قدّم العازف "غيث سعادات" المولع بالعزف على الناي موسيقا خاصة قابلة للتمازج مع أي آلة موسيقية أخرى وأسماها "حنين" و"عوجا"، وحمّلها من أحاسيسه الكثير، ومن أوجاع مجتمعه أكثر.

مدونة وطن "eSyria" التقت العازف "غيث سعادات" وشغف الموسيقا يقول: «الموسيقا هي اللغة الوحيدة التي يعرفها الجميع بكل بساطة، فهي لا تحتاج إلى شرح أو توضيح حتى يدركها المتلقي ويدرك من خلالها مشاعري وأحاسيسي كعازف شاب، وهذا الأمر أدركته منذ سنّ الثالثة عشرة، حين بدأت العزف على آلة "الكمنجة"، وتجاوزت فيها مراحل حياتية عدة».

الموسيقا هي اللغة الوحيدة التي يعرفها الجميع بكل بساطة، فهي لا تحتاج إلى شرح أو توضيح حتى يدركها المتلقي ويدرك من خلالها مشاعري وأحاسيسي كعازف شاب، وهذا الأمر أدركته منذ سنّ الثالثة عشرة، حين بدأت العزف على آلة "الكمنجة"، وتجاوزت فيها مراحل حياتية عدة

لم يتوقف "غيث" عند حالة تعلّم واحدة، بل تابع تعلّمه على عدة آلات موسيقية، منها "الناي" كآلة نفخية أحبّ حنينها، فهو بطبعه يميل إلى التعلّم المستمر، لأنه يعلم تماماً أهمية العلم والمعرفة والثقافة الموسيقية التي يجب أن يتحلّى بها الموسيقي، وهنا قال: «بعد تعلّم العزف على آلة "الكمنجة" انتقلت لتعلّم العزف على آلة "الناي" بجهود شخصية وتعب فردي وتدريب متواصل، حتى أصل إلى معرفة ترضي شغفي تجاهها، خاصة أن الكثيرين من العازفين يعدّونها آلة الإحساس المرهف.

غيث سعادات يعزف على الناي

لكن صعوبة الحصول على المعلومات كان أبرز معوقات التعلّم؛ لكونه لا يتوفر الكثير منها كمشاع إبداعي على شبكة الإنترنت والمواقع الموسيقية التخصصية، وكان هدفي التمكن من نقل أحاسيسي وأفكاري الموسيقية التي تدور في رأسي من خلالها إلى المتلقي، وكانت النتائج مرضية جداً بالنسبة لي، فتمكنت خلال مراحل التدريب والتعلّم من عزف عدة أنواع من "لونغات" خاصة لي كموشحات ومقطوعات صعبة للغاية، ومنها ما أسميته "حنين" التي استطعت من خلالها نقل كل من يسمعها إلى ذكرياته الخاصة عبر الإحساس».

كما كوّن العازف "غيث" علاقة خاصة مع "الناي"، أوضحها بقوله: «ببساطة "الناي" بالنسبة لي أخ وصديق ورفيق وأمّ، لأنه قادر أن يأخذ كل الشخصيات التي أحتاج إليها بتحدٍّ كبير، على الرغم من أنه من الآلات النفخية الصعبة في التعامل، وساعدني في ذلك بيئتي المجتمعية المحيطة من أهل وأصدقاء، وثقتهم بما أملكه من موهبة وملكات وأحاسيس، فوفروا لي الأجواء الخاصة».

غيث خلال تدريبه للأطفال

كما تمكن من تقديم مقطوعات موسيقية تمازجية بحالة فريدة، قال عنها: «هذا النوع من العزف الموسيقي الذي أقدمه مزج ما بين عدة آلات لنوتة واحدة ويسمى "هارموني"، وينتج ما يعرف موسيقياً بـ"الميلودي" الواضحة، وهي موسيقا هادفة على الصعيد الشخصي، وتعمم لتوصل الأفكار والأحاسيس الداخلية، فتصبح موسيقا عامة يتلقاها الجميع، وهذا أمر قلما نجد مثله ضمن واقعنا».

قدم "غيث" مقطوعاته الموسيقية في الأماكن العامة، كالمركز الثقافي العربي في "طرطوس" و"بانياس"، وعبر "السوشيال ميديا"، ومنها مقطوعة "حنين" التي تعدّ انعكاساً لحالته الشخصية، ومقطوعة "عوجا" التي تعدّ منعكساً لحالة اجتماعية.

وفي لقاء مع الفنان المغني "زهير زغبور"، قال: «من خلال عملي الفني مع عازف الناي "غيث" أدركت لديه الإنسانية بشعورها وتعاملاتها وأخلاقها، فهو إنسان ذو خلق عالٍ وإحساس مرهف، وهذا قبل أن يكون موسيقياً؛ وإلا لما تمكن من هذا العمل السهل الممتنع، وخاصة على آلة "الناي" المعروفة بإحساسها العالي، وأخذها من الذات الشخصية الداخلية العميقة للعازف.

كما أنه شخص صادق ومحب ومسامح بطريقة عزفه على "الناي"، وهذا مكّنه من تقديم أي شيء عزفاً عليها، فلا يستصعب شيئاً في العمل، ويعتمد التجريب والتكرار حتى النجاح في أي مقطوعة.

والأهم أنه يخاف على الموسيقا ويشعر بها، وقد قدم مقطوعته "حنين" من وحي الألم الإنساني وقدمها من روحه، فكانت خفيفة وناعمة كأصابعه على الآلة، وتنقل بين المقامات الموسيقية ببراعة».

يشار إلى أن العازف الموسيقي "غيث أحمد سعادات" من مواليد "طرطوس"، عام 1998.