أصبحت فكرة انتقال سوق الهال القديم من مكانه الذي يتوسط حي "المشارقة" إلى منطقة "خان طومان" في أطراف"حلب" الغربية هي الشغل الشاغل لدى الكثيرين في أوساط "حلب"، فبين موقف مؤيد وآخر معارض للفكرة انطلقنا نستكشف مايدور في كواليس سوق الهال خلال زيارتنا له يوم الخميس 4/1/2010

رحلة البحث عن المكان

البداية كانت مع المهندس "محمد زكي كعكة" وواحد من التجار القدامي الذي حدثنا عن فكرة نقل السوق فقال:« تعود فكرة البحث عن أرض بديلة لسوق الهال القديم مع أواخر عام /1996/م ، وفعلاً تم البحث عن أرض بديلة ومناسبة ليكون خارج "حلب"، حيث وقع الاختيار بداية على أرض في منطقة "الراموسة" بالقرب من كراج "البولمان" إلاّ أنها لم تكن مناسبة لعدم توفر الشروط الصحية والبيئية، بالإضافة إلى أنها غير مخدمة من ناحية الطرقات والمواصلات، ووفق هذه المعطيات تم الاعتراض عليها، على أمل البحث عن أرض بديلة ومناسبة، وتم طرح المشكلة على مجلس مدينة "حلب" الذي أبلغنا عدم امتلاكه أرض أخرى بديلة، وطلب من التجار مهمة البحث عن أرض جديدة، وأوعز السيد الدكتور "تامر الحجة" محافظ "حلب" في هذه الفترة بتشكيل لجنة إعمار سوق الهال الجديد ويكون بإشرافها باعتبارها تضم مجموعة من التجار، وبالفعل قامت اللجنة بجمع مبلغ /250000/ ليرة سورية "هبة" لمجلس مدينة "حلب" لقاء أعمال البنية التحتية التي صُرفت على أرض "الراموسة" وأعلنوا خلالها التخلي عن فكرة هذه الأرض تماماً لتنتهي مهمة مجلس المدينة منذ ذلك الحين ولتلقى مهمة البحث عن أرض جديدة على عاتق لجنة الإعمار ويصبح التمويل ذاتياً للمشروع ككل، وبعد فترة وجيزة أخبرتنا لجنة السوق بأنها عثرت على أرض جديدة في منطقة "خان طومان" تتبع ملكيتها لمديرية أملاك الدولة في مديرية الزراعة على المحضر رقم/24/، وتم الاتفاق على سعر المتر المربع الواحد بقيمة /65/ ليرة سورية، و بالتعاون مع نقابة المهندسين تمت دراسة هذه الأرض هندسياً من قبل مكتب "حميضة وخولي" للدراسات الهندسية».

سيتم البدء بإعمار الأرض خلال الفترة القريبة، والمشروع سيكون جاهزاً خلال سنتين أو ثلاث للانتقال إليه على أبعد تقدير

الأرض الجديدة، ومشاكل جديدة

السيد "عبد الخالق خرقي"

خلال جولتنا في السوق كانت الآراء متباينة، فهناك فئة من التجار ترغب بالانتقال إلى السوق الجديد، وفئة أخرى تعترض لأسباب مختلفة يوضحها لنا السيد "محمد زكي كعكة" فيقول:« قام مجموعة من التجار بالذهاب لمشاهدة الموقع على أرض الواقع إلا أننا فوجئنا بأنه غير صالح نهائياً لأن يقام عليه سوق بهذا الحجم، وقمنا بتقديم كتاب للسيد محافظ "حلب" شرحنا فيه هذه الأسباب وأهمها أن شكل الأرض غير هندسي فهو لا مربع ولا مستطيل الأمر الذي يجعل التنقل فيه بالمركبة عناء ويحتاج إلى قطع عدة أميال للوصول، ثم إن طبيعة الأرض الطبوغرافية غير صالحة لوجود تلال ووديان ومرتفعات تحتاج تسويتها إلى مبالغ كبيرة ستزيد أعباء التكاليف إضافة إلى أن المكان المراد إقامة المشروع عليه يبعد عن مركز المدينة حوالى/25/ كيلو متراً وهذا سيكون مرهقاً للمستهلك وبائع المفرق الذين لن يستطيعوا الوصول إلى السوق إلا بواسطة سيارة وهذا غير موفر لباعة المفرق، الأمر الذي سيؤدي إلى فتح باب لوجود أسواق جملة ونصف جملة عديدة ضمن المدينة، والآن نعاني من الأسواق الهامشية التي تبيع الخضار والفواكه بالجملة والتي يقف مجلس مدينة "حلب" عاجزاً عن قمع هذه الظاهرة كالسوق الموجود في "جب القبة" و"قارلق" وغيره، وأخيراً أن مجلس المدينة يريد إخلائنا من السوق الحالي لإقامة بعض المشاريع، والعدالة تقتضي بأن يقوم مجلس المدينة ببناء سوق آخر على نفقته كبديل عن السوق الحالي تتوفر جميع الشروط والمواصفات اللازمة بما يتناسب مع التوسع العمراني والسكاني لمدينة "حلب" وهو يمتلك الإمكانات والخبرات اللازمة لذلك».

