يعد "جامع التوبة" بحلب من الجوامع الأثرية– التاريخية فيها، وما زال بابه مفتوحاً إلى اليوم أمام المصلين فيخلق بذلك تواصلاً روحانياً واجتماعياً بين ماضي "حلب" وحاضرها.

حول هذا الجامع تحدث لموقع eAleppo السيد "مسعود حسن" وهو من حي "الشيخ طه" ومن زوار الجامع وذلك بتاريخ 20/1/2012 قائلاً: «تعد مدينة "حلب" من أغنى المدن العربية والإسلامية غنىً بالمساجد والجوامع التي تعود إلى عهود إسلامية مختلفة ففيها مساجد يعود بناؤها إلى بدايات العهد الإسلامي وإلى العهود اللاحقة كالزنكيين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ومن هذه الجوامع التاريخية "جامع التوبة" الذي يعتبر تحفة أثرية مملوكية.

في النهاية أود أن أذكر نقطة مهمة تتعلق بهذا الجامع فالكثير من الناس وخاصة أثناء قراءة تاريخ الجامع فإنهم يقعون في خطأ لفظي حيث يعتقدون أنّ اسم الجامع جاء من كلمة "التوبة" بمعنى "تاب" وهذا خطأ فأصل الاسم هو "التوب" و"التوب" بالعامية المحكية تعني شجرة التوب وهي ذكر التين وهذه الشجرة معروفة لدى أهل "حلب" وغيرها وتنمو بكثرة في أبواب المغاور وفي المناطق المهجورة

ما زال "جامع التوبة" رغم قدمه فاتحاً أبوابه أمام أهل "حلب" وزوارها إلى اليوم للعبادة والتواصل الاجتماعي والروحاني فمنذ بنائه في عهد المماليك إلى اليوم صلى فيه الآلاف وبالتالي خلق نوعاً من التواصل بين ماضي المدينة وحاضرها وسيستمر مستقبلاً».

الجامع من الداخل

وختم: «في النهاية أود أن أذكر نقطة مهمة تتعلق بهذا الجامع فالكثير من الناس وخاصة أثناء قراءة تاريخ الجامع فإنهم يقعون في خطأ لفظي حيث يعتقدون أنّ اسم الجامع جاء من كلمة "التوبة" بمعنى "تاب" وهذا خطأ فأصل الاسم هو "التوب" و"التوب" بالعامية المحكية تعني شجرة التوب وهي ذكر التين وهذه الشجرة معروفة لدى أهل "حلب" وغيرها وتنمو بكثرة في أبواب المغاور وفي المناطق المهجورة».

المهندس "عبد الله حجار" الباحث الأثري ومستشار في جمعية العاديات بحلب قال حول الجامع: «"جامع التوبة" سمي بهذا الاسم نسبة إلى "شجرة التوب"– ذكر التين التي كانت في الجامع على ما يبدو، وقد تم بناؤه في العام 1443 ميلادية.

الجامع من الداخل

يوجد في "جامع التوبة" صحن أبعاده 30×30 ذراعاً وقد جرى تعديله فيما بعد، ويعتبر هذا الجامع من أعمر جوامع "حلب" ولا تكاد تنقطع فيه العبادة ليلاً ولا نهاراً، وقد كانت منارته على بابه الشمالي فهُدمت وعُمرت من جديد، وبالقرب منه كان يوجد "سبيل التوبة" الذي كان مكاناً لسقاية قوافل الجمال القادمة إلى مدينة "حلب" وذلك قبل دخولها إليها من الجهة الشرقية وقد نُقل ذلك السبيل لفترة إلى جوار "المدرسة السلطانية" أمام القلعة ثم رفع من جوارها ولا أعرف بالضبط أين وضعوه لاحقاً.

وبجانب "جامع التوبة" أيضاً كان يوجد "حمام برسيم" تم هدمه عند فتح الأوتستراد في الموقع وهو قديم يعود إلى أوائل فترة المماليك وربما أقدم من ذلك».

المهندس عبد الله حجار

وحول أصل تسمية الجامع باسم "التوبة" راجعنا بعض المصادر التاريخية، فجاء في كتاب "نهر الذهب بتاريخ مملكة حلب" للمؤرخ الحلبي "الغزي" أنّ التسمية هي بضم التاء وذلك نسبة لشجرة كبيرة لذكر التين /التوب/ كانت فيه، بينما يقول المؤرخ "أبو ذر" في كتابه "كنوز الذهب في تاريخ حلب" أنّ في مكانه كانت تباع المنكرات وتقف فيه القينات فألغي ذلك وبني في المكان هذا الجامع فسمي "جامع التوبة"- من تاب.

أما الدكتورة المهندسة "نجوى عثمان" الباحثة الأثرية فتقول في كتابها "الآثار والأوابد التاريخية في حلب وكلس وغازي عنتاب" ما يلي حول الجامع: «يقع الجامع في محلة "محمد بك" في حي "باب النيرب" وقد كان فيه شجرة توب عظيمة /ذكر التين/ فأضيف الجامع إليها، بناه "محمد بن أبي بكر المعصراني الجبريني" في العام 851 هجرية في أيام الظاهر "جقمق" ثم جُدد في العام 1180 هجرية 1766 ميلادية.

في العام 1300 هجرية 1882 ميلادية جدد "علي بن محمد النيرباني" الحوض وسط الصحن كما فرش الصحن بالرخام، وغربي القبلية تربة فيها قبور من بينها قبر الواقف وعليه اسمه.

وأهم ما في الجامع منبره الخشبي ذو الزخارف الهندسية الجميلة وكذلك الشمسيات المفرغة بأشكال هندسية دقيقة في النوافذ العليا للقبلية والزخارف الحجرية فوق محراب الصحن بالإضافة إلى المئذنة المملوكية ذات المقطع المثمن بشرفة ومظلة مثمنتين وفي نهايتها قبة نصف كروية».