تتميّز "قلعة حلب" بأنّها نموذج فريد في فن العمارة العسكرية في العالم حيث أدت عبر تاريخها الطويل وظيفتها الدفاعية على أكمل وجه ضد الغزاة وقد بذل أصحابها كل جهد ممكن في تحصينها ولهذا السبب صمدت طويلاً أمام الغزوات والهجمات وفي المرات القليلة التي سقطت فيها كان الأعداء قد تكبدوا خسائر كبيرة.

حول تحصينات "قلعة حلب" العسكرية وعناصرها المعمارية الدفاعية يتحدث الأستاذ "عامر رشيد مبيض" مؤرخ "حلب" بالقول: «هناك البرجان الضخمان في مدخل القلعة لا مثيل لهما ويصلان إلى مستوى الأسوار العلوية للقلعة وهما من جملة النشاط العمراني الذي قام به الملك "الظاهر غازي" في العام 1192 م، ويُطلق عليهما مع قاعة العرش التي تقع فوقهما "الحصن" لكثافة العناصر الدفاعية فيه. إنّ واجهة القلعة /البرجين الضخمين/ من الأسفل حتى أعلى عقدة قوس الباب تتميّز بالحجارة الهرقلية وهي من بناء الملك الظاهر "غازي" والنصف الأعلى من الواجهة التي تضم النافذة الجنوبية وقاعة العرش هي من بناء نائب "حلب" المملوكي "سيف الدين جكم" في العام 1406 م.

ومن العناصر الدفاعية /البرجان/: المتقدم الجنوبي والمتقدم الشمالي، الجنوبي يقع في أسفل التحصينات المائلة في الجهة الجنوبية للقلعة وأقامه الأمير "جكم" في العصر المملوكي، ارتفاعه 28 متراً، مزود بثلاث سقاطات في كل منها فتحة لرمي السهام وسقاطات جبهية تضم أربع فتحات محمولة على كوابل، لقد زُود البرج بعدد كبير من مرامي السهام عددها 28 إضافة إلى الشراريف والسواتر أما البرج المتقدم الشمالي فقد أقامه أيضاً الأمير "جكم" وهو مؤلف من أربعة طوابق مزود بثلاثة سقاطات وبعدد كبير من مرامي السهام

وهناك البرج المتقدم الأمامي الذي يقع وسط الجسر الحجري الكبير بارتفاع 20 متراً وله بابان جنوبي خارجي مصفح بالحديد وشمالي مصنوع من الخشب ومصفح بالحديد، وعلى سطح البرج المتقدم الأمامي توجد شراريف جدارية، والشراريف من العناصر الدفاعية في القلاع والأبراج وهي نوع من الحجارة المسننة وغير المسننة تُبنى في أعلى الأبراج والحصون ليحتمي وراءها المدافعون ويشرفون على المهاجمين ويطلقون عليهم السهام».

التحصينات المائلة في القلعة

ويضيف "مؤرخ حلب": «وبين البرج المتقدم الأمامي والطريق العام كان يوضع سقالة خشبية تحميها وهي عبارة عن مشط من الحديد يُرفع ويُخفض بواسطة عجلات يمر عليها الصاعدون للقلعة فيشكل باباً آخر علاوة عن الأبواب الأخرى فإذا ما تسنى لأحدهم اقتحام مدخل القلعة يُخفض هذا المشط الحديدي فيبقى المهاجم محصوراً داخله وتحته الحفرة العميقة، والسقالة برأيي أمر بها نائب "حلب" المتمرد دائماً الأمير "جكم" حينما أعلن العصيان على سلطان "مصر" و"الشام" الناصر "فرج بن برقوق" وعلى السلطان في "حلب" الأمير "دمرداش" في العام 1406 م.

ومن العناصر الدفاعية في القلعة الممرات الملتوية التي جعل لها الملك الظاهر "غازي" ثلاثة أبواب هي "باب الحيات" و"باب الأسدين" /الأيوبي/ و"باب الأسدين" /الضاحك والباكي/ ومن ميزات "باب الحيات" الذي يعتبر الممر الوحيد للقلعة بطريقة منكسرة حيث ينعطف يميناً هي تعذر اقتحام القلعة من قبل الأعداء بواسطة الكبش /آلة برأسها كرة تدك بها الأبواب/ وبالتالي تصبح مهمة المدافعين أسهل من مهمة المهاجمين كما يجعل الطريقة اللولبية التي بني فيها هذا الباب الأعداء في موقف المتراجع. حيث رماة السهام والحجارة والزيت المغلي موجودون ويرمون من خلال فتحات رمي السهام والسقاطات».

