على ثلاثة تلال متقاربة الارتفاع؛ قدمت ثلاث عائلات من قرية "البساتين"، وسكنت كل عائلة على تلّ خاص بها، وأسست منذ ما يقارب 150 عاماً قرية "المراح" التي كانت في الأساس مرعى خصباً للماشية، خاصة مع توفر المياه والتربة الزراعية الخصبة.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "المراح" جنوبي مدينة "بانياس" بتاريخ 17 أيار 2019، والتقت المدرّس "بولس حنا" ثاني أقدم مدرّس في القرية، حيث قال عن سبب التسمية وجغرافية القرية: «تعود التسمية إلى زمن غابر، حيث يقال إن هذا المكان كان يعرف شعبياً بالمرحة؛ أي مرعى للمواشي التي كان الأهالي يربونها، وذلك قبل أن تصبح مكان إقامتهم، وقد تميزت هذه المرحة بمرعاها الشاسع، فالقرية تقع على رابية قليلة الارتفاع، وتتألف من ثلاثة تلال؛ يفصل بين التل والآخر مجرى مائي بسيط، وعلى كل تل سكنت عائلة، حيث كان أقدمها في الاستيطان البشري "آل حنا"، وبعدها "آل جبور"، وبعدها بمدة بسيطة "آل إبراهيم"، ويقدر عمر الاستيطان البشري فيها نحو 150 عاماً، ولا يزيد عدد سكانها اليوم على 600 نسمة.

تعدّ القرية التي يصل عدد سكانها إلى 600 نسمة منزلاً واحداً، ولها مدخل واحد، وتميز الجميع بتكافلهم الاجتماعي، وتعاضدهم فيما بينهم؛ ففي كل مناسبة أو عيد، وبعد الصلاة في الكنيسة نجول على منازل القرية بالكامل، ونسير معاً حتى آخر منزل، فنجتمع فيه للمعايدة؛ وهي عادة تراثية قديمة مستمرة

تبعد القرية عن شاطئ البحر نحو 1800 متر، وتطل عليه مباشرة من الجهة الغربية، وعن مركز مدينة "بانياس" سبعة كيلو مترات، وعن مركز مدينة "طرطوس" ثلاثين كيلو متراً، وترتفع عن سطح البحر 100 متر فقط، ومجمل هذه الميزات للرقعة الجغرافية جعلتها مركز توزع لعدة قرى، منها: "البيضة"، و"البساتين"، و"الدوير"، و"بيت خدوج"، و"العديمة"، علماً أنها تتبع لبلدية "البساتين"».

المدرّس بولس حنا

وتحدث المحامي "بشار حنا" عن الحدود الجغرافية، فقال: «يحدّ القرية من الجهة الشمالية قرية "الباصية"، و"برج الصبي"؛ وهو معلم أثري قديم جداً عمره من عمر قلعة "المرقب" تقريباً، ومن الجهة الجنوبية قرية "سهم البحر"، ومن الجهة الشرقية قرية "البساتين"، و"بيت خدوج"، و"عين الخريبة"، وقرية "العديمة"، أما من الجهة الغربية، فتحدها قرية "القرير" والبحر.

وتعدّ "المراح" مزرعة من مزارع بلدية "البساتين" مسقط رأس جدودنا، وتميزت بارتفاع نسبة الحاصلين على الإجازات الجامعية فيها من مختلف الاختصاصات، حيث إن الثقافة بالنسبة لنا موروث اجتماعي معرفي، وذلك بفضل المدرّس "فيليب الياس" الذي جمع الأطفال لتعليمهم من دون مقابل، وهذا كوّن فئة متعلمة منذ القدم، شجعت على التحصيل العلمي، فكان منهم أدباء وشعراء وكتاب ومثقفون بمختلف الاختصاصات، ومنهم الشاعر "إلياس طربيه" من شعراء النهضة».

المدرّس ملحم جبور

أما المدرّس "ملحم جبور" أول مدرّس في القرية، فقال: «سوقنا التجاري هو سوق "بانياس"، علماً أنه لا يوجد خط سير خاص بالقرية، وإنما خط تنقلاتنا هو خط "البيضة" و"البساتين".

ويوجد في القرية العديد من الحرف اليدوية، منها: البناء بالحجر القديم، والحدادة العربية والنجارة، والأهم مهنة الزراعة التي يعمل بها جميع الأهالي كحرفة أساسية، حيث تصل نسبة العاملين بالزراعة فيها إلى ثمانين بالمئة، نتيجة التربة النفوذة الغنية بالمعادن، مع توفر تربة غضارية خصبة ومياه جوفية من خلال الآبار الارتوازية، وتزرع في القرية أشجار الزيتون، والحمضيات، والبيوت المحمية».

موقع قرية المراح على الخريطة

وعن الحالة الاجتماعية في القرية أضاف "ملحم": «تعدّ القرية التي يصل عدد سكانها إلى 600 نسمة منزلاً واحداً، ولها مدخل واحد، وتميز الجميع بتكافلهم الاجتماعي، وتعاضدهم فيما بينهم؛ ففي كل مناسبة أو عيد، وبعد الصلاة في الكنيسة نجول على منازل القرية بالكامل، ونسير معاً حتى آخر منزل، فنجتمع فيه للمعايدة؛ وهي عادة تراثية قديمة مستمرة».