لطائر "الحجل" مكانة بارزة في حياة أهل الريف الشمالي في "حلب"؛ حيث يتم اصطياده واقتناؤه في بيوتهم لاعتبارات اجتماعية عدة.

في "جنديرس" من "ريف حلب الشمالي" تحدث السيد "محمد يوسف" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 نيسان 2014 حول أسباب ولع الريفيين بصيد هذا الطائر قائلاً: «لطائر "الحجل" حضور كبير في حياة الناس بالمنطقة منذ أقدم الأزمنة، ولذلك فصيادوه يحرصون على عدم قتله بل اقتنائه في بيوتهم ودورهم السكنية، فبعضهم مغرمون بصوت "الحجل" ولذلك يقومون بصيده ووضعه في قفصه الخشبي للاستماع إلى صوته الجميل وخاصة في الصباح الباكر، كما أن قسماً من السكان يقتنون طائر "الحجل" في بيوتهم لاعتقادهم بأن وجود هذا الطائر داخل البيوت يبعد الأذى والشرور عن أهل الدار».

طائر "الحجل" من فصيلة الطيهوجيات، أحمر المنقار والقدمين، له ثمانية أنواع منتشرة من الشرق وحتى "أوروبا" و"إفريقية"، يعيش أسراباً في المناطق الجبلية ويبقى الذكر مع أنثاه حين تحتضن البيض

وأضاف "محمد": «من أسباب ولع الناس بصيد "الحجل" أيضاً هو استخدام هذا الطائر في المباريات التقليدية التي تقام في الساحات العامة للقرى بين هذه الطيور، وهذا تقليد تراثي قديم يتميز به أهل منطقة "عفرين" وخاصة طبقة الأغوات منهم، وكانت هذه المبارزات الطريفة تقام وسط حشود جماهيرية من أبناء القرى وذلك في مناسبات اجتماعية، مثل: أفراح العرس، أو عيدا الأضحى والفطر وغيرها، وفي نهاية المبارزة كان صاحب "الحجل" الفائز يشعر بفخر كبير وبالتالي يقدم لطائره ما لذ وطاب من المناسبة».

محمد يوسف

السيد "محمد أوسو" وهو أحد صيادي "الحجل" في "جنديرس" قال: «يحتاج هذا الطائر أثناء عملية صيده وحبسه في القفص لإجراءات خاصة مختلفة عن أساليب اقتناء باقي الطيور والعصافير، فخلال وجود "الحجل" في القفص يجب تغطية القفص بقطعة قماشية وذلك لمنعه من رؤية من حوله لأن هذا الطائر البري يعشق الحرية ولا يتحمل العيش داخل القفص، وإذا لم تتم تغطية القفص جيداً فإنه سوف يقتل نفسه بضرب جسمه بقضبان القفص؛ ولذلك يُفضّل استخدام أقفاص خشبية خاصة بدلاً من المعدنية.

لا مانع من وضع بعض الحصى الصوانية مع الطائر داخل القفص فالمعروف عن "الحجل" أنه الطير الوحيد الذي يتناول الحصى الصوانية وهي أقسى أنواع الحجارة في الطبيعة».

محمد أوسو

وتابع: «ولكن على الرغم من حضور هذا الطائر الكبير في حياة الناس إلا أنه في بعض الحكايات الشعبية الكردية يرمز إلى الخداع والخيانة باعتباره يجلب أقرانه إلى الشرك المنصوب لهم بواسطة صوته القوي خلال عملية صيده، وذلك عندما يقوم صاحبه بإخفائه وهو داخل القفص بين الحجارة ليبدأ التغريد، وعندما تسمع طيور "الحجل" المنتشرة في الجبال والبراري صوته تأتي إليه واحدة تلو الأخرى لتقع في الفخ المنصوب لها.

يقال: إنه وقبل حوالي القرن من الزمان زار أحد الأغوات في المنطقة ضيف عزيز فأراد الآغا أن يصطحبه معه في رحلة صيد جبلية، فتم ذلك، وهناك شاهد الضيف كيف يجلب "الحجل" بني جلدته إلى الشرك بصوته فأخرج مسدسه وقتل الطائر مثيراً بذلك غضب مضيفه الذي سأله عن سبب فعلته، فقال له: هذا الطائر لا يستحق أن يعيش لأنه يخون أبناء جلده عندما يجلبهم إلى الفخ».

تغطية القفص الخشبي للحجل

أخيراً، وحول طائر "الحجل" ورد في "موسوعة حلب المقارنة" للعلامة "خير الدين الأسدي" ما يلي: «طائر "الحجل" من فصيلة الطيهوجيات، أحمر المنقار والقدمين، له ثمانية أنواع منتشرة من الشرق وحتى "أوروبا" و"إفريقية"، يعيش أسراباً في المناطق الجبلية ويبقى الذكر مع أنثاه حين تحتضن البيض».

كما ورد: «الصيادون مولعون باصطياده فإذا نصبوا للحجل أحبولة نادوا لها نداء سحرياً لتدخل الشبك، إذ يقولون: "تعي تعي بنت الأفندي، تعي تعي قبقابك وردي، تعي تعي أم العيون السود، تعي تعي خلقة المعبود، تعي تعي حبغل حبش"».