في أعلى قرية "المرانة" حفرت الذكريات على صخرة "عيرون" المطلّة على أجمل ما يمكن أن يشاهد في الطبيعة الخضراء من وديان وجبال وآثار، فشكّلت حالةً اجتماعيةً عاشت مع الآباء والأبناء، وكانت مقصداً للراحة والاستجمام والتمتع بالجمال الطبيعي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت قرية "المرانة" بتاريخ 17 كانون الثاني 2020 وقصدت صخرة "عيرون" المكان والمتنزه الذي يؤمّه أهالي القرية في فصل الصيف للراحة والاستجمام وفق حديث "آصف عاقل" من سكان القرية، حيث قال بداية عن موقع الصخرة التي ذاع صيتها في أرجاء ريف ناحية "العنازة" التابعة لمدينة "بانياس": «صخرة "عيرون" صخرة طبيعية ضخمة جداً، يصعب على المعدات الثقيلة تحريكها بسهولة، ولكن يقال في أحاديثنا الشعبية أنّ رجلاً من أهالي القرية ويدعى شعبياً كلقب "عيرون" نقلها من مكانها جنوب الطريق الواصل ما بين قريتنا وقرية "الدردارة" إلى شرق الطريق، وذلك من خلال دحرجتها بهدوء، حيث عرف هذا الشخص بقوته البدنية وضخامته الجسدية التي ميزته عن باقي أهالي القرية، وقد حمل أبناؤه وأحفاده كثيراً من ميزاته الجسدية وقوته غير المألوفة، لذلك سميت هذه الصخرة باسمه لاحقاً نتيجة لما فعله وجلوسه الدائم فوقها، وحظيت هذه الصخرة بمكانة اجتماعية لدى أهالي القرية.

كنت أقصد موقع صخرة "عيرون" يومياً بعد الانتهاء من دراستي لألتقي بصديقاتي عندها، فتحضر كلّ منا ما نحتاجه لزوم الجلسة الشعبية، ونتحين الفرصة لكي نتمكن من الجلوس فوق الصخرة للتمتع بإطلالتها الجميلة على قرى عدة منها "الدردارة"، "وادي بركة"، "وادي القلع"، وقلعة "بني قحطان" الأثرية

وتجلت هذه المكانة من حيث موقعها المطل على وادٍ سحيقٍ مكشوفٍ على جميع الاتجاهات يسمى "وادي القلع" الذي يتبع في جزء كبير منه إلى محافظة "اللاذقية"، وكان هذا الوادي يسمى سابقاً زمن الاحتلال التركي بـ"وادي السرامطة" والسرمطات تعني عربياً الكاتب والفصيح باللغة العربية، فأصبحت مقصد الجميع للتنزه بجوارها والاستراحة عليها عصر كل يوم صيفي، وشرب المشروبات الساخنة والباردة، فحُفرت عليها الكثير من الذكريات والعلاقات التي انتهت إلى بناء أسر وعائلات اجتماعية.

آصف عاقل

يجتمع حولها يومياً عشرات الشباب والشابات وكذلك الرجال والنساء، فهي بموقعها مكشوفة من جميع الاتجاهات، والهواء العليل الخالي من الرطوبة ميزة هذا الموقع الذي يبعد عن مدينة "بانياس" حوالي 25 كيلومتراً، بعيداً عن الجدران الإسمنتية وهموم الحياة ومشاغلها، ويبقون بجوارها يتمتعون بجمال الطبيعة البكر حتى ما بعد غروب الشمس بقليل.

ويروى أيضاً أنه خلال عملية توسيع الطريق بجوارها، حاول بعض العمال بآلياتهم الثقيلة إبعادها عن موقعها المميز وإخفاء معالمها، إلا أنّ أهالي القرية عارضوا ذلك وطلبوا من القائمين على مشروع التوسيع المحافظةَ على موقعها لما حفر عليها من ذكريات جميلة، وللمكانة التي حظيت بها في إرثهم الاجتماعي.

من طبيعة الموقع

ويقدر طول الصخرة بحوالي ثلاثة أمتار ويزيد عرضها على المتر، ولا يمكن إدراك وزنها الحقيقي إلا أنّه من المؤكد أنه يزيد على 1000 كيلوغرام، وسطحها مستوٍ جداً ولونها أبيض ناصع مختلف عن بقية ألوان الحجارة المتوفرة في المنطقة».

أما رب الأسرة "محمد عاقل" من أهالي وسكان القرية فقال: «تربطني بصخرة أو بلاطة "عيرون" الكثير من الذكريات الجميلة، فبجوارها كنت أدرس المواد الحفظية خلال امتحان البكالوريا، وكذلك كنت ألتقي بأصدقائي فنجلس ونتسامر لساعات من الوقت، فالأجواء مريحة ومنعشة وبعيدة عن صخب الحياة المعتاد، ولا أخفي سراً أنني كنت في المرحلة الجامعية ألتقي بصديقتي خلال السيران مع الأصدقاء.

ذكريات الناس في موقع طبيعي

فهي بالنسبة لي جزء من مرحلة حياتي التي عشتها في القرية، ولا يمكن أن تنفصل عنها، وهذا ينسحب على الكثير من شباب القرية وأهلها أيضاً، لأني لا أعتقد أنّ أحداً من السكان لم يجلس عليها أو يسير بجوارها».

"عبير إبراهيم" من أهالي وسكان القرية قالت: «كنت أقصد موقع صخرة "عيرون" يومياً بعد الانتهاء من دراستي لألتقي بصديقاتي عندها، فتحضر كلّ منا ما نحتاجه لزوم الجلسة الشعبية، ونتحين الفرصة لكي نتمكن من الجلوس فوق الصخرة للتمتع بإطلالتها الجميلة على قرى عدة منها "الدردارة"، "وادي بركة"، "وادي القلع"، وقلعة "بني قحطان" الأثرية».