تقع "قلعة حلب" في وسط مدينتها القديمة تقريباً، حيث تقوم على هضبة هرمية الشكل يبلغ ارتفاعها عن سطح المدينة 40 متراً تبلغ مساحتها أربعة هكتارات، ومن ميزاتها الدفاعية العسكرية وجود عدد من الأبراج التي يبلغ عددها 42 برجاً وفي مقدمتها "الحصن الكبير".

للحصون وظائف دفاعية مهمة حيث تم بناؤها بشكل يمنع أو يعرقل وصول المهاجمين إلى داخل القلعة وحول ذلك تتحدث مديرة القلعة المهندسة "ياسمين مستت" لموقع eAleppo قائلةً: «لقد تم بناء "الباشورة" /المدخل الرئيسي للقلعة/ في العام 1182 -1183 ميلادية وكان الهدف من بنائها هو عرقلة وصول الأعداء إلى داخل القلعة حيث يجب عليهم أن يجتازوا ست لفات وكذلك عليهم اجتياز البوابات الحديدية الثلاث».

نلاحظ في "الباشورة" وجود مرامي السهام وفتحات علوية لصب السوائل المحرقة والقذائف على العدو

وتضيف "مستت": «بُنيت "الباشورة" كما هي الآن في العصر الأيوبي وذلك على يد الملك الظاهر "غازي" حيث قام بربط المدخل الرئيسي للباشورة بالمدخل الخارجي عن طريق جسر مؤلف من ثماني قناطر كما جعل المدخل جانبياً بهدف منع آلة رأس الكبش من دك الباب، كما بنى البوابات الحديدية الثلاث /"باب الحيات" -"باب الأسدين" -"باب الأسدين الضاحك والباكي" وأقام أماكن لجلوس الجند ورجال الدولة».

الطرق الملتوية /اللفات/ داخل الحصن

وأخيراً تقول: «نلاحظ في "الباشورة" وجود مرامي السهام وفتحات علوية لصب السوائل المحرقة والقذائف على العدو».

أما المؤرخ الحلبي المعاصر الأستاذ "عامر رشيد مبيض" فيقول عن "الحصن": «إنّ البرجين الضخمين الشرقي والغربي لمدخل القلعة وفي البرج الشرقي يقع "باب الحيات" كانا من جملة النشاط العمراني الكبير الذي بدأ به الملك الظاهر "غازي" سنة 588 هجرية 1192 ميلادية، فبعد أن فصل سور "حلب" عن القلعة ووسّع الخندق بالعمق والعرض وبنى ثماني ركائز حجرية أمر ببناء برجين ضخمين عاليين لا مثيل لهما ويصلان إلى مستوى الأسوار العلوية للقلعة ووضع في أحد هذين البرجين باباً حديدياً هو "باب الحيات" وجعل له مصراعين من حديد، ثم شق من هذا البرج الشرقي باتجاه الشمال /أي من "باب الحيات"/ حتى السور العلوي للقلعة طريقاً حتى الباب الذي تنكشف عنده سماء "حلب"».

القسم الأسفل من واجهة الحصن، أيوبي

وحول واجهة الحصن يقول "مبيض": «إنّ واجهة مدخل القلعة /البرجان الضخمان/ من الأسفل وحتى أعلى عقد قوس الباب /أي أسفل نافذة "قاعة العرش"/ تتميّز بالحجارة الهرقلية وهي من بناء الملك الظاهر "غازي" أما النصف الأعلى من الواجهة التي تضم النافذة الجنوبية و"قاعة العرش" فهي من بناء نائب "حلب" المملوكي "سيف الدين جكم" وذلك في الأعوام 806 -809 هجرية 1403 -1406 ميلادية حين أعلن العصيان على نائب "حلب" "الدمرداش" كما أعلن العصيان على السلطان المملوكي في "القاهرة" الناصر "فرج بن برقوق" كما نصّب نفسه سلطاناً على "حلب" ولقّب نفسه بالملك العادل».

أما الدكتور "شوقي شعث" أمين المتحف الوطني في "حلب" سابقاً فيقول في كتابه / "قلعة حلب" دليل أثري تاريخي- دار القلم العربي- "حلب" 1993 /: «يتكوّن البرج الرئيسي من برجين يفصل بينهما فجوة تقوم عليهما "قاعة العرش" ويُدخل من البرج الأيمن إلى القلعة حيث يوجد الباب الذي يعرف بباب الحيات أما البرج الأيسر فهو مصمت إلا من فتحات السهام، ويُعتقد أنّ القسم الأسفل من البرجين يعود إلى العهد الأيوبي زمن الملك الظاهر "غازي" 1186 -1216م أما قسمه العلوي فيعود إلى العصر المملوكي زمن حكم السلطان الناصر "فرج".

القسم الأعلى من واجهة الحصن؛ مملوكي

ومن أهم العناصر الدفاعية التي زُوّد بها البرج السقاطات وفتحات السهام والمدخل المنكسر /"الباشورة"/ والشراريف، ومن أهم العناصر التحصينية المدخل الملتوي المنكسر الذي زُوّد به مدخل القلعة وفيه امتصاص لقوة المهاجمين الجاهلين للمدخل الحقيقي وهم مندفعون باتجاه الأمام وعندما يقتربون من المدخل تصيبهم الحيرة وفي هذه اللحظة يتساقط على رؤوسهم الكلس المطفأ حديثاً أو الزيت المغلي فيتراجعون وفي حال النجاح بالنفاذ إلى المدخل تعترضهم التحصينات التي تحيط بالممر أثناء الصعود إلى القلعة».