يشتهر أهل الريف في بلدنا في إعداد وحفظ المخللات بمختلف أنواعها وأشكالها منذ أقدم الأزمنة ومن النادر أن تدخل إلى بيت من بيوت الريفيين ولا تزيّن رفوفه مجموعة من القترميزات أو القوارير التي تُحفظ فيها المخللات المتنوعة التي يتناولها الناس على مدار العام وخصوصاً خلال فصل الشتاء.

في البداية وحول أهمية المخلل في حياة الريفيين قالت السيدة "نازلية محمد" لموقع eAleppo: «للمخللات بمختلف أنواعها أهمية كبيرة في حياة الناس في الريف فهي جزء من طعامهم الشتوي حين لا تتوافر الخضار الطازجة في هذا الفصل وإن توافرت في عصرنا الحالي فهي خضار غير طبيعية وغير صحية لأنها من إنتاج البيوت البلاستيكية حيث يتم رشها بمختلف أنواع المبيدات الكيماوية والهرمونات التي تضر بصحة الناس في حين أنّ المخللات يتم إعدادها في الريف باستعمال الخضراوات الطبيعية 100% والتي نزرعها في حقولنا أو في حواكير منازلنا فهي بالتالي بديل صحي.

ومن أنواع المخللات التي ظهرت حديثاً في الريف هو "مخلل حبات اللوز" /العقابية/ أو حبات الحصرم ويتم حفظها بغسلها جيداً ووضعها في قوارير صغيرة مع إضافة الماء المالح إليها فقط

ومن جهة ثانية فإعداد المخللات في الريف أصبح جزءاً من التقاليد الاجتماعية والتراثية الريفية وهو من المناسبات المهمة عند كل الأسر حيث يجتمع الجيران ويساعد بعضهم بعضاً في ذلك اليوم، وفي فصل الشتاء يتم تناولها بجانب مختلف الأكلات الريفية من قبل أفراد الأسرة والضيوف بشكل خاص».

إعداد مخلل الفليفلة

وأضافت: «للمخللات أنواع مختلفة في الريف قسم منها يعود إلى أزمنة قديمة جداً وقد توارثنا صناعتها جيلاً بعد جيل مثل "مخلل الفليفلة" وهو أقدم أنواعه و"مخلل الخيار" والقتة والزيتون الأخضر، ومع الزمن ظهرت أنواع أخرى من المخللات مثل مخلل الخس واللفت والحصرم واللوز /العقابية محلياً/ والملفوف الأبيض والباذنجان.

ويتم إعداد المخللات بمختلف أنواعها في مواسم محددة حيث تتوافر الخضراوات الداخلة في صنعها والقسم الأكبر منها يتم إعدادها في فصل الصيف الذي هو موسم معظم الخضراوات وهناك أيضاً بعض الخضراوات الشتوية التي يتم إعدادها في فصل الشتاء مثل اللفت وكذلك الخريف كالزيتون الأخضر».

أنواع مختلفة من المخللات في المطبخ الريفي

وحول طرق إعداد المخللات بمختلف أنواعها قالت السيدة "ألماس إيبو": «لإعداد جميع أنواع المخللات طريقة موحدة تقريباً مع بعض الاختلافات التي لا بد من ذكرها.

بالنسبة لمخلل الفليفلة وهو أقدم أنواع المخللات الريفية يتم إعداده بقطف حبات الفليفلة الخضراء وغسلها جيداً ومن ثم تجريحها بواسطة السكين من الجانبين، من ثم يتم إعداد السائل الذي تُحفظ فيه الحبات ويتألف من ماء وملح وملعقة صغيرة من السكر وأخرى من ملح الليمون وثالثة من روح الخل، وهنا أود أن أذكر بأنّ مستوى ملوحة الماء وتعييره يتم بوضع بيضة في الماء المالح فإن غرقت البيضة فالماء يحتاج لمزيد من الملح أما إذا طافت البيضة على سطحه فهو مناسب للاستعمال.

