المستهلك كشريك أساسيّ في مشروع العمل، أو المطعم كوسيلة للربح بأقلّ الكلف، اصطفاء لا مفرّ منه لمطاعم الوجبات السريعة بحسب أساليب عملها، أما أغلبية الزبائن فيجدون في تلك المطاعم، فرصة مناسبة للحصول على وجبات مختلفة ومميزة، يصعب تحضيرها منزلياً، باحثين عن النوعية الجيدة، الخدمة المقبولة وبالسعر المعقول.

وما يثير تساؤلات وانتقادات إحدى شرائح المستهلكين في محافظة "طرطوس"، ممن يتجنبون ارتياد مطاعم معينة، هو عدم إلزام جميع تلك المطاعم بتخصيص موظف للتعامل مع النقود، أو أن يعتبر أحد العاملين في تحضير هذه الوجبات، مكان عمله الأنسب أيضاً للتدخين.

بالإضافة للنظافة هناك أيضاً قضايا ذات أولوية يجب متابعتها، لأنها تمسّ صحة المستهلك بشكل مباشر، مثل التحقق من سلامة اللحوم، واستخدام مواد التعقيم اللازمة في بعض المعامل، مثل معامل المثلجات، فالعديد منها لا تحوي مواد معقمة بحسب معلوماتي

إرضاء درج النقود يبدأ غالباً بكسب ثقة الزبائن، كما هو الحال بالنسبة للمطاعم التي ترتادها حالياً الطالبة "يارا"، موضحة السبب: «المطاعم التي نرتادها محددة، لأنها بالمستوى المطلوب من النظافة، وفي حال أنّ المطعم لم يخصص عاملاً للتعامل بالنقود لن ندخله، فالنقود هي أحد أهم نواقل الجراثيم، وإن كان أحد العمال الذين يتعاملون مع الطعام يدخن أيضاً، فذلك سبب كاف أيضاً لعدم دخول المطعم».

المهندس "شادي إبراهيم"

المهندس "شادي إبراهيم"، هو أحد زبائن مطاعم الوجبات السريعة، يؤيد كذلك تحديد مهام العمال بتحضير الوجبات أو تداول النقود، بل يقترح استخدام القفازات من قبل الذين يتعاملون مع المواد الغذائية في المطعم، ويضيف: «بالإضافة للنظافة هناك أيضاً قضايا ذات أولوية يجب متابعتها، لأنها تمسّ صحة المستهلك بشكل مباشر، مثل التحقق من سلامة اللحوم، واستخدام مواد التعقيم اللازمة في بعض المعامل، مثل معامل المثلجات، فالعديد منها لا تحوي مواد معقمة بحسب معلوماتي».

أما "عروة الباشا" فهو أحد زوار مدينة "طرطوس"، الذي بيّن أنه لا يتردد في إبداء أية ملاحظة تتعلق بالنظافة: «إذا لم يكن مطعماً معروفاً وموثوقاً لا أدخل إليه، كما أراقب من يقوم بإعداد الوجبة، ولا أقبل ما يقوم بتحضيره إذا لم يغسل يديه، بل أطالبه بذلك، ومن المفروض أن لا يتعامل مع الطعام كلّ من يستلم النقود، وإذا تطلب الأمر ذلك، يجب غسل اليدين قبل التعامل مع الطعام.

في مطعم "الطيبات"

في أحد مطاعم "الفلافل" المشهورة في مدينة "جبلة" مثلاً، رفضت استلام ما يقوم العامل بإعداده، لأنّه لم يغسل يديه، بعد أن تعامل مع أدوات غير مخصصة لإعداد الطعام، ومن خلال زياراتي المستمرة لمدينة "حلب"، فأيّ شخص يتعامل مع النقود ليس له علاقة بإعداد الوجبات، وحتى في هذه الحالة فإنه يقوم بغسل يديه، ومن غير الممكن إيجاد مطعم مختلف في هذه الناحية هناك».

وبالنسبة للمطاعم الحديثة، يتفق معظم أصحاب العمل على اعتبار موضوع النظافة بجميع تفاصيله أحد أهمّ عوامل نجاحهم، مثل "محمد الشيخ محمد" مدير مطعم "الطيبات" في مدينة "بانياس"، حيث قال: «منذ البداية سعينا إلى الحفاظ على هذه شهرة المطعم، من خلال الاهتمام بتقبل الزبائن لوجبات المطعم والسعر، والنظافة التي نعتبرها أمراً أساسياً، ومثال ذلك تخصيص شخص لمحاسبة الزبائن والتعامل مع النقود، كما أننا نتقبل أية نصيحة أو ملاحظة من أيّ زبون طوال فترة العمل».

