يعتبر الناس طائر "السنونو" من أقرب الطيور إليهم لطبعه المعروف بحب البشر والعيش إلى جوارهم.
حول علاقة طائر "السنونو" الحميمية بالبشر يتحدث السيد "نوري حمو يوسف"- "جنديرس" لموقع eAleppo قائلاً: «بداية أود القول بأن الناس في منطقة "عفرين" يطلقون اسم "مقصوك" على هذا الطائر الجميل وهذه التسمية الشائعة جاءت لأن ذيل هذا الحيوان يشبه المقص المفتوح تماماً».
بداية أود القول بأن الناس في منطقة "عفرين" يطلقون اسم "مقصوك" على هذا الطائر الجميل وهذه التسمية الشائعة جاءت لأن ذيل هذا الحيوان يشبه المقص المفتوح تماماً
وأضاف: «هذا الطائر الصغير الحجم ذو اللون الأسود مع بقعة بنية في الصدر لا يستطيع العيش إلا بجوار الإنسان عكس باقي الطيور والعصافير ولا يشعر بالفزع والخوف من الناس فجميع الطيور تبني أعشاشها ضمن الحقول والبساتين إلا "السنونو" فهو الطائر الوحيد الذي يبني عشه داخل البيوت وتحت البالكونات بجوار الإنسان ولذلك فإن أهل "عفرين" يعتبرونه من أهل البيت وليس ضيفاً، فعندما كنا صغاراً كنا نمسك بطائر "السنونو" الذي قام ببناء عشه في بيتنا ونضع خلخالاً صغيراً في رجله وفي العام التالي كان نفس الطائر يأتي إلى بيتنا لبناء عشه من جديد.
إذا كانت الطيور والعصافير تبني أعشاشها من القش فإن "السنونو" يفضّل بناء عشه من الطين والأوحال وفي زوايا بالكونات البيوت كما قلت ويقوم بذلك بطريقة عجيبة، حيث يتعاون الذكر والأنثى على جلب الوحل للمكان الذي قاما باختياره لبناء العش، في البداية يقومان بصنع كرات صغيرة من الوحل /بحجم حبة الفاصولياء/ ولصقها في المكان المحدد كأساس للعش ثم ينتظرا فترة يوم أو يومين حتى يجف الوحل ويصبح قاسياً كي يتحمل وزن العش الطيني كاملاً، بعدها تتعاون مجموعة من هذه الطيور في بناء العش ويتم ذلك بطريقة فريدة من نوعها حيث تقوم بعضها بجلب الوحل ولصقه فوق الأساس السابق بينما تقوم بعضها الآخر بجلب القش لوضعه ضمن الوحل ليصبح أكثر متانة وثباتاً، وطريقة خلط التبن والقش بالوحل هي من أقدم الطرق المعروفة التي اعتمدها الإنسان في بناء الدور السكنية».
ويتابع السيد "خليل إبراهيم"- "جنديرس" متحدثاً حول بعض عادات هذا الطائر: «إنّ ظهور طير "السنونو" في المنطقة دليل على قدوم فصل الربيع اما إذا اجتمعت ضمن أسراب كثيفة وراحت تطير بشكل طائش فذلك دليل على أن الجو سيكون حاراً، بينما زقزقتها الغريبة والقوية دليل على أنها رأت أفعى تقترب من أعشاشها».
وحول حضور السنونو /"المقصوك"/ في القصص والحكايات الشعبية قال: «هناك مثل شعبي كردي معروف يقول: اسأل الخسائر الفادحة التي ألحقت بأهل اليمن من "المقصوك"، وهذا المثل يقال عندما يتحدث شخص ألحقت به خسائر كبيرة سواء من الناحية المادية أو الاجتماعية من قبل شخص آخر».
وعن أصل هذا المثل الشعبي يقول: «هذا المثل هو خلاصة قصة شعبية معروفة لدى الناس في منطقة "عفرين" ومضمونها بأنّ أهل اليمن كانوا قديماً يشتهرون بزراعة البهارات وخاصة "الكمون" وطائر "السنونو" بطبعه يعشق "الكمون" ويأكله بنهم ولذلك فإنّ أسراب هذا الطائر كانت تلحق أضراراً بليغة بمحصول "الكمون" اليمني فظهر هذا المثل الشعبي.
وهناك اعتقاد لدى الناس بأنه ومع بداية فصل الربيع في منطقتنا يظهر "السنونو" قادماً من اليمن والدليل على ذلك أن رائحة فمه عطرة إذ تفوح منه رائحة "الكمون" والبهارات المختلفة».
وتابع: «وهناك مثل شعبي آخر يقول: ركبك متل ركب "السنونو" ويقال بالطبع للشخص ذو الركب القصيرة، ولهذا المثل أيضاً حكاية شعبية قديمة ومعروفة ومضمونها أن لقاءً جرى بين طائري "السنونو" و"اللقلق" بعد عودة الأول من رحلته الصيفية في المناطق الدافئة /اليمن/ فسأله اللقلق: كيف العشب هناك يا صاحبي؟ فرد عليه "السنونو" بالقول: والله كتير وبيوصل لركبي، وفي نهاية الصيف رافقه اللقلق إلى هناك ليجد العشب قصيراً فسأل "السنونو" غاضباً: ألم تقل لي بأن العشب كتير ويصل لركبي فرد عليه "السنونو": صحيح، بس في فرق بين ركبي وركبك».
وختم: «بسبب حبه العيش إلى جوار الإنسان وضمن الدور السكنية فإن الناس لا يقتلون هذا الطائر أو يصطادونه بموجب اعتقاد شعبي قديم يقول بأن لحم "السنونو" حاد جداً ولا يصلح للأكل».