الحقوق محفوظة، والمحافظة تؤكد

المهندس "أدولف خولي

حملنا أوراقنا واتجهنا إلى محافظة "حلب" لنلتقي بالسيد "محمد وحيد عقاد" عضو المكتب التنفيذي المختص والذي حدثنا عن دور المحافظة في المشروع قائلاً:«دورنا هو تأمين المكان المناسب والواسع لأصحاب هذه المهنة ضمن الحدود الإدارية لأملاك الدولة بالسعر البسيط والذي بلغ /65/ ليرة سورية للمتر المربع الواحد»

أما عن البعد المكاني للأرض الجديدة وما تحمله من مساوئ حسب زعم التجار، فيوضح السيد "عقاد" «جميع أسواق الهال وغيرها تم نقلها إلى خارج المدن، وذلك لتخفيف ازدحام السيارات، ثم إننا لم نعثر على مكان آخر، فلم يكن لدينا بديل أكثر ملائمة في هذه الجهة من أطراف حلب، وسيقوم مجلس مدينة"حلب" بتعويض التجار أصحاب المحلات في السوق القديم عن محلاتهم القديمة من خلال المشاريع المختلفة التي ستقوم على هذه الأرض في الفترة المقبلة، فإما أنهم سيعوضون عنها بمحلات جديدة، أو بمبالغ نقدية تساوي قيمة محلاتهم في الوقت الحالي دون أي نقصان ولن يضيع عليهم أي حق».

التصميم الهندسي الجديد للسوق

أما عن الوقت المتوقع للإنتهاء من المشروع فيقول: «سيتم البدء بإعمار الأرض خلال الفترة القريبة، والمشروع سيكون جاهزاً خلال سنتين أو ثلاث للانتقال إليه على أبعد تقدير ».

دكاكين السوق على الطاقة الشمسية

للوقوف على رأي الجهة المشرفة على الدراسات الهندسية لمشروع سوق الهال، بخصوص طبيعة الأرض وإمكانية إقامة هذا المشروع، بالإضافة إلى حساب الأتعاب والتكلفة، قصدنا المهندس "أدولف خولي" الذي وصف الأرض الجديدة بقوله:«من حيث التكوين هي أرض جيدة وتغلب عليها التضاريس المائلة، وهذه ليست بعوائق، خاصة أنها ليست من النوع الصخري الصلب الذي يصعب الحفر فيها ولا تحتاج إلى تكلفة عالية، وتصل نسبة الميول فيها إلى حوالى 4%، حيث تمت دراسة هذا الموقع وفق أسس عالمية متبعة في منظمة "الفاو" للتنمية والزراعة، وقد تحاشينا في التصميم ألا يكون هناك أي جدار استنادي كي لا يسبب أي عائق عند دخول السيارات والشاحنات الكبيرة، حيث لا يوجد أي التفاف على الإطلاق، فكل الطرق مستقيمة ومتوازية، وبالنسبة للطرقات الواصلة إلى المشروع قمنا بتصميم محلق لسور السوق كاملاً بحيث يمكن أن يكون مدخل السوق من أي جهة كانت بدون تحديد سواء خلال فترة التنفيذ أو بعدها، وقمنا بتقسيم مساحة /10/متر مربع لكل دكان في البداية حيث يوجد أمام كل دكان مصطبة تبلغ مساحتها أربعة أمتار مربعة من كل جهة من أجل عملية التفريغ والتحميل ،بالإضافة إلى فسحة سماوية مكشوفة مساحتها تسعة أمتار مربعة يمكن عرض البضائع فيها أمام المحل، كما أقمنا فوق الدكان "سقيفة" توازي مساحتها مساحة الدكان بالأسفل وخصصناها لإقامة مكاتب للتجار ووضع ما يحتاجونه، لكن أعداد الدكاكين لم تكن كافية، فقمنا بتصغير مساحة الدكان الواحدة إلى ثمانية أمتار مربع بدلاً من عشرة، وبذلك أصبح عدد الدكاكين حوالى/340/ محلاً تجارياً، وراعينا درجة الميول في الأرض فقسمنا المشروع إلى "بلوكات" تضم في كل واحدة منها أربعة دكاكين، ووضعنا بين كل دكان والذي بجانبه درجتين بارتفاع /30/ سم، فدرجة الميول من أول دكان إلى آخر دكان لن تصل إلى أكثر من /128/ سم فقط، وهذا لن يؤثر على اصطفاف السيارات أثناء التفريغ والتحميل».

