كغيرهم من أبناء محافظة "طرطوس" ومثل أيّ شخص عادي يطمح إلى تحسين وضعه المادي وتحقيق أفضل مستوى معيشي له ولأبنائه، توجه هؤلاء الذين يقدر عددهم حالياً بعدة آلاف نحو الضوء الذي ظهر في آخر النفق ليعتمدوا على تجارة العصر وما سمي بـ"التجارة الإلكترونية".

الجولة التالية التي قام بها eSyria بتاريخ 21/5/2009 حملت مستويات متفاوتة من الرضا عن هذه التجربة الجديدة والتي حدثنا عنها بعض المتوجهين نحو هذه التجارة من شرائح مختلفة.

تعرفت على شركة "عالمية للتجارة الالكترونية" بالصدفة وبعد تردد لمدة شهرين زرت أحد المكاتب التي تعمل في هذا المجال للتأكد من المصداقية، وهناك حصلت على معلومات إضافية

"أحمد عروس"، وبرغم عمله في مجال التجارة التقليدية (الأدوات الصحية) تعرف على هذه التجارة التي لا تحتاج إلى مثل محله الكائن في شارع "الثورة"، وعند زيارته حدثنا قائلاً: «تعرفت على شركة "عالمية للتجارة الالكترونية" بالصدفة وبعد تردد لمدة شهرين زرت أحد المكاتب التي تعمل في هذا المجال للتأكد من المصداقية، وهناك حصلت على معلومات إضافية».

أحمد حسام الدين

وأضاف: «ما شجعني للتسجيل في هذه الشركة العدد الكبير من الناس الذين كانوا يسجلون، إضافة إلى رغبتي في التجربة والمغامرة، ولكون هذا النوع من التجارة لا يحتاج إلى جهد كبير أو ساعات عمل طويلة، ويمكن اعتباره عملاً إضافياً».

من منطلق "اسأل مجرباً" سألناه عن مزيد من التفاصيل فأجاب: «بحسب تجربتي تعتمد هذه التجارة على قوة الإقناع والمغامرة والرغبة بتحسين الأوضاع المادية، ومن المهم لمن يسجل أن يتعلم كيف يبين مصداقية الشركة وآلية عملها، وعدم إعطاء أي وعود غير حقيقية للناس».

د.حسن معلا

وعن بعض نتائجها علق بالقول: «من فوائد هذه التجارة تحسين الوضع المادي لبعض الأشخاص عن طريق الأموال الأجنبية التي يحصلون عليها من عمولات، لكن من ناحية أخرى هناك نقل لمبالغ كبيرة إلى الخارج، فالمستفيدون هم أقلية.

المؤسف هو تسجيل الكثيرين من دون فهم تفاصيل العمل وطريقة الاستفادة، وجهل قسم كبير من غير المسجلين لمثل هذا النوع من التجارة كونها حديثة العهد في "سورية"، فيظنون أنها مرتبطة بالاحتيال لاستخدامها الإنترنت، ويقولون أنها شركة وهمية ليس لها وجود».

منتجات تعرض على الشبكة

في القطاع العام أيضاً كان لنا حوارات أخرى ومنها في "مديرية التربية" مع "علي حسين" الذي تزامن اشتراكه مع تساؤل وتردد قال عنه: «منذ حوالي سنتين دعيت إلى اجتماع لشرح طريقة العمل في شركة "عالمية للتجارة الالكترونية" وكان هناك من الحضور أطباء ومهندسون، فكنت متردداً لأنني لا أعرفهم، وقد تم الحديث عن منتجات مثل الساعات والذهب والعملات والطب البديل، ومنذ حوالي ثلاثة أشهر اشترك ثلاثة من أقربائي في نفس الشركة، مما شجعني على الاشتراك بعد الاطلاع على نظام العمولات».

وأضاف: «في النصف الثاني من عام 2008 زاد عدد المشتركين في المحافظة بشكل غير متوقع، وربما يعود ذلك إلى كونها فرصة غير مسبوقة وذات رأسمال قليل في شركة عالمية، كما أنّ الوقت اللازم لهذا العمل هو أقل بكثير من الوقت اللازم للتجارة التقليدية».

ما تزال هذه التجارة تعاني من الكثير رغم حداثتها، وبحسب كلامه: «الكثيرون ممن لجؤوا إليها مازالوا يحملون نهج التجارة التقليدية دون التفكير بأي شيء آخر مثل الاهتمام وتعلم أسسها، فمن الطبيعي ألا يستفيدوا دون جهد معين وإلا أصبحت الشركة موضع شك في جميع أنحاء العالم، وربما من الأفضل أن تبيع الشركة منتجات مفيدة وليست كمالية مثل أجهزة الخليوي وآلات التصوير».

