"سوق اليبرق" هو من الأسواق المعروفة في مدينة "حلب" القديمة وهو سوق شعبي حديث النشأة نسبياً قياساً إلى باقي أسواق "حلب" القديمة إذ لا يتجاوز عمره الخمسين عاماً فقد كان بالأصل زقاقاً مهجوراً قبل تحويله لسوق من قبل الباعة بدءاً من النصف الثاني من القرن الماضي.

في السوق التقى موقع eAleppo عددا من المواطنين وسألهم حول أهمية هذا السوق في حياة الحلبيين فقال السيد "فوزي أحمد": «أنا من زوار أسواق "حلب" منذ أكثر من ثلاثين سنة تقريباً وتحديداً "سوق اليبرق" الذي يتميز بتوافر الأقمشة بمختلف أنواعها وأشكالها وبأسعار معقولة جداً وذلك قياساً إلى باقي الأسواق والمحلات التجارية وخاصة المحلات الموجودة في الحارات والمناطق الراقية من "حلب" حيث تكون الأسعار فيها مضاعفة فإذا كان متر القماش هنا بمئة ليرة فقد تصل في تلك المحلات إلى 500 ليرة حتى دون أن يختلف نوع القماش وصنفه في الكثير من الأحيان».

أنا أعمل في "سوق اليبرق" منذ 5 سنوات- ولكني أعمل منذ 20 سنة في أسواق "حلب" القديمة- بتجارة أقمشة المفروشات المتنوعة مثل أوجه المخدات والفرش واللحف وغيرها، وهي أقمشة نشتريها من "خان الجمرك" المجاور ونبيعها للزبائن بالمتر

وأضاف "فوزي": «السبب في رخص البضاعة هنا برأيي هو أن أغلبية الأقمشة التي تباع في "سوق اليبرق" هو ما يمكن أن نسميها بالقماش الشعبي الذي تلاؤم أسعاره جيوب العامة من الناس ومن هذا المبدأ تراه سوقاً مزدحماً بالناس وخاصة القادمين من أبناء الريف الحلبي الذي يرغبون ببضائع السوق أكثر من أي سوق أو محل آخر بسبب رخصه أولاً ومناسبته لأذواق الريفيين الذين بحكم أعمالهم في الزراعة وأوضاعهم المادية المرتبطة بالمواسم لا يحبذون كثيراً شراء الأقمشة الغالية الثمن».

ماجد ططري -تاجر في السوق

السيدة "مريم شيخو" قالت: «في هذا السوق يمكن للمرء أن يجد كل ما يناسب ذوقه من أقمشة وبأسعار مقبولة فقد زرت هذا اليوم معظم أسواق "حلب" وذلك لشراء أقمشة خاصة بالفرش والمخدات واللحف لتجهيز ابنتي قبل عرسها وقد وجدت أنّ البضاعة في "سوق اليبرق" أرخص من باقي الأسواق.

الكثيرون يقولون بأنّ بضائع هذا السوق هو من النوع الرديء ولذلك فأسعاره رخيصة ولكن هذا غير صحيح ويمكننا القول بدلاً من ذلك بأنها من النوع الخفيف وأسعارها مقبولة وهي بالتالي تناسب أصحاب الدخل المحدود».

مروان طرقجي -تاجر في السوق

وللتعرّف أكثر على الفعاليات التجارية في "سوق اليبرق" قام موقع eAleppo بجولةٍ فيه حيث التقى ببعض أصحاب المحلات، والبداية كانت مع المهندس التاجر "ماجد ططري" الذي قال: «أنا أعمل في "سوق اليبرق" منذ حوالي 20 عاماً وذلك في مجال تجارة الأقمشة المتنوعة، قديماً كان القماش المحلي هو الشائع في هذا السوق مثل باقي الأسواق وفي مقدمته "البروكار الحلبي" الذي يعد من أفخر أنواع القماش الذي يُصنع في "حلب" ومع مرور الزمن دخلت لتجارتنا أنواع الأقمشة المختلفة سواء أكان وطنياً أو أجنبياً، وهذه المصلحة هي مهنة آبائي وأجدادي التي ورثتها منهم وما زالت مستمرة لليوم.

عندما تشكل "سوق اليبرق" منذ حوالي 50 سنة كانت البضاعة الخاصة التي تُباع فيه هو الخام الأبيض الذي كانت الدولة تصنعه حينها ولكن مع مرور الزمن تعددت أنواع الأقمشة التي يتم بيعها فيه كما ترى فالسوق تزينه أنواع وألوان وأشكال مختلفة من الأقمشة وهي الأقمشة التي تُستخدم في خياطة الملابس والمفروشات المنزلية المختلفة وغيرها».

