تنتمي قرية "فدرة" التاريخية بآثارها الخالدة إلى مجموعة القرى الأثرية التي تقع في "جبال الكتلة الكلسية" الواقعة إلى الشمال الغربي من سورية والتي أطلق عليها المؤرخون وعلماء الآثار تسمية "المدن المنسية" أو "المدن الميتة" أو "القرى الأثرية الريفية"، وكغيرها من تلك القرى والمواقع الأثرية تحكي قرية "فدرة" عن جزء من تاريخ المنطقة وسورية من خلال آثارها المختلفة والجميلة والتي ما زالت في أغلبها شامخة حتى اليوم.

مراسل موقع eSyria التقى في مدينة "حلب" الأستاذ "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية وأجرى معه لقاءً للحديث عن قرية "فدرة" الأثرية من الناحية التاريخية، وللتعرف على ما تبديه من معالم أيضاً، وفيما يلي نص اللقاء:

  • في البداية كيف يمكن للسيّاح والزوّار الوصول إلى قرية "فدرة"؟
  • السوق الأثرية في القرية

    ** يمكن للسائح أو الزائر الوصول إلى قرية "فدرة" والتمتع بآثارها التاريخية من خلال طريقين رئيسيين هما: طريق "حلب" الغربي- "المنصورة" الذي يصل إلى قلعة "سمعان" الشهيرة، فبعد أن نتجاوز مدينة "دارة عزة" التي تقع على بعد /30/ كم شمال غرب "حلب" بنحو /2,5/ كم ننعطف يساراً ونسير في طريق فرعية باتجاه الغرب وبعد السير مسافة كيلو متر واحد نصل إلى موقع "قاطورة" الأثري، ومن ذلك الموقع نتابع السير وبعد مسافة /2/ كم نصل إلى قرية "زرزيتا" الأثرية أيضاً ثم نتوجه نحو الشمال لنصل إلى قرية "فدرة" وذلك بعد نحو /2/ كم ومن خلال طريق معبدة.

    أما الطريق الرئيسي الثاني- والكلام ما زال له- فهو طريق قلعة "سمعان"- "دارة عزة" باتجاه مدينة "حلب" وعند الوصول إلى المفرق السابق /أي مفرق قرية "قاطورة"/ ننعطف يميناً ونتوجه نحو الغرب لنتابع السير بنفس الخطوات السابقة/ "قاطورة"- "زرزيتا"- "فدرة"/.

    من آثار قرية فدرة

  • ما معنى اسم "فدرة" تاريخياً؟
  • ** بحسب ترجمة المعنى السرياني لأسماء القرى في جبلي "سمعان" و"حلقة" فإنّ كلمة "فدرة" تعني الإيوان أو مكان صناعة بدلة القداس للكاهن.

  • حبذا لو حدثتنا عن أهم الآثار الموجودة في القرية؟
  • ** من أهم آثار قرية "فدرة" كنيسة وحوانيت/ سوق/ جميلة محفوظة حتى الآن، السوق يتقدمها صف من الأعمدة المطلة على الباحة الداخلية، أما في بناء الكنيسة فلم يعمل سوى الحنية من الحجر المصقول، وحالياً لم يبق من واجهاتها الأساسية سوى بعض نجفات وقوائم الأبواب المؤلفة من قطعة واحدة من الحجر.

    وتعد هذه الكنيسة من الأمثلة النادرة للكنائس الموجودة في المنطقة إذ إنّ ركائزها الأربع الداخلية بين البهوين الجانبيين والبهو الرئيسي موضوعة بشكل مربع وزخارف إفريزها تعود بطرازها إلى نهاية القرن الرابع الميلادي، ولهذه الكنيسة ثلاثة أبواب: باب في الواجهة الجنوبية وبابان في الواجهة الشمالية.

    وعلى بعد بضعة أمتار وتحديداً تسعة أمتار من الواجهة الشرقية للكنيسة قامت المعمودية وذلك بأبعاد داخلية هي 4,10م × 3,85م وتحمل المعمودية في واجهتها الشمالية كتابة سريانية تعود إلى العام /513/ ميلادي، كما يوجد في القرية العديد من الدور السكنية وهي مؤرخة بين القرنين الخامس والسادس الميلاديين».

  • أخيراً، يرجى إعطاء قرّاء موقعنا فكرة عامة حول تاريخ الاستيطان في مواقع "جبال الكتلة الكلسية"؟
  • ** بشكل عام بدأ الاستيطان البشري في "القرى المنسية" الواقعة في "جبال الكتلة الكلسية" التي تدخل ضمن أراضي محافظتي "ادلب" و"حلب" إلى القرون الأولى للميلاد وذلك منذ الفترة الرومانية، ومع انتشار الديانة المسيحية في تلك المناطق والسماح بالحرية الدينية في بداية القرن الرابع الميلادي بدأت تنتشر الكنائس والأديرة في كل مكان فيها وتطورت مع مرور الزمن من حيث الزخرفة والمداخل والنوافذ وذلك خلال القرنين الخامس والسادس الميلاديين.