أما بخصوص حساب الأتعاب والتكاليف المحسوبة لهذا المشروع فيقول المهندس "خولي": «تم احتسابها وفق تسعيرة الحد الأدنى لنقابة المهندسين، ووفق النماذج المتكررة، وحيث أن المشروع خدمي فقد تمت معاملته معاملة دراسات القطاع العام، علماًَ أنه لم يتم حساب أتعاب دراسة المسجد وخزان المياه وقيمة المساحات الإسفلتية، ولم يتم حساب أتعاب الإضبارة الإسفلتية والبالغة1.5% من كلفة الأعمال المشمولة في الإضبارة، كذلك لم يتم حساب أتعاب الدراسة الميكانيكية "تدفئة وطاقة شمسية" للدكاكين».

السوق لأهله، و40% دفعة أولية

أسئلة كثيرة يطرحها المهتمون حول آلية إعمار سوق الهال وكيفية الاكتتاب فيه وهل يحق للتاجر أن يستكتب على أكثر من محل، نقلناها للسيد "عبد الخالق خرقي" رئيس لجنة إعمار سوق الهال الذي أوضح قائلاً:«يمكن لكل تاجر يملك محالاً في السوق القديم أن يستكتب على محل أو أكثر في السوق الجدي، وهنا يشترط أن يكون من أبناء السوق فلا نقبل أي شخص من خارجه، وطرحنا إمكانية أن يستكتب أكثر من محل لأن مساحة السوق الجديد واسعة».

أما عن طريقة دفع المبالغ المستحقة وأسعار المحال، فيقول عنها السيد "خرقي" «بداية طالبنا المتمين بالشراء بدفع مبلغ مائتين وخمسين ألف ليرة سورية كدفعة أولى ، ومائة وخمسين ألف ليرة سورية كدفعة ثانية ، ومبلغ مائة ألف ليرة سورية كدفعة ثالثة، لتصبح قيمة المدفوعات حوالي الخمسمائة ألف ليرة سورية، وسيتم أيضاً مطالبتهم بدفع دفعة رابعة عند البدء بالمشروع، لكن ونظراً لعدم تمكن نسبة لا بأس بها من التجار على الالتزام بهذه الدفعات قامت محافظة "حلب" بمخاطبة بعض البنوك الخاصة والمصارف العامة لتمويل المشروع واحتساب أرباحه وفوائده بسعر القطاع العام، وهنا أبدى المصرف التزامه بتغطية كلفة المشروع بنسبة 60% من قيمته ولمدة عشر سنوات على أن تؤمن من التجار نسبة الأربعين بالمائة المتبقية».

جدير ذكره أنه يعمل على هذا المشروع أربع لجان مساحية، وفريق العمل الهندسي يضم أكثر من /20/ مهندساً، يرأسهم المعماري "أدولف خولي" والإنشائي الدكتور"يوسف حميضة" والمساحة "صبحي السيد" والجيوتكنيك "ديمتري سمعان" وأخصائيين مختلفين في مجال الكهرباء وغيرها.