تنقية الزيتون الأخضر استعداداً لحفظه

بعد الانتهاء من إعداد الماء المالح يتم وضع حبات الفليفلة المجرّحة أو الخيار أو القتة في قترميزات زجاجية خاصة أو قوارير بلاستيكية مع كبسها جيداً كي يخرج ما فيها من هواء ومن ثم سكب الماء المالح فوقها بواسطة قمع وإغلاق القترميز أو القارورة بشكل محكم والحفظ، وهناك من يضيف الجزر أو الملفوف الأبيض أو البطاطا أو الزهرة إليه.

ومن المخللات المعروفة في الريف أيضاً "مخلل الباذنجان" ويتم إعداده باستخدام الباذنجان الحارمي الأحمر الذي يتميز بحباته الصغيرة والناعمة وخلوها من البذور حيث يتم غسلها وإزالة الأشواك المحيطة بها ومن ثم تقطيع حباتها ووضعها في طنجرة وغليها على النار لمدة نصف ساعة تقريباً، حيث يتم وضعها مباشرة تحت الماء البارد لكي لا يسوّد لون الحبات ومن ثم تُصف الحبات في القترميزات مع إضافة الثوم المدقوق والكزبرة والفليفلة الحمراء المطحونة إليها وأخيراً إضافة الماء المالح الذي ذكرتها سابقاً وبنفس المقادير ليكون "مخلل الباذنجان" جاهزاً للحفظ».

وبالنسبة للزيتون الأخضر وحفظه قالت: «يتم تنقية الزيتون الأخضر وأفضل أنواعه للحفظ هو النوع الذي يُسمى "الزيتي" فبعد غسل حباته يتم كسرها بواسطة مطارق خاصة تحتفظ بها الأسر في بيوتها لهذه المناسبة السنوية، ومن ثم توضع الحبات المكسورة في القترميزات مع إضافة الماء المالح إليها، وبعد فتح القترميزات يكون للحبات طعم مرّ وللتخلص منه يتم استبدال الماء عنها يومياً لمرة واحدة ولفترة أسبوع كاملة حينها يتحول طعمها إلى الحلو وتصبح قابلة لتناولها.

ومن أنواع المخللات الدارجة اليوم في الريف هو "مخلل الخس" الذي يتميز بأن فترة حفظه هي قصيرة ولا تتجاوز الأسبوعين وإن لم يتم تناوله خلالها فإنه يفسد ويصبح غير صالح لتناوله ويتم إعداده باستخدام الخس الصغير الحجم فبعد فرد أوراقه يتم غسلها جيداً ومن ثم وضعها في كالونات خاصة مع إضافة أعواد النعناع والثوم المدقوق والكزبرة والماء المالح إليها ومن ثم إغلاق الكالون بشكل محكم لمدة ثلاثة أيام فقط قبل أن يفتح وتناوله وذلك خلال أسبوعين كما قلت.

أما اللفت فيتم إعداده في فصل الشتاء وذلك بغسل حباته وتنظيفه من الأتربة والأوساخ وتقطيعها ومن ثم تصفيفها في قترميزات بعد إضافة حبة أو حبتين من الشوندر الأحمر لإعطائه اللون الزهري والماء المالح وملعقة صغيرة من ملح الليمون وبعد إغلاق القترميزات بإحكام يجب وضعها بقرب المدفأة لأنها تحتاج إلى حرارة مناسبة وعندما يتحول لونه إلى زهري غامق تفتح القترميزات ويتم تناوله وخاصة مع طبخة البرغل بالشعيرية».

وختمت: «ومن أنواع المخللات التي ظهرت حديثاً في الريف هو "مخلل حبات اللوز" /العقابية/ أو حبات الحصرم ويتم حفظها بغسلها جيداً ووضعها في قوارير صغيرة مع إضافة الماء المالح إليها فقط».