قيمة الإنسان بالعمل الذي يقدمه، إن كان العمل لمجرد العمل أو لضرورة كبيرة كما هو حال الطالب الجامعي، الذي يسعى لتأسيس مستقبله من المدرجات الجامعية تداركاً للوقت والحاجة.

فمن وجهة نظر هذا الطالب الجامعي الوقت والعمل مهمان جداً، لأن سوق العمل الضعيف أساساً، لا ينتظر أحداً، والجدير من يغوص فيه، ويتمرس عليه، قبل الموعد المحدد مع انتهاء الدراسة الجامعية، فقد لا يتمكن رغم دراسته الجامعية من العمل وفق اختصاصه الأكاديمي، لذلك وجب عليه بحسب رأي الشاب "علي منصورة" أن يحقق شيئاً لمستقبل يعج بالنشاط، فالطموح كبير والتأسيس له أكبر، وأصعب من أن يدرك بين ليلة وضحاها، وهنا قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 شباط 2015: «بدأت العمل الحر منذ سن مبكرة جداً، لأسباب عدة أهمها الحاجة المادية أمام ضعف المدخول الأسري وكثرة عدد أفراد العائلة، ثانيها أنه على الشاب أن يثبت قدرته على العمل وتحمل أعبائه، وهو ما يساهم في تبني الجسد واعتياده العمل الصعب الذي قد يضطر له مستقبلاً.

لا أجد مانعاً في عمل الطالب الجامعي إن كان لديه الوقت ولا يؤثر في دراسته، لأن هذا العمل سيجعل منه شخصاً قادراً على تحدي الصعاب في المستقبل، فسوق العمل ليس مفروشاً بالورود كما يظن بعضهم

وقد كانت لي تجارب كثيرة في العمل الحر، أولها التجارة بالألبسة، وقد أكسبتني خبرة كبيرة سأستفيد منها مستقبلاً إن عملت في هذا المجال، وخلقت لدي طموحاً غير محدود ساهم بصقل شخصيتي وجعلني أعتمد على ذاتي، لتأسيس ما أحلم به في المستقبل، وهو أن أكون رجل أعمال.

الشاب علي منصورة

في الأغلب لم يؤثر عملي في دراستي رغم معارضة الأهل، وظنهم أنه سينعكس عليها، وهنا كان التحدي لإثبات عكس هذه المقولة أمام الأهل المنتظرين للشهادة الجامعية، والحمد لله أنا الآن في الجامعة أدرس الحقوق وأعمل».

الأفق الذي توضحت معالمه أمام الشاب "علي" دفعه للعمل بالكثير من الأعمال، وهنا قال: «التأسيس للمستقبل ليس بالأمر البسيط، وهنا حاولت التنويع بالأعمال التي أعمل بها حتى ولو كانت بعيدة عن دراستي الأكاديمية، بهدف صقل الشخصية والغوص في عالم العمل ومشكلاته وهمومه وصعوباته، وهنا يمكنني القول إنني لم أفشل، بل ما زلت أحاول بالتوازي مع دراستي التي أحب، فمهما كان عملي وقدري ووزني الاجتماعي في المستقبل، فالناس سيسألونني بداية عن مدى ثقافتي وتعليمي الأكاديمي، ومن هذا المنطلق نشأ لدي حب الثقافة والتحصيل العلمي».

الشاب مهند حسن

الشاب "مهند حسن" طالب جامعي سنة ثالثة هندسة زراعة، قال: «حلمي أن أكون شاباً ناجحاً ومنتجاً دفعني للعمل خلال الدراسة الأكاديمية، وهذا بالتوازي مع تخفيف أعباء ونفقات الدراسة الجامعية عن الأسرة، ليتسنى لها الإنفاق على بقية إخوتي كما أنفقت عليّ.

