النظافة، الإصحاح البيئي والسياحة، قد تكون في نهاية جدول مهام الدوائر المعنية فيما يخص جزيرة "أرواد" وقد تكون البلدة نفسها كذلك، لكن إذا أتينا إلى عامل آخر وهو "السكان"، فهم في الأولوية لتأمين الظروف المعيشية العادية لهم دون تأجيل.

خلال الجولة التي قام بها eSyria بتاريخ 4/6/2009 تعرف من أصحاب الشأن في مجلس بلدة "أرواد" على أهم العوائق اليومية التي تعاني منها الجزيرة والتي يدل بعضها على تجاهل راحة سكانها ومكانتها السياحية، كما تحدث مع عدد من الأهالي حول واقع الخدمات والمشاريع المقبلة.

تم اقتراح نقل النفايات إلى "طرطوس" منذ عدة سنوات للتصرف بها هناك، فهذا ما سمعناه نقلاً عن الموظفين في البلدة، لكنها بقيت مجرد أقول حتى الآن

السيد "علي نجم" رئيس مجلس البلدة حدثنا عن أهم الصعوبات التي تعترض تحسين الأوضاع الخدمية فقال: «المرفأ هو سبب جميع المشاكل، وأول معوقاته هي لترحيل النفايات، لذا يجب الإيعاز إلى الجهات المختصة لتنفيذ المرفأ في الموقع المقترح جنوب "سواري"، وقد وضع حجر الأساس خلال عام 2006 ولم يتم البدء به، والمسؤولية تقع على عاتق الجهات المنفذة (شركة "أنترادوس" التي أخذت موقع المرفأ القديم على أن تقوم بإنشاء المرفأ البديل).

رئيس مجلس البلدة علي نجم

حالياً نضطر إلى حرق النفايات مما يسبب وصول دخانها إلى السكان وبالتالي تسبب اضطرابات صحية وخصوصاً لدى الأطفال».

وأضاف: «هناك أيضاً مشكلة تعليمية حيث أن المعلمين يمتنعون عن القدوم عندما تكون أحوال الطقس سيئة، وقد تدوم هذه الحال لأشهر في فصل الشتاء.

مرفأ أرواد

من ناحية السياحة أيضاً يحتاج المرفأ إلى تجهيز كامل من أرصفة وقاعة استقبال، ومن المفضل وجود مركز إسعافي وإنارة جيدة.

يكمن الحل في تجهيز المرفأ والتركيز على تعيين الوكلاء من أبناء الجزيرة، وتعيين القسم الباقي من خارج "طرطوس"، فعند حل مشكلة الكادر يتم حل مشكلة التعليم».

الحوض الشمالي

وتابع رئيس المجلس عن الخدمات الصحية المقدمة، والتي تتمثل بالمركز الصحي ومشفى "أرواد" فقال: «المشفى طالبنا به ليكون إسعافياً لمعالجة كافة الحالات الإسعافية، وسيتم تجهيزه بالكادر والأجهزة اللازمة مستقبلاً، حيث تم إنشاؤه كمشفى توليد، وهو من أهم الخدمات الصحية للبلدة، ومن ناحية أخرى فإنً السيد مدير الصحة متعاون معنا ومتفهم لجميع مشاكلنا».

أما عن قرارات مجلس البلدة والتي نفذ من خلالها خدمات متفرقة فقال: «من المشاريع التي عملنا على تحسينها الحديقة في الجهة الشمالية بمساحة 1250 م2، والكورنيش الجنوبي الغربي، وشبكة إنارة للشوارع، وشبكة غسيل لشوارع البلدة وتستخدم لإطفاء الحرائق حيث يمكن لعمال البلدية استخدامها.

كما نعمل على تحسين واقع النظافة بزيادة عدد العمال وحصر جميع المكبات في مكب واحد وهو من أكثرها معالجة ومسيطر عليه بالكامل من حيث رش الأدوية والحرق وعدم وجود أي حيوانات بقربه وأية روائح».

