تضم "قلعة حلب" مجموعة كبيرة من الكتابات المختلفة والتي تتوزع في أماكن مختلفة منها مثل الأبواب والأبراج ومداخل المساجد وواجهاتها وهي عبارة عن مراسيم وأوامر سلطانية وأوقاف ولوحات تدشين وكتابات تجديد وترميم فيها تعود إلى عصور مختلفة من التاريخ العربي والإسلامي ولكن أكثرها تعود بحسب المؤرخين إلى العهدين الأيوبي والمملوكي.

وحول أهم هذه الكتابات في القلعة يقول مؤرخ "حلب" المعاصر الأستاذ "عامر رشيد مبيض" لموقع eAleppo: «فوق ساكف "باب الأسدين" الضاحك والباكي يوجد نص كتابي مؤرخ سنة 606 هجري 1209 -1210 ميلادي مؤلف من سبعة أسطر والنص: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بعمله مولانا السلطان الملك الظاهر العالم العادل المجاهد المرابط المؤيد المظفر المنصور غياث الدنيا والدين ملك الإسلام والمسلمين سيد الملوك والسلاطين قامع الكفرة والمشركين قاهر الخوارج والمتمردين أبو المظفر الغازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين أعز الله أنصاره بتولي بدر الدين أيدمر الملكي الظاهري وذلك في سنة ست وستمائة"».

هذه الكتابات تعرّفنا على طبيعة الخط ونوعه في كل عصر من العصور وتزوّدنا بطبيعة الألقاب السلطانية في عصر الكتابة وألقاب الولاة والنواب وتدلنا على أهمية رفع المظالم عن الشعب واهتمام الحكام بذلك وتدلنا على أهمية الأعمال العامة كترميم الأبراج والأسوار وجر المياه ومد القنوات وأخيراً تشير إلى إقبال الناس على تخصيص الأوقاف للمساجد والجوامع طلباً للثواب وحب الخير

ويضيف: «تحت النافذة الخارجية لقاعة العرش نقش مرسوم سلطاني على سطر واحد بخط نسخي مملوكي مؤرخ سنة 877 هجرية 1472 ميلادية والنص: "أمر بعمارة هذا القصر المبارك بعد دثورها مولانا السلطان الملك الأشرف قايتباي عز نصره وذلك بإشارة الشريف علاوي الدين نظر السادة الأشراف بالديار المصرية بتاريخ سنة سبع وسبعين وثمانمئة".

البرج الأمامي المتقدم

وهناك شريط كتابي على "البرج الجنوبي" /"برج جكم"/ مؤرخ سنة 914 هجري 1508 م والنص: "أمر بعمارته مولانا السلطان الأعظم الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري عز نصره في أيام المقر السيفي أبرك الأشرفي شاد الشرابخاناة الشريفة ونائب القلعة المنصورة الحلبية عز نصره في شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وتسعمئة".

وفوق الباب الخارجي الصغير للمقام التحتاني يوجد نص إعادة بناء مؤرخ سنة 575 هجرية 1179 م مؤلف من ثلاثة أسطر بخط نسخي نوري والنص: "أمر بعمارته الملك الصالح نور الدين أبو الفتح اسمعيل ابن محمود بن زنكي بن آقسنقر ناصر أمير المؤمنين بتولي العبد شاذبخت في سنة خمس وسبعين وخمسمئة"، وعلى يسار جدار باب قبلية المقام نص مؤلف من أربعة أسطر مؤرخ سنة 811 هجري 1408 م والنص: "وقف العبد الفقير إلى الله تعالى شيخ الإسلام زين الدين محمد ابن الشحنة الحنفي عامله الله بلطف نصف فدان بقرية أورم الكبرا من جبل سمعان على فرش وتنوير ومصالح مقام إبراهيم الخليل بقلعة حلب بتاريخ جماد الأول سنة إحدى عشرة وثمانمئة"، وعلى يمين باب القبلية نص ليس من أصل البناء بل كتب ضمن لوحة من الرخام الأبيض والنص مؤلف من خمسة أسطر مؤرخة سنة 563 هجرية 1167 م والنص: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بإنشاء هذا المسجد المقام الملك العادل نور الدين الفقير إلى رحمة الله أبو القاسم محمود ابن زنكي بن آقسنقر غفر الله له ولوالديه وأحسن خاتمته في سنة ثلاثة وستين وخمسمئة"، وعلى الطنف الحجري في المقام توجد الكتابة التالية: "ما وقف العبد الفقير إلى رحمة الله شاذبخت الملكي العادلي على المسجد المقام بالقلعة المنصورة القرية المعروفة بنابل وقفاً محبساً مؤبداً فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع"».