لا أجد ضيراً في العمل ومتابعة الدراسة، بل على العكس أجدها فرصة يجب أن يدركها كل طالب جامعي، خاصة أن التزام الجهات الرسمية بالاختصاصات الأكاديمية، وتأمين فرص عمل لهم بعد التخرج، بات حلماً كما أرى في هذه الفترة، وهذا ليس عيباً في الدولة، وإنما الضعف في سوق العمل أمام العدد الكبير المتجه نحو هذا السوق باختصاص أو من دونه».

ويضيف الشاب "مهند": «في الوقت الحالي استأجرت محلاً تجارياً شراكة مع صديقي الطالب الجامعي "علي منصورة"، وفتحناه كافيه، نستقطب الشباب من الأصدقاء الجامعيين وغيرهم، وهذا المشروع بعد تفكير طويل به، لنواكب ما يرغب به الجيل الشاب وما يهتم به، وأعمل أيضاً بالتسويق الإلكتروني لبيع وشراء أو استئجار الشقق والمحال التجارية، وهي فكرة رائدة مع تزايد عدد سكان المحافظة، ولكسر جماح وجشع أصحاب المكاتب العقارية.

جميع هذه الأعمال وتعددها لم تثنني عن دراستي الجامعية أو تبعدني عنها، ولكن الحاجة إلى الغوص في سوق العمل بعد التخرج يجب أن يؤسس له مسبقاً برأيي، وهنا قد أختلف بالرأي مع كثيرين من الأصدقاء الجامعيين الذين يعتمدون في مصاريفهم على أسرهم، والذين من المؤكد سيقطعونه عن بعض أفراد الأسرة لتأمينه لهم، وهذا ما أعتبره أنانية منهم، فلماذا لا ينطلقون للعمل؟»

الشاب "جعفر سعود" يعمل كمدرس خصوصي وفق نظام الساعات إلى جانب دراسته الجامعية، وهنا يقول: «أوضاعي المادية ليست جيدة؛ وهو ما يجعلني أعتمد في مصروفي الجامعي على أسرتي، وهذا دفعني للعمل كمدرس وفق نظام الساعات في إحدى المدارس، لتأمين شيء من مصروفي الشخصي، وشجعني على تحدي الصعاب لمتابعة تحصيلي العلمي والتخرج بأسرع وقت، لأكون شاباً منتجاً يعيل أسرته ويسعى لتأمين مستقبله بنفسه، لأنه مدرك أن والده لن يتمكن من مساعدته كثيراً».

ويتابع الشاب "جعفر" فيقول: «لا أجد مانعاً في عمل الطالب الجامعي إن كان لديه الوقت ولا يؤثر في دراسته، لأن هذا العمل سيجعل منه شخصاً قادراً على تحدي الصعاب في المستقبل، فسوق العمل ليس مفروشاً بالورود كما يظن بعضهم».

الشاب "نور الدين شدود" طالب حقوق سنة رابعة، قال: «أنا مضطر كطالب جامعي للعمل لتحسين أحوالي المادية لتتناسب ومتطلبات متابعة التعليم، وهذا إلى جانب أهمية تحقيق نجاح على الصعيد العملي، أي الغوص في سوق العمل الذي سأدخله عاجلاً أم آجلاً، والأهم من هذا وذاك أنها تجربة يجب أن أمر فيها، ووفقاً للنتائج تحدد النهايات، لتبقى في النهاية ذكرى أفخر بها.

وهنا أود أن أذكر أنني لم ألقَ أي تشجيع من قبل الأهل، بحجة تأثير العمل في متابعة الدراسة، وهذا ما اضطرني لقطع وعود بخلق حالة من التوازن بين عملي وتعليمي، وفي الحقيقة لم أتمكن من تحقيق هذا التوازن، وهو ما اضطرني لإطالة سنوات الدراسة، مع تقدمي بالعمر، وهذا قد يبعدني بعد التخرج عن فرص الحصول على عمل وظيفي حكومي، ومع هذا المعنويات عالية والأمل بالتخرج بات قريباً جداً».