يقع أول جامع بُني في "حلب" إثر الفتح الإسلامي للمدينة داخل باب "أنطاكية" الأثري العتيق ويتصدَّر الشارع الداخل إليه، وقد بُني مكان قوس النصر الروماني بعد أن تم فتح "حلب" سلماً في عهد الخليفة "عمر بن الخطاب"، ذلك أن أهلها سلموها بالأمان إلى الصحابي الجليل "عياض بن غنم الفهري"، وكان على مقدمة جيش المسلمين الذي كان بقيادة الصحابي الجليل "أبي عبيدة بن الجراح".

وذكر المؤرخ الشيخ "محمد راغب الطباخ" في كتابه "أعلام النبلاء" أن المسلمين دخلوا "حلب" بقيادة "أبي عبيد بن الجراح ومعه خالد بن الوليد" رضي الله عنهما من باب "أنطاكية"، ووقفوا داخل الباب ووضعوا أتراسهم في مكان فبني ذلك المكان مسجدا، وهو المسجد المعروف بالغضايري، داخل باب "أنطاكية"، ويعرف الآن بمسجد "شعيب".

لي بعض الاهتمام بالتاريخ وقرأت عن هذا المسجد أنه أول مسجد بني في "حلب" إبان الفتح الإسلامي، وهذا شيء يدعو للفخر حقا، والمسجد معروف بين الناس هنا بجامع التوتة يقال أن شجرة توت كانت مزروعة فيه سابقا، المهم أن هذا المسجد له قدسية من نوع خاص فهنا حط أبطال المسلمين أتراسهم ورماحهم وأمتعتهم وصلوا فيه بعد دخولهم مدينة "حلب" من باب أنطاكية

وهذا مسجد يعود إلى القرن الهجري الأول، وإلى السنة الخامسة عشرة منه على وجه الدقة، وإن كانت بعض الروايات تقول في السنة السادسة عشرة منه. وقد دعي هذا المسجد أولا "مسجد الأتراس" لأنه بني في المكان الذي وضع فيه المسلمون أتراسهم، ثم عرف بعد ذلك بالمسجد "الغضايري" نسبة "لأبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضايري" المتوفى سنة (313هـ) والذي تفرغ للصلاة فيه مدة طويلة من الزمن.

المئذنة يعود بناؤها إلى عهد نور الدين زنكي

ثم سمي "الشعيبية" لأنه اتخذ مدرسة بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ "شعيب بن أبي الحسن الأندلسي" الفقيه الذي جعله "نور الدين زنكي" ملك "حلب" مدرسا بها حتى وفاته سنة(596هـ) ثم شاع هذا الاسم حتى عرف به إلى عصرنا باسم "المدرسة الشعيبية" واسمه الرسمي اليوم هو "جامع الشعيبية" وهو يعرف بين العامة باسم "جامع التوتة".

وعند الدخول إلى باب المسجد يجد الزائر باحة المسجد على يمينها مكان للوضوء وإيوان معد للصلاة في فصل الصيف، وعن يسارها درج يصعد به إلى أعلى المسجد حيث المنارة أو المئذنة التي كانت تستخدم سابقا للنداء إلى الصلاة وهي تعود إلى عهد "نور الدين زنكي"، وهذه الباحة الصغيرة تقود الزائر إلى المصلي الأساسي أو بيت الصلاة وهي قاعة طولها خمسة عشر مترا وعرضها ستة أمتار، يتوسطها عمودان من الحجر الأصفر يعلوهما تاجان مزخرفان من الحجر الأسود.

بيت الصلاة

وفي باحة المسجد في الجهة اليسرى عند الدخول نبع ماء عذب يسقى به حتى يومنا، وفيه بئر ماء تجميعي لا يستخدم، وقد تم مؤخرا اكتشاف مكان سواقي ماء "حيلان" الذي كان قديما يرفد المسجد بل "حلب" كلها بالماء. وقد وضع فوق الساقية لوح زجاجي ليراه الزائر وما تزال رطبة بهذا الماء حتى الآن، كما تم اكتشاف الأدوات التي كانت توصل بها الماء.

كل ما في المسجد يوحي بالبساطة حتى الحجارة الأساسية تم إظهارها حديثا كما كانت يوم بني هذا المسجد أول مرة.

لوح زجاجي تحته سواقي ماء "حيلان"

وقد التقت eALeppo خلال زيارتها لهذا المسجد في (17/8/2008) أحد زوار هذا المسجد السيد "محمد أبو الورد" وسألته عن انطباعه بعد أن عرف أن هذا المسجد أول مسجد بني في "حلب" فقال: «أنا سعيد جدا بهذا الخبر وأنا أرتاد هذا المسجد كلما مررت من هنا كونه قريب من عملي، وصدقني كنت دائما أشعر بشيء يشدني إلى الصلاة به نظرا للروحانية التي فيه، فحجارته ما تزال كما ترى على حالها مذ بنيت وفيها نبع الماء الذي أشرب منه كلما قام خادم المسجد بفتح الماء، باختصار أنا الآن سأرتاد هذا المسجد وأستذكر عظمة أجدادنا الذين صلوا هنا وهو بحق شيء جميل».

وقال السيد "علي العمر": «لي بعض الاهتمام بالتاريخ وقرأت عن هذا المسجد أنه أول مسجد بني في "حلب" إبان الفتح الإسلامي، وهذا شيء يدعو للفخر حقا، والمسجد معروف بين الناس هنا بجامع التوتة يقال أن شجرة توت كانت مزروعة فيه سابقا، المهم أن هذا المسجد له قدسية من نوع خاص فهنا حط أبطال المسلمين أتراسهم ورماحهم وأمتعتهم وصلوا فيه بعد دخولهم مدينة "حلب" من باب أنطاكية».