لكل باب من أبواب مدينة "حلب" القديمة حكايات شتى حفظها لنا المؤرخون، ولكل باب من هذه الأبواب مساهمته الفاعلة في تحقيق الازدهار الثقافي والعمراني والاقتصادي لمدينة "حلب" وفي منع الغزاة من اجتياحها وغزوها وتخريبها إلا فيما ندر. وأبواب "حلب" عبرها الرحالة والمؤرخون والكتاب والفنانون وهم يحملون الفكر والمعرفة منها وإليها، كما عبرتها القوافل التجارية وهي تحمل مختلف أنواع البضائع والمنتوجات من حلب إلى أصقاع الارض وبالعكس، ومن هذه الأبواب القديمة "باب المقام".

حول موقع الباب وتاريخه يتحدث الدكتور "محمود حريتاني" المدير السابق لآثار ومتاحف "سورية" الشمالية لموقع eAleppo بالقول: «يقع "باب المقام" إلى الشرق تماماً من المدينة القديمة وقد بُني حين انتقل السور في الفترة المملوكية إلى هذه المنطقة من مدينة "حلب" وعليه شعارات /رنكات/ السلطان المملوكي "بارسباي" مؤرخة من العام 1422 -1438 م كما توجد عليه كتابة تذكر السلطان "قايتباي" وهي مؤرخة من العام 1439م».

هذه الحكاية ليست للتحقق بالطبع بل هي للمتعة وذلك بأن يعترف شيخ بأنه حزين وعلى هذه الصورة فذلك جدل طويل وجميل ربما لا تعرفه إلا حكايات الأبواب القديمة والجديرة بالحكمة

ويضيف الدكتور "حريتاني": «يذكر المؤرخ "ابن شداد" أنّ فيه اثني عشر حماماً وذلك في ضاحية "المقامات" قبل تدمير "المغول" وتلك إشارة واضحة على تطور السكن في تلك المنطقة التي كانت خارج المدينة قبل بناء السور المملوكي، وكما في كثير من أبواب "حلب" كان إلى جانب "باب المقام" سوق صغير للحي اختص بالفعاليات التجارية والحرفية مثل النسيج والصابون وذلك في القرن الثامن عشر، كما ذكر المؤرخ "ابن الشحنة" في منتصف القرن الخامس عشر خاناً كبيراً ربما كان موجوداً في مكان الخان الذي ما يزال قائماً والملاصق للباب الأثري. إنّ الضاحية التي تطورت خارج السور كانت قليلة الأهمية في الفترة العثمانية فقد بُنيت بين الأضرحة والقبور في هذه البقعة المقدسة التي اختارها الأيوبيون لبناء عدة مدارس خارج الأسوار، أما الأحياء داخل السور والتي يخترقها محور "باب المقام" فنادراً ما ذكرتها المصادر القديمة رغم أنها تضم عمارة هامة ومميزة للقرنين السادس عشر والسابع عشر في حي "الحوارنة" وخاصة "المغازلة"».

الدكتور محمود حريتاني

وتقول الدكتورة "بغداد عبد المنعم" في كتابها /"حلب".. مدينة أم أغنية من مقام القلعة؟/ -منشورات وزارة الثقافة السورية -2006 ما يلي حول ما تبقى من "باب المقام": «قنطرة "باب المقام" هي ما تبقى من الباب وكأنها توقيع زمن بعيد على جسد المدينة، وحتى خمسينيات القرن الماضي كان الخندق المحيط بالسور الخارجي ما زال قائماً غير أن امتدادات البناء الجديدة ردمته لاحقاً. حين تدخل من باب المقام فأنت تصل إلى مقام "إبراهيم الخليل" في "الصالحين" وقبلها الكثير من المقامات والمدارس، وقد ارتبط هذا الباب بحضور كثيف للأولياء فيلاصقه من الغرب مسجد و"مقام الأربعين" وفيه عائلة كاملة ومتناغمة من التكوينات المعمارية الإسلامية المتلازمة فهناك "خان الشاوي" و"المسجد العمري" و"قسطل باب المقام" والعديد من السبلان والحمامات و"المدرسة القيمرية" و"المدرسة الكاملية"».

وتتابع د. "بغداد" لتقص على مسامعنا حكاية قديمة تتعلق بباب المقام: «ما كان ينغلق باب من أبواب "حلب" إلا ويخبئ حكاياته المتحاورة بقوة مع تكويناته المعمارية القائمة والباقة بصلابة وإصرار، فمن بين هؤلاء الصالحين والأولياء وأضرحتهم كان ضريح ولي اسمه "الشيخ الحزين"، لهذا الشيخ حكاية تقول أنّ العائد من صلاة العشاء كان يراه /أي "الشيخ الحزين"/ جالساً على القبر ورأسه مقطوع يحمله على كفه وهو يصيح: أنا الحزين.. أنا الحزين».

أبواب حلب كما ورد في كتاب /نهر الذهب في تاريخ حلب/ للغزي

وتختم حديثها: «هذه الحكاية ليست للتحقق بالطبع بل هي للمتعة وذلك بأن يعترف شيخ بأنه حزين وعلى هذه الصورة فذلك جدل طويل وجميل ربما لا تعرفه إلا حكايات الأبواب القديمة والجديرة بالحكمة».