أما "تيماء مصطفى" فقد فضلت الاكتفاء بعملها الأساسي في نفس الدائرة، وكما عبرت: «تعرفت على شركة تسويق شبكي من بعض الزملاء والأصدقاء، وقد طرح الموضوع منذ حوالي سنة وشجعني أحد أقربائي بعد مدة، فكان المطلوب من كل مشترك شراء منتج فاخترت قلادة من منتجات "الطب البديل"، وبعد فترة لم تكتمل قناعتي بهذا النوع من العمل بسبب الحاجة إلى متابعة متواصلة، وفي فترة تسجيلي كان هناك أعداد كبيرة من مهندسين وأطباء ومحامين ومعلمين».

شأنه شأن الكثير من أمثاله كان يطمح "أسد حسن" من خلال هذه التجارة إلى تحسين أوضاعه المعيشية خاصة وأنه من أصحاب المهن الحرة، حيث شرح لنا بالقول: «تعرفت على هذه التجارة منذ عام 2008، عن طريق صديق، حيث شرح لي آلية عمل الشركة ومصداقيتها، وأنها موجودة على أرض الواقع من خلال المصانع والفنادق والمنتجعات، فتشكلت لدي قناعة من باب أنها فرصة عمل عبر الإنترنت وحجزت موقعاً باسمي، حيث كان من شروط الشركة لأصبح عنصراً فعالاً (وكيلاً يحصل على عمولات)، شراء أحد منتجات الشركة مثل منتجات الطب البديل والساعات والمجوهرات والرحلات».

وأضاف: «اشتركت بشراء منتج بقيمة أكثر من 30 ألف ل.س ومما شجعني (وشجع الكثيرين) وجود أشخاص يستفيدون بمبالغ كبيرة أسبوعياً، لا تتناسب أبداً مع الجهد المبذول، ومما شجع أيضاً أن العمولات يتم استلامها فوراً على شكل أرقام ورموز إلكترونية (مثل بطاقات الشحن)، ويتم استلام المبلغ بتحويله من عملة الشركة المسماة بـ"الإيكارد" إلى العملة المطلوبة أو تحويله كشيك من الشركة».

بالرغم من تحميل الشركة المشتركة لكامل المسؤولية من فهم آلية الشراء والدفع والتسجيل والتي تذكرها في بنود تسبق عملية التسجيل أو الشراء ففرصة الاستفادة المادية مستمرة عند تحقيق شروط العمولات التي أضاف عنها: «مبدأ هذا النوع من التسويق يقوم على تعريف شخصين وتفعيلهما فيصبحان كذراعين ليتم تعليمهما ليكونا نسخة عنه، وعندما يصبح عدد المبيعات من كل جهة ثلاث وحدات بيع يحصل المشترك على عمولة معينة».

وعن متطلبات العمل الأخرى شرح: «يحصل كل مشترك على نوطة يتعلم فيها أصول هذه التجارة وكيفية تجاوز العقبات بحيث لا يجد أي سؤال بدون إجابة إذا سأله أحد عن الشركة، فجوهر هذه التجارة إقناع الشخص الآخر، كما يتعلم كل شخص البدء في دائرة نفوسه أي المقربين وبعد ذلك التوسع إلى دائرة المنطقة والمدينة حتى تشمل العالم كله».

وفي لقاء مع "أحمد حسام الدين" (موظف في مؤسسة المياه)، أكد لنا خلو هذه التجارة من أي نوع من أنواع الغموض، وبحسب تعبيره: «بداية هذه التجارة بالنسبة لي كانت خلال 2008 عن طريق صديق، وما شجعني على العمل بها أن الربح مشترك بين الوكيل والشركة كما أن أسعار الكلفة للمنتجات واضحة، ويوجد تعليم مفصل عن طبيعة وآلية العمل من خلال نوطة مترجمة إلى اللغة العربية.

ووجدت ناحية إيجابية أخرى وهي تعليم العمل على الحاسب، ومثل أي مشترك كنت أطمح إلى تحسين الوضع المادي والمعيشي، الذي يتطلب الكثير من الجهد والوقت والمال في التجارة العادية».

وتابع عن ردود الفعل المختلفة من قبل المجتمع فقال: «قد يظن البعض أن لهذه التجارة آثاراً سلبية على اقتصاد البلد، لكن من المعلوم للمشتركين أن عملهم يمكن أن يمتد إلى خارج "سورية" ليحصلوا عند ذلك على عمولات من الخارج وهذا ما يحسن ويدعم الاقتصاد».

العمل في مجال التجارة سواء التقليدية أو الإلكترونية ليس بالضرورة أن يكلل بالنجاح، وعن بعض نتائجه في النوع الأخير يقول: «إن عامل الفشل لدى الكثيرين من الناس يمكن أن يكون دافعاً للحديث بشكل سلبي عن الشركة ووضع الآخرين موضع الاتهام، وقد صادفتنا نماذج منهم.