بعض العقبات أمام الأحوال المعيشية العادية تنتظر حلولاً لها، وخاصة مع اقتراب فصل الصيف، وبحسب تعبيره: «لدينا مشكلة هامة صيفاً وهي بواخر الأغنام والمواشي التي تأتي إلى مرسى "أرواد" غير نظيفة مما يسبب زيادة أعداد الذباب وإطالة الفترة لمكافحتها، وقد قمنا بإرسال عدة كتب ومراسلات لمعالجة هذه المشكلة، ولم تتم من قبل الجهات المنفذة وهي "المركز الصحي" ضمن "أرواد".

البواخر التي تأتي تدخل مرفأ "طرطوس" لتفريغ حمولتها من الأغنام ثم تخرج إلى عرض البحر لتنظيفها ولتدهن بالكلس، لكن هذه الإجراءات تتم ظاهرياً فوق سطح السفينة بينما تكون في مرسى "أرواد"».

وعن زيارة السيد المحافظ إلى الجزيرة بتاريخ 19/5/2009 تحدث رئيس مجلس البلدة قائلاً: «الزيارة التي قام بها السيد محافظ "طرطوس" لبلدة "أرواد" تعتبر زيارة عمل ميدانية بحق، وكانت هذه الزيارة ناجحة وموفقة، وقد كان السيد المحافظ متفهماً لجميع المشاكل التي طرحت وأوعز بإيجاد حلول لها.

كما اطلع على المشاريع التي ترغب البلدة بتنفيذها ومنها المنطقة الصناعية التي تضم مشروعين لكي تصبح جاهزة لنقل جميع الصناعات إليها، وقد وعد السيد المحافظ مشكوراً بتمويل المشروعين».

وأضاف فشرح: «المشروع الأول هو "الجدار الاستنادي" (من الحوض الشمالي إلى "ميناء أرواد") بكلفة 18 مليون ل.س، والثاني "الردميات" بحدود 7 مليون ل.س، ووافق سيادته على زيادة عدد العمال بمعدل عشرين عاملاً لفترة ثلاثة أشهر خلال الصيف وذلك من أجل الارتقاء بسوية النظافة بالجزيرة، كما أوعز لمدير التربية بضرورة الإسراع بإيجاد حل لمعاناة أبناء الجزيرة وتأمين الكادر المستقر بغية استقرار التعليم».

بعض آثار مكب النفايات حدثنا عنها أحد المشرفين في مجلس البلدة، حيث شرح المراقب "عبد الرحمن جلاب" قائلاً: «نستخدم يومياً كميات كبيرة من لاصق الحشرات من أجل الذباب، فبدونه ستزداد أعداده بشكل كبير جداً، ويعد هذا اللاصق ذو كلفة مرتفعة وهي ما تقارب 2700 ل.س للصندوق الذي نحتاجه بشكل يومي، كما نقوم برش مبيد للحشرات في الشوارع ومع ذلك تأثيره قليل جداً وبدون فاعلية.

سبب آخر لتزايد أعداد الذباب وهي بواخر الأغنام التي تقف بالقرب من الجزيرة، فتأتي منها وخصوصاً إذا كانت الرياح شمالية».

الأهالي متفقون على ضرورة حل مشكلة المكب بأسرع وقت ممكن ومنهم "عكيف بهلوان" الذي أيده زملاؤه أثناء جلوسهم في مقهى يبعد أمتاراً معدودة عن موقع مكب النفايات، حيث قال: «أثناء عمليات الحرق هناك إزعاج كبير للسكان وخصوصاً في المنطقة الجنوبية، كما يسبب المكب وجود أعداد هائلة من الذباب في جميع الأماكن، وتتم مكافحتها بعمليات رش في الشوارع وهي بحاجة إلى مزيد من التكثيف وخصوصاً صيفاً، وفي منازلنا نستخدم اللواصق كونها أسهل استعمالاً.

الاهتمام بالنظافة في الجزيرة هو على مستوى جيد، ويوجد عمال بحسب الحاجة وهم يعملون ليلاً نهاراً، لكن تبقى هناك مشكلة "النايلون" الذي يصعب التخلص منه، وغالباً ما يكون مما يرميه الصغار، فهناك حاجة إلى مزيد من التوعية من الأهل».

