لكل مجتمع خرافات قديمة تميزه ويؤمن بصحتها العديد من أبناءه. ويعد المجتمع العفريني من ضمن المجتمعات التي انتشرت فيها هذه الخرافات لحد الاعتقاد.

فمع بداية فصل الصيف تكثر الأفاعي في المناطق الريفية لدرجة أنها تدخل البيوت وفناءات المنازل جالبةً معها الرعب والموت للناس وخاصّة الأطفال منهم بسبب لدغاتها السامة، ولطرد الأفاعي من البيوت ومنعها من الاقتراب يلجأ الريفيون في منطقة "عفرين" إلى طرق تقليدية قديمة منها "الآفسين".

"الآفسين" المتبقي يمكن الاحتفاظ به واستعماله في السنوات اللاحقة بعد خلطه بماء جديد كما يمكن إعطاؤه للجيران للاستفادة منه، ولكن يجب الذكر بأنّ هطول المطر يلغي مفعول "الآفسين" ولذلك يجب رش المكان ثانيةً بعد توقف المطر عن الهطول

السيدة "نازلية حمو إبراهيم" من قرية "جقاللي جوم" ذكرت لموقع eAleppo أن الأفاعي تتفاوت خطورتها بحسب لونها فالأفعى الأخطر في ريف منطقة "عفرين" هي ذات اللون البني المائل للأبيض التي يعتبرها الناس شريرة ومخادعة ولذلك يلجأ كثير من الناس إلى "الآفسين" لحماية دورهم من شرها.

الأفعى البنية الخطرة

وعن "الآفسين" وطريقة استخدامه تضيف: «"الآفسين" هو من أكثر الطرق شيوعاً وفعاليةً في طرد الأفاعي من البيوت في منطقة "عفرين"، ففي بداية فصل الصيف يذهب أحد أفراد الأسرة إلى بيت أحد الشيوخ المعتبرين في المنطقة والمتخصصين بإعداد "الآفسين" للحصول على شيء منه.

يقوم الشيخ أو صاحب الكرامات بوضع قليل من الماء في آنية أو زجاجة ثم يقرّبها من فمه ويبدأ بقراءة بعض الآيات القرآنية الخاصّة بالمناسبة ليتحول الماء بعدها إلى "الآفسين" حامي المنازل من الأفاعي وطاردها إن وجدت فيها.

استخدام العصي في طرد الأفاعي من البيوت

الشخص الذي طلب إعداد "الآفسين" يجلبه إلى البيت ويقوم بتمديده من خلال خلط قليل منه في سطل كبير من الماء العادي ليتحول كامل الماء إلى "الآفسين" ومن ثم يبدأ أحدهم برش منطقة فناء المنزل كاملاً وبشكل دائري لأنّ الأفعى في هذه الحالة لا تستطيع أن تتجاوز خط "الآفسين" مطلقاً فيبقى البيت محمياً في هذه الحالة.

أما إذا كان رش "الآفسين" لإخراج أفعى موجودة فعلاً في المنزل أو في فنائه فيتم رش المكان بشكل دائري أيضاً ولكن مع الإبقاء على ممر آمن للحيوان كي يخرج منه ويبتعد لأنّ الحيوان سيموت حتماً إذا تم رش المكان بالكامل دون الإبقاء على ممر خروج له».

السيد عبدو أوسو

وختمت: «"الآفسين" المتبقي يمكن الاحتفاظ به واستعماله في السنوات اللاحقة بعد خلطه بماء جديد كما يمكن إعطاؤه للجيران للاستفادة منه، ولكن يجب الذكر بأنّ هطول المطر يلغي مفعول "الآفسين" ولذلك يجب رش المكان ثانيةً بعد توقف المطر عن الهطول».

السيد "عبدو أوسو" من قرية "جوم" ذكر أن الريفيون يعتقدون بأنّ الأفاعي تصبح أكثر خطورة في الريف خلال فترة تفتح أزهار الرمان حيث تصبح هذه المخلوقات عدوانية وتلدغ كل من يصادفها في طريقها، ولتفادي خطورتها ووجودها في فناءات البيوت يلجأ الأهالي إلى طرق تقليدية مختلفة لطردها وإبعادها وحماية البيوت وأصحابها من شرها، وهذه الطرق قديمة يتوارثها الناس جيلاً بعد جيل.

ويضيف: «الطريقة الأولى هي قتل الأفاعي بواسطة العصي أو بإطلاق النار عليها من بنادق الصيد وذلك عندما لا يكون المنزل محمياً بماء "الآفسين"، والطريقة الثانية هي استدعاء أحد الشيوخ من أصحاب الكرامات وحرّاس الزيارات الدينية المقدسة الذين يملكون طرقاً خاصة لإخراج الأفاعي وخاصة السوداء منها والإمساك بها دون أن يتعرضوا لأذاها وذلك من خلال قراءة بعض الآيات القرآنية الخاصة والتحدث إليها بشكل عادي حيث يطلبون منها الخروج والابتعاد من المكان ومن أحاديثهم مع الثعابين وخاصّة السوداء: أيها الحيوان.. أخرج وأذهب في حال سبيلك، أو أخرج ولا تؤذ أحداً من أهل هذا البيت وهكذا، وفي هذه الحالة يخرج الحيوان من المكان الذي يختبئ فيه بكل هدوء ليذهب بعيداً أو يمسك به الشيخ ويأخذه معه إلى الزيارة ليكون حارساً معه هناك.

الناس في ريف منطقة "عفرين" يعتقدون بأنّ الأفعى السوداء هي حيوان مسالم ولذلك فهو غير مؤذٍ ورؤيتها بحسب المعتقدات الشعبية القديمة في مكان ما هو فأل خير».