أما الشريحة الأخرى من غير المشتركين فيتحدثون عن الشركة بشكل سلبي لعدم معرفتهم عن طبيعة العمل بشكل كامل أو عدم الحاجة لتحسين أوضاعهم المادية وقد يتأثرون بما يسمعون بسهولة، وحالياً وبعد حوالي عامين من العمل في هذا المجال نقدر عدد المشتركين في المحافظة بعدة آلاف وهذا يدل على مصداقيتها وليس على وهميتها».

هذه العوامل تهم المشتركين بشكل أساسي، لكن لدى أصحاب الشأن هواجس أخرى قال عنها: «تقوم الشركة بندوات ومؤتمرات محلية ودولية لحضور المشتركين وتعليمهم أسس العمل بشكل سليم وعدم استخدام أسلوب مغاير للحقيقة بهدف الكسب المادي، وبالنسبة للعمولات فلا يوجد أي تخاذل من الشركة ويتم استلامها بدقة في مواعيدها عند استحقاقها».

الفئة الأخيرة التي اخترناها كانت شريحة الأطباء ومنها "حسن معلا" (طبيب قلبية) الذي شرح لنا تفاصيل متعددة عن التجارة الإلكترونية منها: «تعتبر هذه التجارة بالنسبة لأي مشترك فرصة عمل وخاصة لأصحاب الدخل المحدود بشرط أن يلتزم بمبدأ العلم والمعرفة وهما رأسمال هذا العصر الإلكتروني الذي خلق عالماً افتراضياً إضافة إلى عالمنا الحقيقي».

وتابع: «في التجارة الإلكترونية ليس هناك خسارة ورأس المال المطلوب بسيط والمنتجات ذات قيمة جيدة مقارنة بمنتجات من مثيلاتها في الأسواق ومنها السياحية والصحية والمجوهرات والعمولات، وهذه المنتجات مدروسة بحيث تعتبر مقتنيات غير معرضة للتلف وتخدم الاقتصاد الوطني».

ولتوضيح المزيد عن الأسس الجديدة أضاف: «هذه التجارة مبنية على التعاون بين أفراد المجموعة كفريق واحد، وقد أضفت تغييراً مادياً واجتماعياً وعلمياً لدى الأفراد حيث حولت الفرد من شخص عاطل عن العمل إلى شخص متعلم يجلس أمام الحاسب ويعمل عن طريق الإنترنت، أي شخص طموح وهذا بحد ذاته إنجاز برأيي ينعكس عليه وعلى أفراد أسرته».

وعن التأثير الإقليمي المتبادل شرح بالقول: «هذا العمل هو عبارة عن عمل عالمي لا يخص "سورية" بالذات فهي تعتبر مركزاً لانطلاق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، وتأتينا أرباح كثيرة بالعملة الصعبة من الدول المجاورة مثل "مصر"، "الإمارات" وغيرها بسبب دخولهم في هذا العمل عن طريق مشتركين في "سورية"، مثلما كانت بدايتها في "سورية" عن طريق دول مجاورة».

المفاهيم الجديدة التي تعتمدها هذه الشركات هي مغايرة تماماً للفكر التقليدي المستخدم في التجارة التقليدية، بل أنها تتطلب الابتعاد عنه تماماً لتعتمد على الاستنساخ (التعليم ونقل المعلومات بالكامل) وليس على مزيد من عمليات البيع على المدى القريب، وبحسب قوله: «مبدأ التسويق الشبكي في الشركات غالباً هو بحذف الوسائط أي أن الأموال التي تدفع بمبالغ كبيرة للإعلان والترويج والوكلاء تتوزع بشكل عادل على المشتركين لقاء الترويج من شخص لشخص (الدعاية الشفهية)».

من أهم الصلاحيات التي يحصل عليها كل شخص إضافة إلى متجره الافتراضي الحصول على العمولات، والطريقة هي بحسب د."حسن": «عن طريق شراء منتج يصبح الشخص وكيلاً لمدة 90 سنة، والمطلوب مبدئياً تعريف شخصين من دائرة النفوذ وهذا هو مبدأ التجارة الإلكترونية المبني على الترويج الشفهي ودائرة النفوذ، فهو مبدأ ثنائي وليس هرمياً ويعتمد على نظام رياضي مدروس بدقة عن طريق متوالية هندسية».

ومن الإحصائيات المتعلقة يذكر: «عدد المشتركين في هذه الشركة هو ما يزيد عن 5 ملايين مشتركاً في أكثر من 190 بلداً، وهذا مرده المصداقية العالية حسب ما أرى من حيث المنتجات وتوزيع العمولات بدقة، ونتمنى من المسؤولين في وزارة الاقتصاد المساعدة في تسهيل هذا النوع من العمل وعدم خلق العراقيل أمام المشتركين».