الأقوال التي لم تقترن بالأفعال منذ عدة سنوات هي ما يثير تساؤلات أهل الجزيرة وعنها عبر بقوله: «تم اقتراح نقل النفايات إلى "طرطوس" منذ عدة سنوات للتصرف بها هناك، فهذا ما سمعناه نقلاً عن الموظفين في البلدة، لكنها بقيت مجرد أقول حتى الآن».

تركنا الباب مفتوحاً للحديث عن الخدمات في الجزيرة، ومنها تنفيذ الكورنيش فيما مضى وموضوع الإنارة، فعلق قائلاً: «إنشاء الكورنيش قبل عدة سنوات وفر نظافة لتلك الأماكن، حيث منع تجمع الماء في حفر متفرقة بردمها، وتتم عملية غسل للشوارع بشكل متواصل من خلال الأنابيب المخصصة لذلك، أما الإنارة فهي متوفرة في جميع الشوارع الرئيسية والأحياء».

غالبية جهود مجلس البلدة يشهد عليها الكثيرون، ومنهم "علي سليمان" حيث أوضح بشأن النظافة: «يوجد مكب واحد للنفايات في البلدة، ويقوم عمال البلدية بعدة جولات يومياً، وخصوصاً ضمن طريق القلعة والأسواق.

ولكن توجد حاجة لمزيد من العمال، وأحد أهم النتائج السلبية للمكب هي الأعداد الكبيرة من الذباب التي تملأ البيوت، وعادة ما يتم الرش بالمبيدات الحشرية صيفاً، لكن لم يتم الرش حتى الآن».

أما بالنسبة للمشاريع، فالتقينا ب"خالد حمود" صاحب إحدى ورش صناعة وصيانة السفن في منطقة الحوض الشمالي، حيث عبر عن قناعته بجدوى مشروع الحوض قائلاً: «المشروع بالأساس جيد وسيخدم الجميع هنا وخصوصاً أنه من المتوقع إنشاء ميناء خارج ميناء الردم، وهذا يزيد من المساحة المخصصة للورش ويخفف من ازدحام الزوارق».

وأضاف عن الصعوبات المتوقعة أثناء الإنجاز: «تتم هنا عمليات صيانة الزوارق وهي محصورة داخل المشروع، فإذا كان سيتم خلال أشهر قليلة فلا مشكلة، أما إذا تطلب إنجازه بحدود سنة أو أكثر فذلك يسبب متاعب للجميع من أصحاب الزوارق والورش.

والسبب أنه سيتشكل ازدحام كبير، حيث تأتي إلى هنا زوارق من جميع أنحاء الساحل السوري إضافة إلى عمليات التصنيع التي تتم أغلبيتها هنا.

نقترح البدء بتنفيذ المشروع جزئياً وعندما يتم الانتهاء من كل قسم الانتقال إلى القسم المجاور وهكذا حتى الانتهاء منه».

بالنسبة ل"ابراهيم بهلوان" وهو ربان باخرة وصانع سفن، فالمسألة تتعدى محاكاة المدن الأخرى بالمناطق الصناعية المشابهة، والأحرى بقاء الحال كما هو بما يتناسب مع الجميع، فكما شرح: «مشروع المنطقة الصناعية والسور والردميات ليس ضرورة بالنسبة لغالبية الورش، فالورش هنا بالقرب من بيوتنا وتحت أنظارنا، أما عند انتقالها فيمكن أن تتعرض لأضرار وحرائق وبذلك سنكون مضطرين لوضع حارس عليها، ومن المفضل القيام بتنظيم الورش كما هي».

وأضاف عن حلول مقترحة للمعاناة الموسمية صيفاً: «اقترحت منذ عدة سنوات على مجلس البلدة إنشاء مبنى لفرز القمامة بمثابة مصنع مصغر لفرز المواد العضوية وتلفها كعلف للأسماك، وأن يتم فرز المواد الأخرى وتعبئتها ليتم نقلها في مركب، ويمكن تصنيعه بشكل هندسي ملائم تماماً لشحن القمامة وتفريغها في "طرطوس" والتصرف بها، وقد شاهدت خلال أسفاري حول العالم ومقارنة بأبسط الدول وهي "اليونان" التي تماثلنا تقريباً، أنها حلت مشاكل جميع جزرها بنفس الطريقة ومهما كان عدد سكانها صغيراً».