كثيرة هي الألقاب التي حظيت بها "تدمر" على مرّ العصور... لكن أكثرها شهرة وواقعية هو اسم مدينة النخيل فإلى أي حد ينطبق هذا الاسم على المسمى؟

في لقاء مع عدد من المهتمين بالنخيل والتمر التدمري كانت الأسطر التالية تفضل بها كل من السيد "فراس الصالح"، "محمد قزعل"، و"زياد فتح الله"، وجميعهم من أهالي "تدمر" مزارعين وتجار مهتمين بهذا النوع من المحاصيل ((التمور)) وذلك بتاريخ 20-21/9/2008.

وبدأ الحديث مع السيد "فراس الصالح" بسؤاله:

*إلى أي عهد تُرجع ظهور شجرة النخيل في "تدمر"؟.

**إلى ما يزيد عن ألفي عام وأعتقد منذ كان نهر "أفقا" أي من قبل الميلاد ويؤكد ذلك النحت الموجود على آثار "تدمر" المتضمن لشجرة النخيل مما يدل على وجودها وأهميتها منذ أقدم العصور.

*لم يفضل غالبية الزوار لمدينة "تدمر" شراء البلح أو التمر التدمري عن سواه؟

**الحقيقة أن البلح أو التمر التدمري لا يجاري في حجمه وشكله بعض الأنواع العالمية المعروفة لكن الرغبة فيه تأتي من أنه ينمو في بيئة نظيفة بكل معنى الكلمة فالتربة خالية من الملوثات وتكاد تكون معقمة لأن معظم النخيل يسقى من مياه في أغلبها كبريتية معقمة من منبعها (إن كان بئراً أم مياه النهر الكبريتي أفقا سابقا) وغالبية الأشجار تسقى من مياه البئر الذي أوجدته الدولة بديلا عن نهر "تدمر" الكبريتي الذي أصابه الجفاف.

وبالنسبة لرش المبيدات فإن "تدمر" لا تحتاجها إطلاقا بسبب مناخها الذي لا يسمح بنمو الحشرات التي تحتاج إلى مبيدات لذلك فالتمر هنا خال من الملوثات الكيميائية الناتجة عن رش المبيدات حيث لا مبيدات حشرية كيميائية.

والميزة الثالثة فإن البلح أو التمر في هذه البلد ليس بالمحصول الوافر جداً ليتم تخزينه لسنوات فهو يستهلك في سنة إنتاجه أي أنه دائما طازج ويتميز بقلة رطوبته مما يمنحه عمرا أطول في التخزين البسيط دون برادات إذ تكفيه غرف باردة كالأقبية بحرارة لا تزيد عن 15-17درجة منه ليحفظ لمدة 6-7 أشهر وحتى إلى سنة أحيانا.

*هل هو ذو قيمة غذائية جيدة ؟

** طبعا لا شك في ذلك كغيره من أنواع التمور الشهيرة فهو يحتوي كمية جيدة من السكريات والأملاح المعدنية والفيتامينات وقليلا من الدهون الجيدة.

*هل تتطلب زراعته العناية ؟

السيد "أبو علي قزعل":

كل نبات يحتاج إلى عناية وكلما كانت الرعاية أكثر كان المحصول أفضل.

*متى تبدأ الشجرة بإعطاء التمر؟

**بعض الأشجار تبدأ كامل عطائها بعد 10 سنوات إلى 15 سنة تقريبا ولزراعة الشجرة طريقتان معروفتان. فلضمان الحصول على شجرة أنثى مثمرة يفضل أخذ الشجيرة من أمها الشجرة البالغة المثمرة وزراعة هذه الشجيرة ومنها الرعاية اللازمة لضمان نموها السريع حيث تسقى بعد زراعتها يوميا لمدة 40 يوما ومن ثم يمكن أن نباعد في مواعيد السقاية من 5-10أيام بين المرة والأخرى مع الرعاية اللازمة من تدفئة بلف الشجرة ببعض القماش إذا صادف موعد زراعتها ليالي صقيع مثلا وهذا قد يحصل.

وكذلك يجب قطع بعض السعف الجافة والنباتات الطفيلية من حولها وتخفيف العسيب الزائد وهذا ينطبق على الشجرة المثمرة فنظافة الشجرة من الليف والأغصان الجافة يسهل عملية القطاف والصعود إليها ويضمن نظافة المحصول (العجوة) ومنع اختلاط الليف بالرطب من المحصول.