"فادي سابا"

وما لفت انتباهنا في أحد مطاعم مدينة "طرطوس"، تعميم حديث العهد للتأكيد على الاهتمام بسوية النظافة، ينصّ أحد بنوده على تخصيص عامل للتعامل مع النقود، ما لم يكن إلزامياً قبل فترة حوالي شهرين، هذا ما تأكدنا منه من خلال مراجعة "مديرية الشؤون الصحية"، بالإضافة إلى معرفة المزيد عن دور اللجان المعنية في التأكد من تطبيق المعايير الصحية، حيث شرح رئيس "دائرة الرقابة الصحية والرخص الإدارية" "فادي سابا" عن مهام الدائرة، فقال: «"شعبة الرقابة الصحية" هي أهم شعبة في المديرية، ومهمتها الأساسية الرقابة على المواد الغذائية في المحلات والمطاعم المختصة بتقديم الغذاء في المدينة، وفحص هذه المواد للتأكد من صلاحيتها للاستخدام البشري، التأكد من نظافة المحل والأدوات المستخدمة ونظافة العاملين، قطع البطاقات الصحية التي يتم تجديدها كل شهرين، والالتزام باللباس المخصص للعمل، وبالنسبة لمحلات بيع اللحوم يجب توفر ختم المسلخ البلدي على الذبائح التي تباع ضمن هذه المحلات».

وهذا يتم من خلال لجنة مختصة، أوضح عن هيكليتها: «توجد لجنة مشكلة من قبل السيد المحافظ، مؤلفة من: "مجلس المدينة، مديرية الصحة، التموين، الصناعة"، ومهمتها أخذ العينات وفحصها، لدى مخابر "مديرية التموين"، للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك البشري، علماً أنه لا يوجد في "مديرية الشؤون الصحية في مجلس المدينة" مخابر، وتتم حالياً المراسلة مع "جامعة البعث" في محافظة "حمص"، لدراسة إمكانية إنشاء مخبر في بلدية "طرطوس"».

بسؤاله عن البند الجديد حول حصر التعامل بالنقود بعامل مختص، بيّن أنه قد يكون بسبب إحدى شكاوى المواطنين، أو اقتراح أحد المعنيين، حيث يتمّ تلقي الشكاوى حتى شفهياً أحياناً، ويضيف: «من مهام شعبة "الرقابة الصحية" أيضاً معالجة شكاوى المواطنين التي تتعلق بوضع صحي معين أو إقلاق راحة الجوار، بما يتعلق بأمور عمل المديرية، ومن أهم شروط ترخيص المحلات المختصة ببيع أو تقديم الغذاء في المطاعم التي تعتمد على الشوي أو القلي؛ إلزام المستثمر بتركيب مدخنة تبدأ من المحل، وحتى أعلى ارتفاع من البناء، تلبيس ركن تحضير الطعام بالخزف، لضمان سهولة التنظيف، تأمين دورة مياه مع المغاسل اللازمة، التهوية المقبولة والإنارة، وتأمين المياه من الشبكة الرئيسية، كما أنّ البطاقات الصحية من شروط الترخيص».

بالنسبة للجزء الشمالي من المحافظة؛ مدينة "بانياس"، ما يزال تخصيص محاسب مطعم، من الإجراءات الكيفية، هذا ما يؤكده كلام "محمد موسى" من شرطة مجلس مدينة "بانياس"، الذي أشار إلى عدم وجود مثل هذه التعليمات لديهم.

وفي أجزاء مختلفة من مدينة "طرطوس"، كان وجودنا موضع تساؤل بعض أصحاب المطاعم الأكثر شعبية والمختصة بتحضير "الفلافل"، مؤكدين أنّ تحضير الوجبات وتداول النقود أمرٌ طبيعي، أو نفيهم لازدواجية مهام عمالهم، ويتساءل أحد العاملين في المطاعم، عن استمرار ظاهرة التعامل مع النقود من قبل معدي الطعام، بينما يتم تداولها بين العديد من البشر، ويمكن أن تكون من عامل نظافة مثلاً، فهي برأيه دائماً حاملة للجراثيم.

خلاصة ما قاله بعض أصحاب المطاعم أيضاً، التأكيد على أهمية تخصيص محاسب، ومراعاة غسل اليدين بعد التدخين، إضافة لوجود أدوات خاصة لإعداد الوجبات، مثل الملقط، فهذا ما يفضله بعض الزبائن بحسب قولهم، أما مطاعم المعجنات التي تعدّ من المفضلة لدى بعض الشرائح، فيبدو أنّ مصالحها قد تتعارض مع تكليف أحد عمالها بمهمة المحاسبة فقط، والذي يكون غالباً صاحب العمل أو مدير المطعم، ويفسر ذلك أحد العاملين في تلك المطاعم، ببعدهم عن مركز المحافظة ودخلهم المحدود، ويجد أنّه لا مانع من تعاون الكادر، مع مراعاة الاهتمام بالنظافة، وغسل اليدين بعد التعامل مع النقود أو التدخين، لكن من الواضح أنّ ذلك يبقى من متطلبات العمل، وليس أسلوباً موثوقاً أو مقبولاً من الكثيرين من الزبائن.