جانب من سوق اليبرق

وحول الحركة التجارية في السوق حالياً قال: «نحن نعتمد في بيع وتصريف بضاعتنا على نوعين من الزبائن هم: الزبائن المحليون وخاصّة من أبناء الريف والزبائن الخارجيون وخاصة من تركيا ولبنان والسعودية ومصر وإيران، ومع ذلك فالحركة التجارية حالياً هي ضعيفة ولا ترتقي إلى المستوى المطلوب».

السيد "مروان طرقجي" وهو من تجار السوق أيضاً قال: «هذا السوق في الأصل كان شارعاً مهجوراً ومنذ حوالي 30 سنة تقريباً بدأت المحلات تظهر فيه ويبلغ عددها اليوم حوالي 25 محلاً وقد تم إطلاق تسمية "سوق اليبرق" عليه ولا أعرف السبب بالضبط ولكني اعتقد أنّ لذلك علاقة ببيع ورق العنب فيه والذي يُسمى شعبياً باليبرق فمدخل السوق الشمالي يتصل بالأسواق الطويلة الممتدة من "باب إنطاكية" إلى "القلعة" وهي منطقة عبور كبيرة جداً للناس يومياً.

محلات السوق تم فتحها على طرفي جدران الزقاق وبعضها كانت تُستخدم مرابطاً للدواب والخيول أثناء مجيئها محمّلة بالبضائع إلى "خان الجمرك" حيث يكون السوق ملاصقاً له، ومنذ أن بدأت الحركة التجارية فيه كانت تجارة الأقمشة هي الشائعة ولكن بشكل عام كانت الأقمشة التي تُباع فيه هي من نوع الدرجة الثانية والتي نسميها الفِضَل أو السَقط وهي عبارة عن أقمشة قد تكون مضروبة لسبب ما ولذلك فقد كانت تُباع- وما زالت في قسم منها- بأسعار رخيصة ولذلك كنت تجده مزدحماً بالناس من ذوي الدخل المحدود واليوم يباع فيه مختلف أنواع وأصناف الأقمشة وليس قماش السَقط والفِضَل فقط».

وقال متابعاً: «أنا أعمل في "سوق اليبرق" منذ 5 سنوات- ولكني أعمل منذ 20 سنة في أسواق "حلب" القديمة- بتجارة أقمشة المفروشات المتنوعة مثل أوجه المخدات والفرش واللحف وغيرها، وهي أقمشة نشتريها من "خان الجمرك" المجاور ونبيعها للزبائن بالمتر».

وحول إقبال الناس على السوق قال: «في الحقيقة لقد خفت الحركة كثيراً لأنّ زبائننا الذين كانوا يأتون للشراء من الخارج تأثروا بالأزمة المالية العالمية تلك الأزمة التي أدت إلى ركود الأسواق الخارجية وقلة البيع فيها وبالتالي قّلت عمليات شراء الزبون الخارجي من السوق، أما محلياً فالسوق كباقي الأسواق له مواسمه التي تنعشه وتحركه مثل وقفات الأعياد أو فترات المواسم الريفية كالحصاد وجني الزيتون وغيرها».

وحول السوق يقول الدكتور "محمود حريتاني" مدير آثار ومتاحف سورية الشمالية سابقاً في كتابه /"حلب"، أسواق المدينة/، 2006، شعاع للنشر والعلوم: «هو في زقاق ضيق يتجه شمالاً وجنوباً ويقع بين الجدارين الخارجيين لخان الجمرك غرباً وخاني النحاسين والبرغل شرقاً ويبدأ من مدخل "سوق الشام" ويتجه إلى الأحياء السكنية في "حي الجلوم".

لم يكن في أول هذا الزقاق في الستينيات من القرن الماضي سوى مخزنين ومع مرور الزمن بدأ بارتياده الباعة الجوالين لبيع الأقمشة فيه على ألواح خشبية /بسطة/ وبسبب أهمية الموقع إذ يشكل نقطة عبور للناس فقد ازداد عددهم وفُتحت في طرفي جدرانه العديد من المخازن، والعمل الرئيسي فيه هو بيع الأقمشة بالجملة والمفرق، وبالنسبة لكلمة "يبرق" فلا ندري من أين جاءت ولكن ربما كان يباع فيه للمارة "اليبرق" فاستمد السوق اسمه منه».