى فتية، فهم أقدر على تسلق أشجارها وقطفها، حيث يكون لموسم القطاف طقوس تراثية متوارثة تبدأ من شهر آب وتستمر نحو شهر تقريباً.

محمود المروح

وهذه البداية المبكرة تكون حماية للثمار من السناجب التي تتسابق معنا لجمع مؤونة الشتاء الخاصة بها، فنهيئ العصي متعددة الأطوال التي تسمى شعبياً "المرواط"، وتستخدم لضرب ثمرة الجوز الصلبة البعيدة عن مركز جذع الشجرة وصعبة المنال، لأنه لا يمكن الاقتراب من أطراف الأغصان المعروفة بسرعة التكسر وعدم تحمل الأوزان عليها.

و"المرواط" تقطع من أشجار "المران" المتوفرة في البيئة البرية للقرية، وتتميز بقساوتها واستقامتها وطولها وخفة وزنها؛ وهو ما يسهل على العامل قطاف الجوز أو ما يسمى "النابور".

أشجار الجوز في كل مكان

فنقوم بضرب الثمار بقوة حتى تتساقط على الأرض، وبعدها نقوم بجمعها ووضعها في الشمس حتى تتيبس فتسهل عملية تقشيرها مما يسمى اللحاء، وهنا تكون جاهزة للبيع أو التخزين بحسب الرغبة».

وفي لقاء مع المدرّس المتقاعد "محمود المروح" قال بداية إن موسم الجوز هذا العام ليس كما المواسم السابقة نتيجة مرض ضرب الثمار وهي صغيرة، وأضاف: «يقدر محصول الجوز بوجه عام في القرية بعشرات الأطنان، لكن هذا العام كان له استثناء نتيجة مرض أثّر بالثمار، ومن المهم أننا ندرك قدرة أشجار الجوز على علاج نفسها طالما أن الشجرة سليمة؛ وهو ما يعني أن هذا الموسم ليس مقياساً أو معياراً لإنتاجنا العام».

ويتابع: «ارتفاعنا عن سطح البحر البالغ 750 متراً وفر لزراعة الجوز ساعات برودة مطلوبة لنمو جيد، إضافة إلى أنها محمية بوجه عام من الرياح نتيجة وجودها في السواقي».

بقي أن نذكر، أن ثمرة الجوز تباع في هذا الموسم بخمس عشرة ليرة سورية من دون تقشير، وبخمس وعشرين ليرة مقشرة جاهزة للتكسير.