يمين باب الحيات

ويتابع "المبيض" حديثه بالقول: «يوجد على باب الجامع الكبير مرسوم ملكي مؤرخ سنة 610 هجرية 1213م والنص: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بعمله مولانا السلطان الملك الظاهر العالم العادل المجاهد المؤيد المظفر المنصور غياث الدنيا والدين أبو المظفر الغازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب خلد الله ملكه سنة عشر وستمئة"، وعلى يسار ساكف باب الجامع يوجد مرسوم صادر من نائب حلب ابن تغري بردي 865 -866 هجري 1460 -1461م والنص: "أدام الله العز والبقاء لمولانا السلطان الملك الظاهر أبي سعيد خشقدم عز نصره رسم الأمير الكبير المخدومي تغري بردي الظاهري نائب القلعة بحلب عز نصره بألا يسكن أحد في الجامع ولا يبيّت إلا أن يشهد الصلاة أو لا يجدد خلاف تغير على مخالفته وعليه لعنة الله ولعنة الملائكة إلى يوم الدين"».

الدكتور "شوقي شعث" أمين المتحف الوطني السابق بحلب وأحد المؤرخين القلائل الذين وثقوا كتابات القلعة يقول حول أنواع تلك الكتابات وأهميتها وذلك في كتابه /"قلعة حلب" دليل أثري تاريخي/ دار القلم العربي 1993، ما يلي: «يمكننا تصنيف الكتابات في "قلعة حلب" حسب طبيعتها والموضوعات التي تعالجها كالآتي: هناك "الكتابات الإدارية" التي تتضمن المراسيم والأوامر السلطانية ومصدرها السلطان أو نائب القلعة، وهناك "الكتابات الوقفية" التي تتضمن وقف عقار لمصلحة جامع أو مدرسة أو القيام بعمل من أعمال الخير و"الكتابات التأسيسية" التي تتضمن الاحتفال بإقامة أبنية معمارية كالجوامع والأبراج والأسوار وهناك أخيراً "الكتابات التجديدية" التي توضع عند ترميم بناء عام أو تجديده مثل الجوامع والأبواب والأبراج وقنوات المياه وجرها».

قبلية المسجد التحتاني

وحول أهمية هذه الكتابات يقول "شعث": «هذه الكتابات تعرّفنا على طبيعة الخط ونوعه في كل عصر من العصور وتزوّدنا بطبيعة الألقاب السلطانية في عصر الكتابة وألقاب الولاة والنواب وتدلنا على أهمية رفع المظالم عن الشعب واهتمام الحكام بذلك وتدلنا على أهمية الأعمال العامة كترميم الأبراج والأسوار وجر المياه ومد القنوات وأخيراً تشير إلى إقبال الناس على تخصيص الأوقاف للمساجد والجوامع طلباً للثواب وحب الخير».

وحول نوع الكتابات في القلعة وأمكنتها وسبب كتابتها يضيف: «يوجد على "البرج المتقدم الأمامي" نص كتابي بمكانه الأصلي ويعود إلى العام 1507م ويتألف من سطر واحد إبعاده 380 سم -40 سم داخل إطار وهو نسخي مملوكي والنص، كما يوجد نص كتابي آخر عند رأس الجسر فوق الباب الداخلي للبرج المتقدم الأمامي على لوحة الجبهة فوق الساكف ويتألف من أربعة أسطر أبعاده 160 سم -45 سم وهو نسخي مملوكي ومرسوم سلطاني يعود تاريخه إلى العام 1509م.

وعندما يصعد الزائر نحو المدخل الأساسي للقلعة يشاهد على "البرج الرئيسي" /الحصن/ شريطاً كتابياً حول الحصن مكتوب بخط كبير وواضح وظل النص في مكانه الأصلي ويعود تاريخه إلى العام 691 هجري وهو من النوع النسخي المملوكي القديم طول الكتابة سبعين متراً وكتب تخليداً للسلطان».

ويضيف: «هناك مرسوم صادر عن نائب "قلعة حلب" موجود إلى يمين الداخل من "باب الحيات" يعود إلى العهد المملوكي وتاريخه 859 هجرية، وإلى جوار النص السابق يوجد نص آخر وهو عبارة عن مرسوم صادر عن نائب القلعة في العام 874 هجرية وأبعاده 150 سم -40 سم مؤلف من ثلاثة أسطر وهو نسخي مملوكي، وفوق "باب الحيات" كتابة في مكانها الأصلي فوق ما يمكن عدّه ساكفاً تتألف من سطرين وتبلغ أبعادها مترين -5سم وهي نسخي مملوكي قديم بخط كبير وتحت هذا النص كتب على الساكف الكبير نص ما زال في مكانه الأصلي ويعود تاريخه إلى العام 1384 م أبعاده سبعة أمتار -60 سم مؤلف من سطرين نسخي مملوكي بخط كبير».