على الرغم من بساطة المكونات التي تدخل في أكلة "التلاش"، إلا أن الموائد الطرطوسية لا تخلو منها، وخاصة في موسم قطاف الزيتون، فهي تعدّ من الطقوس التي رافقت موسم جني الزيتون منذ عشرات السنين، وحتى يومنا هذا.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 أيلول 2017، "ماجدة سعيد" التي تحدثت عن أكلة "التلاش" ومرافقتها لموسم قطاف الزيتون في قريتها، فقالت: «مع قرب حلول شهر أيلول، يبدأ سكان القرية التحضير من أجل جني محصول الزيتون الذي يعد من المواسم المهمة، والذي يتهافت عليه الكثير من العائلات كصورة للمحبة والتعاون الأسري الذي يجمع أفراد العائلة كبيرها وصغيرها، وينتظر قدومه بفارغ الصبر. وبالنسبة لي أعدّه من المناسبات المهمة التي تجمع أفراد العائلة وتعيد الأجواء الحميمية والذكريات التي تعيدني إلى الماضي، وخصوصاً أن هذا الموسم له طابع خاص في منطقتنا، فمنذ القدم وحتى يومنا هذا، تقوم معظم الأسر بعد الانتهاء من قطاف الزيتون، وكمكافأة لنهاية تعبهم بإحضار أكلة "التلاش" كاحتفال بالخلاص من تعب جني وقطاف المحصول، وبعد إتمام عملنا وشعورنا بالتعب والجوع، نجلس لتناول الطعام وبعدها نبدأ بـ"التحلاية"، حيث تجتمع العائلة في جو من الألفة والتواصل الأسري الذي يترافق مع المرح والبهجة وتبادل الأحاديث لتناول هذه الحلويات الشعبية اللذيذة، ولا تخلو الجلسات من الأجواء المرحة والتسلية، أضف إلى أن هذا التمسك بالتقاليد والطقوس المتوارثة منذ زمن أعطى للجني طابعاً عائلياً من جهة، واحتفالياً من جهة أخرى، أضف إلى أنه في الوقت المرافق لجني المحصول تبدأ بعض الأسر وأصحاب محال الحلويات في قريتنا التحضير لإعداد أكلة "التلاش"، حيث تمتلئ المحال بها في هذا الوقت من السنة، ونظراً لصعوبة إعدادها لكونها من الأكلات التي تحتاج إلى الدقة في الطهو والتحضير، تراجع إعدادها في المنازل، وأصبحت تقدم جاهزة».

هي من الحلويات الشعبية التي تميزت بها محافظة "طرطوس"، وهي عبارة عن رقائق مصنوعة من السميد، حيث توضع الرقائق بعضها فوق بعض على طبق مدهون بالسمن أو الزيت، وتترك لترتاح مدة ساعة تقريباً قبل وضعها في الفرن، وبعد أن تنضج يتم وضع القطر عليها، وتقطع الرقائق حسب الطلب، ويمكن أن تحشى بالجوز أو الفستق الحلبي. ومنذ بداية شهر أيلول نبدأ إعداد أكلة "التلاش"، ويبدأ الإقبال على المحال لشرائها لكونها من الأكلات الشتوية، وهي مرافقة لموسم قطاف الزيتون، ويقال إنها أكلة مصرية انتقلت منذ زمن إلى "طرطوس"، وكانت تسمى "كولاج". وبعض الأقاويل التي تتداول في منطقتنا أنها جاءت من "ليبيا"، وسميت "بورقة بوريك"، لكن الشيء الأهم أنها تعدّ من المأكولات الطرطوسية المتوارثة عبر الأجيال

وفي حديث مع "سليم إبراهيم" صاحب أحد محال الحلويات، قال: «هي من الحلويات الشعبية التي تميزت بها محافظة "طرطوس"، وهي عبارة عن رقائق مصنوعة من السميد، حيث توضع الرقائق بعضها فوق بعض على طبق مدهون بالسمن أو الزيت، وتترك لترتاح مدة ساعة تقريباً قبل وضعها في الفرن، وبعد أن تنضج يتم وضع القطر عليها، وتقطع الرقائق حسب الطلب، ويمكن أن تحشى بالجوز أو الفستق الحلبي. ومنذ بداية شهر أيلول نبدأ إعداد أكلة "التلاش"، ويبدأ الإقبال على المحال لشرائها لكونها من الأكلات الشتوية، وهي مرافقة لموسم قطاف الزيتون، ويقال إنها أكلة مصرية انتقلت منذ زمن إلى "طرطوس"، وكانت تسمى "كولاج". وبعض الأقاويل التي تتداول في منطقتنا أنها جاءت من "ليبيا"، وسميت "بورقة بوريك"، لكن الشيء الأهم أنها تعدّ من المأكولات الطرطوسية المتوارثة عبر الأجيال».

ماجدة سعيد

وفي لقاء مع "منال محمد" خريجة علم الاجتماع، قالت: «لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي تعدّ جزءاً من ثقافته ومكوناً أساسياً لهويته، وهذه العادات بعضها يتعلق بطقوس اجتماعية، ومناسبات مختلفة نتجت من تراكم عوامل اجتماعية وفكرية واقتصادية، وأصبحت مع الزمن عادات وتقاليد يتمسك بها المجتمع فتتوارثها الأجيال. أضف إلى أن الإنسان يميل بطبعه نحو التآلف والتواصل الأسري، لذلك نجد أنه في العديد من المواسم أو المناسبات أن الكثيرين من الأفراد يجتمعون؛ وقد يتعمدون إحداث ذلك التجمع في سبيل البحث عن الألفة والمحبة فيما بينهم، ويعدّ موسم قطاف الزيتون من المناسبات الفريدة التي تجمع أفراد العائلة الكبيرة، وهي (لمة العيلة) التي ترافقها احتفالية الخلاص من قطاف الزيتون. وبالنسبة لأكلة "التلاش"، فهي من المأكولات الشعبية المعروفة منذ القديم منذ عشرات السنين، وأصبحت تقليداً مرافقاً لموسم جني محصول الزيتون منذ القديم وحتى يومنا هذا، ولا يكاد يخلو بيت من هذه الأكلة خلال هذا الشهر من السنة».

أشجار الزيتون