مرامي السهام في القلعة

ويتابع: «وبعد اجتياز "باب الحيات" الذي يعلوه قوس تزييني مزخرف بزوج من الثعابين المتداخلة ذات الأسنان البارزة والتي تهدد من يقتحم القلعة، بعد اجتيازه يوجد دهليز طويل وعريض ومنكسر تتوزع فيه أربعة أواوين، الإيوان الجنوبي فيه كوتان لرمي الأسهم والإيوانان الموجودان في الجهة الشرقية الأول فيه كوة لرمي السهام والثاني ليس فيه كوة لأنّ خلفه يقع سفح تل القلعة، أما بالنسبة للباب السري في القلعة فله وظيفة عسكرية أخرى حيث يمكن استخدامه للهروب من الداخل والاختفاء بطريقة سرية وسريعة عن الأعداء إذا تمكنوا من اقتحام "باب الحيات" المحصّن جيداً، هذا الممر له قيمته من حيث العبقرية العسكرية في البناء حيث وضع مهندسها حسابات خط الرجعة والهزيمة فمهندس القلعة في عهد الملك الظاهر "غازي" كان "ثابت بن شقويق" كان هدفه حين أوجده هو الحفاظ على حرية القلعة واستقلالها».

وحول العناصر المعمارية الدفاعية في القلعة أيضاً يقول الدكتور "شوقي شعث" الأمين السابق للمتحف الوطني بمدينة "حلب" في كتابه /"قلعة حلب"، دليل أثري تاريخي/-منشورات دار القلم العربي 1993 ما يلي: «من أبرز التحصينات في القلعة /الخندق/ الذي يحيط بالقلعة من كل الجهات عرضه 26 متراً وعمقه قرابة 9 أمتار ويُعتقد أنّ عمقه كان 28 متراً وكان يُملأ بالماء وقت الحصار ليكوّن حاجزاً مائياً يمنع المهاجمين من اقتحام القلعة ويعرقل زحفهم، وتذكر المصادر التاريخية أنّ "المغول" بقيادة "تيمورلنك" في العام 1400 م لم يستطيعوا اقتحام القلعة إلا بعد أن امتلأ خندقها بالجثث.

الممرات والمداخل الملتوية

وهناك /التحصينات المائلة/ والهدف منها عرقلة صعود المهاجمين للقلعة في حال تمكنهم من اجتياز /الخندق/ وقد جرى تصفيحها بحجارة ملساء يصعب تسلقها في حال وجود ماء بالخندق أو دونه، وتذكر المصادر التاريخية أنّ الملك الظاهر "غازي الأيوبي" قام بتصفيح تل القلعة بالحجارة الهرقلية وقد بلغ ميل الرصف حوالي 45 درجة وبلغت أبعادها /أي الحجارة/ 110×40 سم في بعض الأحيان وخوفاً من أن تنزلق الحجارة دُعمت بأعمدة اسطوانية وُضعت على نحو عرضاني أو بناء جدر لتقوية الصخر الحواري خوفاً من الانهيار، كما يوجد السور المحيط بالقلعة وأبراجه المتقاربة والمكثفة لتسهيل عملية الدفاع وعدد الأبراج 44 برجاً مختلفاً في الحجم زُوّدت بفتحات السهام أما محيط سور القلعة فهو 900 متر».

وأخيراً يقول الدكتور "شعث": «ومن العناصر الدفاعية /البرجان/: المتقدم الجنوبي والمتقدم الشمالي، الجنوبي يقع في أسفل التحصينات المائلة في الجهة الجنوبية للقلعة وأقامه الأمير "جكم" في العصر المملوكي، ارتفاعه 28 متراً، مزود بثلاث سقاطات في كل منها فتحة لرمي السهام وسقاطات جبهية تضم أربع فتحات محمولة على كوابل، لقد زُود البرج بعدد كبير من مرامي السهام عددها 28 إضافة إلى الشراريف والسواتر أما البرج المتقدم الشمالي فقد أقامه أيضاً الأمير "جكم" وهو مؤلف من أربعة طوابق مزود بثلاثة سقاطات وبعدد كبير من مرامي السهام».