توجد "القاعة البيزنطية" أو كما يسميها المؤرخون "صهريج الماء" أو "المستودعات" أو "قاعة حبس الدم" إلى يمين الداخل إلى "قلعة حلب" وذلك بعد خروجه من الحصن الكبير أو الباشورة ببضعة أمتار وتُعتبر من المعالم التاريخية البارزة في القلعة إضافة إلى العشرات من المعالم التي تعود إلى مختلف العصور التاريخية.

ولمعرفة المزيد حول هذا المكان التقى موقع eAleppo مديرة "قلعة حلب" المهندسة "ياسمين مستت" والتي حدثتنا عن القلعة بالقول: «"القاعة البيزنطية" هي عبارة عن خزان كبير للماء بناه البيزنطيون وتم استعماله في العصور الإسلامية المتلاحقة حيث تشير الدلائل الموجودة على الجبس أنّه اُستخدم خزاناً للمياه في عصور تاريخية مختلفة، وفي العهد العثماني تم فصل الخزان وذلك بتقسيمه إلى قسمين، بقي القسم الجنوبي يُستخدم كخزان للمياه بينما تم استخدام القسم الشمالي منه كسجن أما في خلال فترة الانتداب الفرنسي فقد اقتصر استخدام الخزان كسجن».

هناك حفرة عميقة يُصعد إلى فوهتها بدرج من داخل المستودعات ويُعتقد أنها كانت تُستخدم سجناً، ومن هنا جاءت التسمية الشائعة /"حبس الدم"/

أما الأستاذ "شوقي شعث" أمين المتحف الوطني في "حلب" سابقاً وفي كتابه /"قلعة حلب" دليل أثري تاريخي/ -"دار القلم العربي" 1993 فيسمي القاعة بالمستودعات وعنها يقول: «تقع إلى يمين الزائر الصاعد، وهي تتكون من أقبية مبنية من الآجر الأحمر، ويُنزل إليها بدرج ويُعتقد أنها أقيمت في العهد البيزنطي حيث كانت تُستعمل مستودعات لغلال أو ما شابه ذلك وفيما بعد اُستعملت خزاناً للمياه».

الممر الطويل إلى القاعة

ويضيف "شعث": «هناك حفرة عميقة يُصعد إلى فوهتها بدرج من داخل المستودعات ويُعتقد أنها كانت تُستخدم سجناً، ومن هنا جاءت التسمية الشائعة /"حبس الدم"/».

وأخيراً يقول المؤرخ "عامر رشيد مبيض" حول القاعة: «يُقال عنها "القاعة البيزنطية" والصواب هو "صهريج الماء"، فبعد الخروج من دهاليز القلعة /دار قاعات القلعة -الممرات المظلمة/ حيث سماء "حلب" المضيئة وعبر طريق حجري نصل إلى "حمام نور الدين زنكي" الذي يقابله بوابة تؤدي إلى "صهريج الماء"، وقد سُميت بالقاعة البيزنطية من قبل الفرقة العسكرية الفرنسية أثناء الاحتلال الفرنسي لسورية والتي نقّبت في "قلعة حلب" دون دليل تاريخي أو أثري».

قاعة حبس الدم

ويضيف "مبيض": «يقوم فوق القاعة محرس دائري منحوت من الحجر وعبر ممر مقنطر بالحجر ودرج محفور في الصخر نصل إلى الخزان الكبير للماء، فبعد أن يمر الزائر عبر ممر طويل وينزل درجاً يصل إلى أرض القاعة /الصهريج الكبير/ والمقبّب بالقرميد الأحمر وفي الجهة اليسرى من تلك القاعة يتم الصعود عبر درج حيث يشاهد الزائر حفرة عميقة مستطيلة الشكل محفورة ضمن الصخر أبعادها 5.12م * 3.90 م تقريباً وفي أحد جدرانها أنبوب ماء فخاري حيث كانت في وقت مضى صهريجاً للماء، يُدخل إليها من باب صغير في أقصى غرب القاعة يتبعه درج ضيق وهو منحوت في الصخر ومؤلف من صحن وجناحين صغيرين يُعرف بحبس الدم.

إنّ القاعة الموجودة على عمق 50 متراً تتألف من ثلاث قاعات مقببة بالقرميد الأحمر ويرتكز سقفها على أربعة دعائم يبلغ طولها 5.17 م وعرضها 5.16 م وارتفاعها 20 م وتتصل القاعة بواسطة نهاية أحد أطرافها بمركز مشترك محدد بساتورة يدور حولها درج حلزوني محفور في الصخر، وحسب "ياقوت الحموي" أنّ أرضية الخندق كانت تصل إلى المستوى حيث يتدفق الماء من الأرض، وتُسحب المياه بواسطة الساتورة من الصهريج في الأسفل إلى الغرفة العلوية ويتم توزيع المياه على بيوت القلعة».

سقف القاعة

وحول اسم "حبس الدم" الذي تعرف به القاعة يقول الأستاذ "عامر رشيد مبيض" وبه يختم حديثه: «ليس صحيحاً أنّ القاعة /"صهريج الماء"/ قد تحولت إلى "حبس الدم" لأنّ المياه كانت تصل إليها عبر قنوات مائية أمر بها الملك "نور الدين محمود" واستمرت المياه بالتدفق إلى كل البيوت في القلعة عبر الساتورة في عهد الملك "الظاهر غازي" ومن بعده "الملك العزيز" و"الناصر يوسف" وقد تم ترميم القنوات في العصر المملوكي، إنّ "قناة حيلان" وحدها كانت تستطيع ملأ خندق القلعة بالماء وهذه القاعة هي في الأصل صهريج الماء الكبير في "قلعة حلب" وتعود إلى عهد الملك العادل "نور الدين محمود" حيث كانت المياه تأتيها من "قناة حيلان"».