أبدعت بكلمات منبعها روح نابضة بالحياة، ومصبها قلوب قرّاء آمنوا بموهبة اتخذت من الصبر والأمل ونيساً لها، وسلاحاً في رحلة هزمت فيها الإرادةُ اليأسَ.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 أيار 2019، الكاتبة "منال محمد يوسف" لتحدثنا عن رحلتها في عالم الكتابة والأدب، حيث قالت: «بدايتي كانت عندما حاولت أن أنسج من خربشاتي الطفولية قصيدةً أهديتها إلى والدي في عيد العمال، هي البداية الأجمل واللحظة التي لن أنساها ما حييت، والحقيقة إنني خلال هذه السنوات كان التميز حافزي الرئيس، لأضع بصمةً في عالم الأدب، أو حتى ومضةً على الأقل، ومازال هذا هاجسي حتى الآن، وقناعتي الدائمة بأننا بالكلمة الطيبة والجميلة فقط نرتقي ونصل إلى ما نريد، وفي الحقيقة تتوفر في منزلنا بيئة لطالما كان لها أثر عظيم في دخولي عالم الكتابة، فالجميع هنا مهتمون بالقراءة، وقد كانت لهم عدة محاولات، وفي عيني والديّ فرح دائم وتشجيع كبير».

يبقى أملي دائماً أن تصل كلماتي إلى حيث يجب أن تصل، وأكتب ذاتي بمحبرة الأمل والأدب، ويسمو قلمي بكتابة حروف عشقي لهذا الوطن الحبيب المعطاء

وتتابع: «كتبت ولا أزال في جميع الحالات والشجون والوجدانيات الإنسانية، أكتب الحزن والفرح والحب، وأكتب للوطن قصائد، أحاول كتابة الشيء الوجداني الذي يخص الذات الإنسانية وننشده جميعاً، وأتمنى أن أملك دائماً تلك المحبرة التي تكتب بجميع الأنواع الأدبية الجميلة.

أحد التكريمات

وكما لكل وردة لونها وأريجها الخاص، كذلك هي الأجناس الأدبية، وأنا أعشق كل لون وعطر منها، أكتب الرواية والشعر، كما أكتب المقالة في صحيفة "الثورة"، منها مقالة حملت عنوان: "أناشيد التعب" كتبتها بمناسبة عيد العمال مؤخراً، وفي كتابة السيناريو لي تجربة لكنها لم تبصر النور حتى الآن، وإلى جانب عدد من الأعمال التي لم تطبع بعد، كان لدي في الشعر ستة دواوين مطبوعة، وهي: "أبجديات الوجع"، و"الورود في عامها المليون"، و"على طريق النور"، و"أنا القصيدة"، و"الريح"، و"لي حكاية أخرى"، وروايتان؛ الأولى بعنوان: "حلم"، أما الأخرى، فقد أسميتها "الرجل القريب الغريب"، وحالياً أعمل على كتابة رواية ثالثة تتناول الأزمة السورية، وبرأيي الرواية فضاء واسع، أو ربما بحر عميق، إنها فن جميل، والأجمل أن نكتبه ونرسم ملامحه، شرط أن نكون مسؤولين عما نكتب ونتخيل، والأكثر من ذلك أن نكون قادرين على المزج بين المتخيل والواقعي، وهنا أظن أن النتيجة ستكون بالفعل عملاً روائياً جديراً بالقراءة».

وتضيف: «حصلت على عدد من التكريمات في محافظتي "طرطوس"، لكن التكريم الحقيقي هو الالتفات من وزارة الثقافة إلى ما نكتب، فهو شيء ضروري في مسيرة أي كاتب، شرط أن تعطى لمن يستحقها بالفعل، وهذا موضوع يستحق الوقوف عنده، محاولة الفرز بين الأدب الحقيقي وما يطفو على السطح».

