قدّمت الفنانة ومدرّبة الأشغال اليدوية "ابتسام معلا" رؤية خاصة للأحجار البحرية المتوافرة في بيئتها، اعتمدت فيها على البعد الفني المتماهي الألوان والسطح الغرافيكي، وكذلك بالنسبة للكروشيه، وقد لعب الدور الأساسي في رؤيتها الموروث العائلي.

عملت الحرفية "ابتسام معلا" على نموذج جديد بالنسبة لعملها الفني الحرفي تداخل فيه الفن مع الحرفة اليدوية، وهنا قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 كانون الأول 2018: «عملت من خلال الأعمال الفنية التي أقدمها على رؤية خاصة لأنني أبحث عن التميز فيها، حيث اشتغلت فنياً -إضافة إلى الأعمال الفنية التي امتهنت صياغتها- برؤى خاصة بي تختلف تماماً عما هو متداول، اشتغلت على حالة فنية جديدة، حيث قمت بتشكيل اللوحات الفنية بالحجر البحري المتوافر في بيئتي الساحلية متماهية على السطوح الغرافيكية مع الألوان، وقدمت من خلالها أفكاراً مستقاة من واقعي وبيئتي ومحيطي، لتكون قريبة من تفكير المتلقي، كلوحة القرية التي تبدو متماسكة في مختلف المناسبات.

أحاول دوماً تقديم شيء من اللا شيء لأثبت أن المرأة قادرة على العطاء مهما كانت ظروفها، وتنمية مهاراتها ومواهبها واستثمارها بما ينفعها، وهدفي البعيد التحفيز على العطاء وخاصة في ظل الظروف الصعبة وضيق الأحوال المادية، حيث يمكن أن تكون هذه المرأة سنداً مهماً للرجل

وهذا النموذج الفني يحتاج إلى مهارة عالية في طريقة توظيف الأحجار البحرية من دون المساس بكيانها الأساسي، فهي حين أجمعها من الشواطئ البحرية أرى فيها الفكرة تماماً؛ وساعدني في هذه الرؤية التجربة الفنية الممتدة لعقد من الزمن، وقدرتي على توظيف الأدوات والمواد الطبيعية المتوافرة بين يدي.

من أعمالها

فالأفكار تتعدد وتتنوع وتختلف باختلاف المواد الأولية الموجودة، ثم يأتي دور التوظيف الفني لها، فكثيرون من الناس يشاهدون هذه الأحجار ولا يعيرونها أي اهتمام، لكن رؤية الفنان تختلف دوماً عن رؤية الإنسان العادي، ومن هنا تأتي قيمة العمل الفني وتبرز كتجديد غير متداول.

وخلال تجربتي، اشتغلت أيضاً على مادة أولية متوافرة بين يدي النساء دوماً ولها طريقة توظيف وحيدة برأيهن، وهي شك الخرز وتزيين الملابس به فقط، بينما أنا عملت على صناعة وتزيين المجسمات به، فقدمت أشكالاً لها هيئة الأشجار مثلاً، وأضفت الخرز الملون ليعطيها جمالية مختلفة عن المعتاد».

"الماندالات"

وقد حاولت الفنانة "ابتسام" تغيير بعض النظريات السائدة في المجتمع من خلال رؤية فنية لبعض الأشغال اليدوية، وأوضحت ذلك بقولها: «اشتغلت على "الماندالا" التي تعدّ وفق طقوس تراثية لبعض الشعوب منها الأفريقية كما "صائدات الاحلام" للراحة النفسية والفأل الجيد، وقدمتها بأشكال هندسية مختلفة عن المتداولة وأدخلت إلى بعضها الخيوط المتنوعة والملونة لتبقى محافظة على كينونتها الأساسية، كأشكال هندسية ودائرية، فهي معروفة لدى الأغلبية بأنها لوحات فنية مرسومة فقط، ولم أنسَ عمليات إعادة التدوير من بقايا الملابس، وهذا مفيد في ظل الظروف الصعبة التي نمرّ بها، كما أدخلت الكروشيه إلى لوحات فنية لأشكال طبيعية منها الأزهار، حيث كان معروفاً لدى أغلب النساء أن الكروشيه للملابس وزينتها فقط، وليس لصناعة لوحات فنية، وهدفي هنا محاولة تغيير بعض النظريات السائدة في المجتمع كخطوة أولى لتحقيق الفائدة والريعية المادية والفكرية».

وعن بداياتها ودور البيئة المجتمعية في حياتها الفنية، قالت: «أعمل بهذه الحرفة الفنية منذ عشرة أعوام، ودرّبت فيها الكثيرات من النساء ليصبحن قادرات على الإنتاج، وهذا ما أعدّه رسالتي في المجال الفني، وللبيئة التي نشأت فيها دور كبير في تنمية موهبتي وصقلها، فإخوتي "طلال، وأحمد، وأسامة، وبسيم" فنانون معروفون في مجال التشكيل والديكور».

الحرفية "ابتسام" مدرّبة أشغال يدوية في عدة جمعيات تنموية وأهلية ولها بصمتها في هذا المجال، وهي تعمل من خلال حرفتها ورؤيتها الفنية على عدة أهداف، وهنا قالت: «أحاول دوماً تقديم شيء من اللا شيء لأثبت أن المرأة قادرة على العطاء مهما كانت ظروفها، وتنمية مهاراتها ومواهبها واستثمارها بما ينفعها، وهدفي البعيد التحفيز على العطاء وخاصة في ظل الظروف الصعبة وضيق الأحوال المادية، حيث يمكن أن تكون هذه المرأة سنداً مهماً للرجل».

وفي حديث مع "مي عثمان" المهتمة بمجال الأشغال اليدوية والمتابعة لأعمال الفنانة "ابتسام"، قالت: «تقدم "ابتسام" من خلال أعمالها الفنية وحرفتها بالأشغال اليدوية الكثير من النماذج الفنية غير المسبوقة، متحدية القوالب العامة لتلك الأعمال، كما أنها كريمة ومعطاءة ولم تبخل على كل مهتم في منحه المعرفة ليصبح قادراً على تحقيق التغيير في حياته، فأعمالها الفنية جميلة ومنها غير المسبوق، والأهم نظرتها إلى هذه الحرفة والأشغال اليدوية وإعادة التدوير، التي تؤكد من خلالها قدرة المرأة على إحداث الفرق والتغيير في حياتها».

يشار إلى أن الفنانة الحرفية "ابتسام معلا" من مواليد مدينة "بانياس"، عام 1960.