تعتبر قلعة "حلب"من أقدم و أكبر قلاع العالم، حيث تبلغ مساحتها حوالي /20/هكتاراً*، وقد تكون أجزاؤها أو أقسامها الرئيسية معروفة للجميع كمدخل باب الحيات الضخم، أو قاعة العرش أو باب الأسدين وغيره من هذه الأجزاء التي تعود إلى عهود وعصور مختلفة، لذلك سيجول eAleppoاليوم في أقسام قلعة "حلب" الداخلية التي قد تكون مجهولة للكثيرين، من أجل التعريف أكثر بهذه القلعة الصامدة.

من هذه الأقسام التي سنتحدث عنها ونجول فيها قصر الملك الأيوبي العزيز "محمد بن الظاهر غازي"، يقع هذا القصر شمال شرق برج القلعة الرئيسي، وقد بناه الملك العزيز "محمد" بن الملك الظاهر "غازي"سنة /628/للهجرة، /1230/للميلاد،وتبلغ مساحة القصر (30×30)ذراعاً وتحيط به مجموعة من الباحات، ويضم القصر حماماً غاية في الروعة والإتقان.

السياحة في بلدنا تشهد تطوراً ملحوظاً بسبب الاهتمام بالسياحة والمنشآت السياحية،من خلال عملي مع السياح ألاحظ أنهم يحبون زيارة القلاع و الحصون القديمة التي تعود إلى عصور تاريخية مختلفة مثل "أفاميا" و"قلعة الحصن" و قلعة "حلب" والقلاع القديمة الموجودة على الساحل السوري مثل قلعة "المرقب" والقلاع الفينيقية القديمة،هذا بالإضافة إلى الأسواق القديمة و البيوت التراثية

إلى الأسفل من قصر الملك الأيوبي العزيز "محمد الظاهر غازي"يوجد ما يسمى بالقاعة "البيزنطية" أو صهريج الماء الكبير للقلعة، حيث يتم الدخول إليها عبر بوابة صغيرة تقع مقابل حمام "نور الدين زنكي" فبعد عبور البوابة والممر المقنطر بالحجر نصل إلى درج محفور في الصخر ينخفض للأسفل يؤدي إلى خزان ماء كبير بانخفاض حوالي /50/متراً، ويتألف من ثلاث قاعات مقببة بالقرميد الأحمر تتصل بواسطة نهاية أحد أطرافها بمركز مشترك محدد ببئر يدور حوله درج حلزوني محفور في الصخر،ولم يتم التوصل حتى الآن إلى كشف سر وصول الماء إلى البئر، ولكن يعتقد أن قناة "حيلان"هي التي ترفده بالماء، وفي الزاوية الشمالية الشرقية من القاعة "البيزنطية" أو خزان الماء الكبير ومن جهة يسار القاعة يتم الصعود عبر درج حيث يمكن مشاهدة حفرة عميقة مستطيلة الشكل محفورة ضمن الصخر وفي أحد جدرانها أنبوب ماء فخاري يقال بأنها كانت في وقت ما صهريج ماء ثم تحولت إلى سجن يسمى شعبياً بـ (حبس الدم).

قصر الملك العزيز محمد بن الظاهر غازي

من أقسام قلعة "حلب" الهامة أيضاً المقام التحتاني الذي كان يضم صخرة مقدسة يقال بأن سيدنا "إبراهيم" الخليل عليه السلام كان يجلس عليها و يحلب أغنامه، وقد كان الجامع كنيسة ثم تحول إلى جامع في تاريخ مجهول، إلا أن "نور الدين محمود"جدد عمارته سنة /1179م/،/575هجري/، وقد كان الجامع فيما مضى يضم محراب يعد تحفة و آية في الروعة والجمال، إلا أنه اختفى بين عامي /1922و1930م/كما كان يضم المقام بداخله بعضاً من أكبر كنوز الفن "السوري" في القرون الوسطى.

من كنوز قلعة "حلب"الثمينة أيضاً مقام سيدنا "الخضر" عليه السلام الموجود في الطرف الشرقي من الممر الرابع (الدهليز)الموجود مقابل باب "الأسدين" ضمن إيوان صغير،إن وجود مقام سيدنا "الخضر"و سيدنا "إبراهيم"عليه السلام في قلعة "حلب" كان يعطي لساكني القلعة وجنودها دفعة من القوة والاعتزاز،وقد اهتم الملوك والسلاطين الذين حكموا "حلب"بالمقامين الشريفين،فرمم مقام سيدنا "إبراهيم" عدة مرات،بينما قام أحد الملوك بحفر خزانة في الجدار الشرقي لمقام سيدنا "الخضر"من أجل وضع قناديل ضمنها تبقى مضاءة ليلاً ونهاراً.

على هامش جولتنا في قلعة "حلب"،eAleppoالتقى السائحين الفرنسيين"إيتين أمبلارد"و"أدرلي أمبلارد" اللذين حدثانا عن جولتهم في "حلب" بشكل عام وفي قلعة "حلب" خاصة فقالا:«هذه هي زيارتنا الأولى إلى "سورية"،حيث زرنا قلعة "سمعان" أولاً ثم جئنا إلى قلعة "حلب"، وفي الحقيقة أعجبنا كثيراً بكل ما شاهدناه من معالم وآثار مازالت محافظة على شكلها وتراثها القديم كما كانت عليه منذ عدة قرون ،وقد أعجبنا كثيراً هنا في قلعة "حلب" بالمدخل الرئيسي للقلعة و مدخل القصر الملكي، وستكون لنا زيارات عديدة في الأيام القادمة،مع أصدقائنا و أقاربنا،لأننا أحببنا هذا البلد الجميل».

كما التقينا الدليل السياحي "محمد نبيه الصباغ" الذي حدثنا عن أكثر ما يعجب السياح في "سورية" وفي "حلب" فقال:«السياحة في بلدنا تشهد تطوراً ملحوظاً بسبب الاهتمام بالسياحة والمنشآت السياحية،من خلال عملي مع السياح ألاحظ أنهم يحبون زيارة القلاع و الحصون القديمة التي تعود إلى عصور تاريخية مختلفة مثل "أفاميا" و"قلعة الحصن" و قلعة "حلب" والقلاع القديمة الموجودة على الساحل السوري مثل قلعة "المرقب" والقلاع الفينيقية القديمة،هذا بالإضافة إلى الأسواق القديمة و البيوت التراثية».

نذكر أن قلعة حلب قد تعرضت للسلب والنهب و الخراب على يد "المغول" الذين وصلوا إليها في عهد "هولاكو"سنة /659للهجرة/،/1260للميلاد/، لكن لم تستطع هذه الحروب أن تنال من هيبتها و عظمتها وكبريائها، فبقيت حتى الآن شامخة و صامدة تتحدى الأيام وتروي للزوار حكايتها من تاريخ مشرف عاشته منذ قرون طويلة مع الإنسان.

*المصادر التاريخية

كتاب ("حلب" ترحب بكم) للمؤلف عامر "رشيد مبيض"