أما الطريقة الثانية من الزراعة:

هي باستخدام بذرة التمر كما هي حال الثمار ذات البذور الأخرى فيكفي وضع البذرة في التربة مع السقاية الدورية لنحصل على شجرة نخيل لكن هنا يمكن أن تكون شجرة ذكرا ويمكن أن تكون أنثى والشجرة الذكر لا تعطي بلحا ولا تمرا بل تعطي اللقاح (غبار الطلع) اللازم للشجرة الأنثى واللقاح تنقله الرياح من الذكور إلى الإناث وفي حال كانت الإناث تبعد كثيرا عن الأشجار (الذكور) يستحسن التلقيح بتدخل الإنسان بأخذ عنقود من اللقاح الناضج على شجرة ذكر ووضعه بين أغصان التمر عند بدء ظهورها وهذا موعد يعرفه الفلاحون تبعا بظهور الطلع (التمر الجديد في الشجرة) وهذا يحصل عادة في الصيف. ولا شك أن الطريقة الثانية تحتاج زمنا أطول لدخول الشجرة مرحلة الإنتاج.

*هل للتمر في "تدمر" أسماء خاصة به تبعا لأنواعه ؟

**في "تدمر" لا يوجد أنواع عالمية مشهورة إلى الآن فهي (الأنواع) موجودة بشكل عفوي إذ أن الاهتمام بالنخيل حديث العهد فليس لدينا تلك الأنواع المعروفة العالمية كالإبراهيمي- الزاهدي- البربر

*هل من طقوس خاصة لزراعة أو جني النخيل ؟

**في الحقيقة لا يوجد باستثناء تبادل هدايا من المحاصيل حيث يهدي من يملك النخيل شيئا مما لديه لمن ليس لديه نخل من الأصدقاء والمعارف والأقارب.

*كم يبلغ إنتاج النخلة البالغة من التمر وسطيا؟

النخلة تبدأ الإنتاج الحقيقي بعد عمر 15 عاما بكمية وسطية 60إلى 100 كغ وبعد بلوغ 20 عاماً يصل إنتاجها إلى 100-130 كغ

يذكر البعض أن النخلة قد يصل محصولها إلى 300كغ.

هذا ممكن إذا كانت العناية فائقة من حيث النظافة والسقاية والسماد والحراثة وغير ذلك.

*ماذا عن مركز النخيل في "تدمر"؟

** لم يبدأ بإنتاجه بعد على حد علمي أما مركز إكثار "البوكمال" فقد بدأ بإنتاج فسائل بعض الأنواع الهامة مثل:

الزاهدي- لولو- إبراهيمي- البرحي. دكلة نور أو دقلة نور ومصدرها هذا الأخير تونس والجزائر.

السيد "زياد فتح الله" : «التمر البرحي يتميز بحلاوة ثمرته وهي (فجة) قبل نضوجها أي هو لذيذ عندما يكون بلحا ثم يتحول إلى رطب ثم عجوة (نهاية النضج).

*كم يقدر عدد أشجار النخيل في "تدمر" على حد تقديركم؟

**حسب تقديراتنا (بصورة تقريبية بين صغار الشجر والبالغ قد يصل العدد إلى 80000 نخلة.

*هل ينتظر المزارع في "تدمر" دعما ما من الدولة لتطوير زراعته؟

**بالتأكيد لدينا طموحات بتسهيل فتح قروض بعيدة الأجل وبفائدة رمزية تشجيعية وتبسيط إجراءات الحصول على السماد الآزوتي فهذا قد يحول زراعة النخيل من هامشية عفوية إلى عمل زراعي ممنهج ذو مردود عالٍ يساهم في دعم الاقتصاد الوطني شأنه في ذلك شأن القطن والقمح والزيتون والشوندر.

*الآن كم هو سعر كيلو التمر التدمري من النوع المتوسط الجودة؟

**من 50-75 ليرة سورية لكن كرم المزارعين يجعل تصريف المحصول يذهب على شكل هدايا لا تجارة.

*هل من حلوى تصنع في "تدمر" معتمدة على التمر تتميز بها هذه المدينة ؟

**نعم هنالك وجبة تقدم للنفساء (السيدة التي ولدت حديثا) تتألف من التمر المنزوع البذور يقلى بالسمن البلدي (سمن الغنم) ويقدم إلى أم المولود ليزيد من إدرار حليبها. إضافة إلى صناعة المعمول المعروفة في بلاد الشام عموما وبالنسبة لوجبة النفساء هذه تسمى حنينية.

وسبب التسمية كما تقول لنا العجائز أن هذه الوجبة تزيد من حنان الأم على وليدها فيدر حليبها ويزداد حنانها (حنينية)

هل هناك شعر أو غناء خاص بالنخيل أو التمر؟.

يا تمر مالك نوى /عندك رماني الهوى

واللي رماك يرميني/وأنت الطبيب والدوا