تعتبر صناعة الفخاريات من أقدم وأعرق الصناعات في سورية، وهي مازالت تُمارس بشكلها التقليدي اليدوي في مناطق متعددة من بلدنا، وهي تحتاج إلى مهارة وخبرة وذوق رفيع في العمل، لأنّها من أكثر الصناعات دقّةً وحساسيّةً .
في يوم الخميس 17/7/2008 قام موقع eAleppo بزيارة لإحدى مشاغل صناعة الفخار في ريف حلب، للتعرّف على هذه الحرفة القديمة والجميلة التي تساهم في إبراز الفنون السورية التقليدية للعالم، وجذب عدد لابأس به من السياح إلى البلد.
قمنا قبل فترة بتصدير كميات منه إلى كل من اليونان وفرنسة وقبرص وهناك إقبال كثيف من السيّاح على معروضاتنا
يقع المشغل إلى الشرق من مدينة إعزاز بنحو /10/كم، في مزرعة "كفر حمزات"، حيث يقوم بإنتاج الفخاريات بمختلف أنواعها وأشكالها، وهناك التقينا بأحد أصحاب المشغل وهو الحرفي "خالد خليل حمزة" ليحدّثنا عن مراحل صناعة الفخار وأهم الأنواع التي ينتجها مشغله اليدوي الجميل.
بعد أن رحّب الحرفي "خالد حمزة" بموقعنا في مشغله، سألناه أولاً ممن اكتسب هذه الحرفة الجميلة فأجاب: «أنا أعمل في هذه الحرفة منذ ما يقارب /35/ عاماً، فمنذ أن كنت في السادسة من عمري، عملت عند أحد المعلمين الكبار في مدينة حلب لعدة سنوات، حتى استطعت فتح مشغل خاص مع إخوتي في إعزاز».
وعن التربة المستخدمة في صناعة الفخار قال: «هناك أنواع معيّنة من التربة تُستخدم في هذه الصناعة مثل التربة الشامية التي تجلب من غربي مدينة (دمشق) والتربة الحمصية التي تجلب من محافظة (حمص)، ومن ثم يُخلط مع أنواع من الترب الرملية ذات الألوان المتعددة (الأصفر والأسود والأحمر) الذي يوجد في شرق مدينة (حلب)».
وبعد أن قمنا بجولة في المشغل ومشاهدة ما ينتجه من الفخاريات المتنوعة، سألناه عن مراحل العمل فيه فأجاب قائلاً: «بعد جلب الأتربة التي ذكرناها، نقوم بخلطها مع بعضها وذلك بنسب محددة حسب اللون المطلوب، وهنا تلعب الخبرة الحرفية دوراً كبيراً في العمل، وبعد مرحلة خلط الأتربة، يُخلط المزيج بالماء ويُسكب في بركة، حيث يقوم خلاط بتحريك المزيج لتنزل الشوائب والحصى إلى قاع البركة، بعدها يُنقل الماء المتبقي مع الرمل الناعم يدوياً إلى بركة ثانية وذلك عبر منخل ناعم لمنع تسرب الشوائب، ويجب أن يبقى المزيج في هذه البركة لمدة يومين قبل أن يُنقل إلى بركة ثالثة وأخيرة، ليبقى فيه لمدة عشرين يوماً حتى يتبخر الماء ويترسب في قاعه الرمل الناعم الذي يتم تخزينه في غرف خاصّة كمؤونة لاستخدامه في فصل الشتاء أو لاستخدامه في صنع الفخار مباشرةً، حيث يوضع في عجّانة ليقوم العمال بعد ذلك بتقسيمه إلى (علكات) بحسب الحجم المطلوب صنعه، ومن ثم تُنقل (العلكات) إلى الدولاب اليدوي حيث يجلس الحرفي المعلم ليقوم بعملية صنع الفخار ورسم الزخرفات عليه بطريقة الحفر أو استعمال التلوين الزيتي المناسب، وعند الانتهاء منها توضع القطعة في مكان مظلل لمدة يومين حتى لا تتشقق، ومن ثم توضع في فرن حراري درجته /900/ حيث تُشوى فيه لمدة سبع ساعات قبل أن يُطفأ الفرن ويبقى الفخار فيه لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى يبرد ليُعزل ويُعرض للبيع».
وتابع: «الفرن الذي نستعمله في مشغلنا يعتمد في عمله على الطريقة القديمة التقليدية حيث نستخدم الحطب والنشارة الخشبية والببرين (مخلفات الزيتون بعد عصره في معامل الببرين) في إشعاله».
وعن أهم ما يصنعه المشغل من فخاريات قال: «نحن نقوم بصنع مجموعات كبيرة من الفخار بأشكال متنوعة وبألوان مختلفة حسب المطلوب وأهمها: شلالات بأحجام مختلفة للمنازل والمقاصف– جرّات ماء والزيت و السمنة وجرّات خاصّة لزراعة نباتات الزينة المنزلية – قصعات فواكه وخضار- مزهريات متنوعة (سادة و مزخرفة)- مواد ديكور وزينة أباريق مزخرفة- حصّالات نقود للأطفال وغيرها».
وعن التصدير قال: «قمنا قبل فترة بتصدير كميات منه إلى كل من اليونان وفرنسة وقبرص وهناك إقبال كثيف من السيّاح على معروضاتنا».