يعمل "إبراهيم قاضون" في بيع السحلب الذي يصنعه يومياً من الحليب الطازج منذ ما يقارب الأربعين عاماً، كحرفة ورثها من والده وثابر على استمراريتها حتى أصبحت مهنته الوحيدة التي يعيش منها ويعيل بها أسرته ذات العشرة الأبناء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 شباط 2019، بائع السحلب "إبراهيم قاضون" ليحدثنا عن مهنته وكيف يتعامل فيها حتى بات زبائنه يبحثون عنه وينتظرونه يومياً لتناول هذا المشروب الشتوي، فقال: «أحضر حليب البقر الطازج يومياً، بكمية تصل إلى 12 كيلو غراماً، أجهز منها نحو ستين كأساً من السحلب، وذلك وفق طريقة تقليدية ورثتها من والدي الذي امتهن تحضير السحلب طوال حياته حتى باتت حرفة العائلة المتوارثة التي نعتمدها في معيشتنا اليومية.

طعم كوب السحلب يومياً شهي ودسم، ويغنيني طوال مدة الصباح عن أي وجبة غذائية، حتى إن نكهة القرفة معه له طعم مختلف، فبعد عمليات بيع السمك في المزاد والمجهود الكبير الذي نبذله ننتظر بائع السحلب يومياً كي نشتري منه ونعوض وجبتنا الصباحية

أقوم أولاً بغلي الحليب على نار هادئة، ثم أبدأ إضافة مادة السحلب الخام والنشاء بهدوء على الحليب المغلى مع عملية تحريك مستمرة ووفق كميات منتظمة، والتحريك المستمر هنا كي لا يتجمد الخليط، كما يضاف إليه خلال التحريك ماء الزهر والفانيليا حتى تمام التجانس، وحين إتمام العملية يصبح السحلب جاهزاً للبيع للزبائن والتناول ضمن أكواب بحسب الرغبة.

جانب ساحة السمك

وهنا أود التنبيه إلى أن المنتج يجب أن يبقى على نار هادئة طوال مدة الترويج والبيع، حيث يضاف إلى كل كوب مباع رشة من القرفة المطحونة بحسب الرغبة والطلب، كمنكّه يضفي طعماً ومذاقاً لذيذاً عليه».

ويضيف بائع السحلب الوحيد في مدينة "بانياس": «يجب أن يكون حليب البقر طازجاً يومياً وخالياً من أي إضافات كالماء مثلاً، كي يبقى دسماً، وإلا فلن تنجح عملية الطهو، وسيكون المزيج غير متجانس وطعمه غير مقبول، وهذا ما ميز عملي الذي جعلني متفرداً بمهنتي وينتظرني الجميع، حيث أغلب الزبائن يكتفون بكوب واحد فقط طوال مدة الصباح، وكأنه وجبة غذائية دسمة متكاملة.

السحلب

علماً أن كل ما يتبقى من السحلب بعد عملية البيع -وأغلب الأحيان لا يبقى شيء- أتخلص منه ولا أبقي شيئاً لليوم التالي، لأنه يتجمد ولا يعد نافعاً، ويمكن أن يصبح ضاراً بسبب فساد الحليب، واستمراري بهذا النهج في المهنة أبقى على مهنتي مستمرة كمصدر دخل أساسي لي أعيش منه وأسرتي ذات العشرة أبناء».

وعن طقوس بيع السحلب في الماضي وكيف طور عمله، قال: «في السابق كنت أضع السحلب في "الزبادي" الزجاجية، وكان شكلها جميلاً جداً، لكنها كانت تحتاج إلى تنظيف وتعقيم يومي، وكي أخفف من التعب على نفسي، بدأت استخدام الكؤوس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، وبعد استخدامها من قبل الزبائن توضع في كيس مهملات خاص، لأحافظ على نظافة المكان الذي أستخدمه يومياً في فصل الشتاء فقط.

ابراهيم قاضون

وخط سيري معروف من قبل الزبائن لكوني مستمراً عليه منذ عدة عقود، حيث أقف عند دوار البلدية "دوار المحطة" منذ الساعة السادسة صباحاً، بعد جولة أقوم بها من المنزل حتى موقع العمل الأول، وأبقى هناك حتى تمام الساعة الثامنة تقريباً، ثم أنتقل إلى ساحة "السمك"، حيث يجتمع الصيادون بعد الانتهاء مع عمليات الصيد والتفرغ لعمليات البيع».

"أحمد موسى" أحد الزبائن الذين اعتادوا تناول السحلب يومياً، وينتظر "إبراهيم قاضون" ليصل إلى موقع العمل بفارغ الصبر لكونه الوحيد الذي يعمل بهذه المهنة بحسب ما قال، وتابع: «طعم كوب السحلب يومياً شهي ودسم، ويغنيني طوال مدة الصباح عن أي وجبة غذائية، حتى إن نكهة القرفة معه له طعم مختلف، فبعد عمليات بيع السمك في المزاد والمجهود الكبير الذي نبذله ننتظر بائع السحلب يومياً كي نشتري منه ونعوض وجبتنا الصباحية».

يشار إلى أن "إبراهيم قاضون" من مواليد عام 1952، يعمل أعمال حرة في فصل الصيف، كون بيع السحلب شتوي فقط.