آمن بموهبته وصوته فآثر الفن على كل شيء معتبراً أن العمل في المجال الذي يهواه يفتح أمامه أبواب الإبداع والعطاء، وكان لوجود صرح فني عريق في عائلته وهو الفنان "صباح فخري" أكبر الأثر في توجيهه واحتضانه.
إنه "محمد خيري" الذي التقاه موقع eSyria لنتعرف إليه عن قرب وليحدثنا عن بداياته التي قال عنها: «نشأت صغيراً في حي حلبي عريق وقديم هو "الجديدة" وهناك تشبعت بروح القدم المتعدد الجوانب فالنسيج المعماري للمنطقة فرض عليَّ رجوعاً بالتاريخ إلى أزمان قديمة وخاصة في مجال الغناء فتلك المنطقة لا تزال تحتفظ بالعادات القديمة وأساليب العيش البسيط نسبياً والذي يخلق جواً متكاملاً يلعب فيه الفن دوراً محورياً».
نشأت صغيراً في حي حلبي عريق وقديم هو "الجديدة" وهناك تشبعت بروح القدم المتعدد الجوانب فالنسيج المعماري للمنطقة فرض عليَّ رجوعاً بالتاريخ إلى أزمان قديمة وخاصة في مجال الغناء فتلك المنطقة لا تزال تحتفظ بالعادات القديمة وأساليب العيش البسيط نسبياً والذي يخلق جواً متكاملاً يلعب فيه الفن دوراً محورياً
نصائح والده كانت تبعده باتجاه التحصيل العلمي بالدرجة الأولى ثم يأتي الغناء في المرتبة الثانية، لكنه كان مع مجموعة أصدقاء يؤلف فيما بينهم حب الفن والولوع به: «كنا نجتمع في سهرات يكون الغناء والفن فيها الشيء الأساسي الموحد بيننا، فقد رفض أبي أن أنتسب لأي معهد موسيقي فرأيت أن أنسب الحلول هو الجهد الشخصي والاستفادة من الأصدقاء وخبراتهم، فمنهم من كان يعزف ومنهم من يتمتع بصوت جميل والبعض درسوا الموسيقا في معاهد متخصصة وبهذه الطريقة اكتسبت كماً من المعلومات لا بأس به وكنت في تلك المرحلة لم أتجاوز السابعة عشرة من عمري، وأحببت أن أدخل مجال العمل في الفن من أحد أبوابه فعملت كمردد مع مطربين شعبيين محليين ومنشدين كان أبرزهم "مصطفى الدابقي" ثم ذهبت لخدمة العلم».
ولا بد أن يوجد مؤازر قوي ليأخذ بيد "محمد" ويشجعه عملياً على المضي في الطريق الذي اختاره، يقول حيال ذلك: «من حسن حظي وجود رابطة أسرية تجمعني والأستاذ "صباح فخري" الذي سمع أغنية كنت قد حضرتها له ذات يوم أثناء زيارته لنا في المنزل فقال لي إن خامة صوتي مناسبة للغناء لكني أحتاج لصقل علمي حتى يكون النجاح حليفي في مسيرتي، فدعاني للعمل معه كمردد أولاً، ثم فتح أمامي طريقاً لمساعدتي فكان يسمح لي بالغناء قبله في بعض الحفلات ما أعطاني مداً كبيراً ورفع من معنوياتي بشكل جعلني أثق بصوتي وقدرتي على الغناء أمام الجمهور، وعندما افتتح المعهد الخاص به في "حلب" طلب مني الالتزام به كأمين سر وبنفس الوقت كنت أحضر دروس الغناء عند بعض الأساتذة وكان أبرزهم الأستاذ "محمد قدري دلال"، ثم ساعدته في تنضيد كتابه "كل ما غناه صبح فخري" والتزمت لهذه الغاية معه سنة كاملة بشكل يومي ومنتظم، فتلك الخطوات كانت عموداً فقرياً لخبرتي وعلاقاتي الفنية التي بدأت استثمارها بشكل إفرادي في الحفلات التي تسيطر كمياً على جو "حلب" وهي حفلات الأعراس التي بدأت العمل بها ثم تلاها عدة عقود مع بعض المطاعم الراقية إلى الآن».
ولدى سؤاله عن نيته بإصدار أغانٍ خاصة أجاب "محمد": «هذا الموضوع كبير جداً في مدينة مثل "حلب"، فالجمهور هنا تشبع على مدى عقود من الزمن على الأغاني الثقيلة والقصائد والموشحات، وإرضاؤه اليوم هو أمر بالغ الصعوبة، وقد رأينا الكثير من التجارب التي حاولت تجديد التراث وتعديله فآلت معظمها إلى الفشل كأنما التراث في "حلب" أصبح شيئاً يشبه التاريخ الذي لا يجوز لأحد الاقتراب منه وتعديله. وعليه فأنا الآن متريث في هذا المجال بانتظار ما أقتنع فيه من كلام ولحن أستطيع به أن أطرح نفسي بصورة لائقة فنياً ومناسبة لي مادياً في ظل غياب شركات الإنتاج التي من شأنها التسويق ووضع خطط لعمل الفنان، وللأمانة فهنالك اليوم بعض الجهود الشخصية لإنشاء مشروع شركة إنتاج يقوم به الأستاذ "أنس صباح فخري" نأمل أن يوفق في مشروعه لأن أهدافه تحاكي الواقع بشكل كبير».
من الجدير بالذكر أن "محمد خيري" من مواليد مدينة "حلب" عام/1987/ وهو خريج معهد الهندسة الالكترونية، وعضو في "نادي شباب العروبة" وقد سبق له أن أحيا حفلة يعتبرها مهمة جداً في حياته على مسرح قلعة "حلب" لتخريج طلاب كلية الطب، وهو متزوج وأب لطفل.