الكاتبة راغدة محمود

تعاني الكاتبة "منال" منذ طفولتها وضعاً صحياً بسببه لم تتمكن من مواصلة دراستها بعد المرحلة الابتدائية، وعلى الرغم من ذلك استطاعت بصبرها وإصرارها أن تحجز لنفسها مكاناً مهماً في الساحة الأدبية، لهذا شبّهها بعضهم بالكاتب الكبير "حنا مينا"، أيضاً كان الملتقى الثقافي الإعلامي السباق إلى تكريمها بلقب "الشاعرة المعجزة"، وعن هذا قالت: «تشبيهي بالكاتب "حنا مينا" وسام أعتز به، وأتمنى أن أستحق هذا التشبيه بالفعل، أما لقب "المعجزة"، فهو من أحب الألقاب إليّ، آمل أن أكون على قدر هذه المسؤولية، فلقد كان طموحي دائماً أن أرسم بريشتي لوحتي الخاصة، وكعشقي للنحت في الصخر، أتمنى أن أنحت بإزميل الصبر والأمل منحوتةً أدبيةً مميزةً جديرةً بالقراءة».

وعن الغزو الهائل للتكنولوجيا وأدواتها ووسائل التواصل الاجتماعي، وتراجع دور الكتاب الورقي، قالت: «لكل عصر لغته ووسائله الخاصة، لكن هذا لا يعني أن باستطاعة الكتاب الإلكتروني أن يلغي دور الكتاب الورقي، فهناك حالة خاصة تخلق لدينا عندما نلمس الكتاب الورقي، هي علاقة حميمة إن صح التعبير، لا يمكن أن نشعر بها إلا مع الورق، وهذا ما حرصت على الإشارة إليه في مقال سابق لي حمل عنوان: "ورقيات"».

وتختم حديثها بالقول: «يبقى أملي دائماً أن تصل كلماتي إلى حيث يجب أن تصل، وأكتب ذاتي بمحبرة الأمل والأدب، ويسمو قلمي بكتابة حروف عشقي لهذا الوطن الحبيب المعطاء».

وفي إحدى قصائها تقول:

«لي حكاية أخرى

لا أعرفها

ولكن ألمح أقمارها

في خيالات الرُّوح

أحادثُ عطرها

كُلمّا غفا الوردُ

استفاق الندى والشوقُ

ولي حكاية أخرى

ترابها خليليّ

ريحانها

شوق يُزهر

في بيارق قصائدي

لحنها

كربلاء الأزمنة الفائتة

والقادمة

لي حكاية

مثل الشمس

لا تنام

وإنما يُشبّه لهم

يُشبّه لهم

بأنّها النداءات

لا تأتي إلّا من الأصوات العالية

ولا يُقرأ سُنبل الصمت

وقمحه المُقدّس

لي حكاية أخرى

قناديل حزنها

لا تُطفئ

قناديل حزنها

زيتونها عُتّق

بحزن السنين

ولي حكاية

عُنق أقمارها

مذبوح الآهات

ألمحه في عمق

ما أهوى

في عمق الجراح

أتذكّرُ ملامحها

دمعة شوق

تمتدُّ من ألف البداية

وحتّى ياء النهاية

ولي حكاية أخرى».

الكاتبة والباحثة في قواعد اللغة العربية وعلومها "راغدة محمود"، قالت: «عند قراءة كلماتها شعراً أو نثراً، تنساب الحروف رقراقةً طربةً هامسةً، تخبر القارئ بأن قبساً من نور يعانق شغاف الروح التي ترفض الاستسلام لليأس والخنوع، فتتوقد نابضةً بالحياة، لقد كنت أتابع كل ما تكتبه "منال" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أيضاً من خلال الدواوين الشعرية والروايات التي نشرتها ورقياً، فأبدعت وامتلكت ناصية اللغة، وهذا البريق الذي يزن كلماتها وأسلوبها المدهش في صوغ الفكرة وإتقان السّبك، لتصل إلى لوحة شعرية ساحرة، تتمتع بقراءة تفاصيلها بعيداً عن الرتابة والملل، لكن عندما التقيتها في أحد المهرجانات وتحدثنا، أدركت ما معنى أن تشبهنا كلماتها، وأن ما يخرج من القلب يدخل القلوب من دون استئذان، وأيقنت أن لقب " الشاعرة المعجزة" استحقته بكل جدارة».

يذكر، أن الكاتبة "منال محمد يوسف" من مواليد "طرطوس"، عام 1981.