يضم البيمارستان الأرغوني مجموعة من الكتابات تتوزع في أماكن مختلفة من البيمارستان مثل أعلى الباب الرئيسي وعلى جانبي نافذة الصيدلية، وهي عبارة عن مراسيم وأوامر سلطانية أمر بإنشائها، وهي تعود إلى العصور التي تم فيها بناء البيمارستان الأرغوني.

وحول القراءات المختلفة لتلك الكتابات أوضحها لموقع eAleppo الأستاذ "يوسف زوعة" أمين متحف الطب والعلوم حينما قال:

كتب في المرسوم الثالث وهو نص كتابي محفور على الجدار الخارجي في زاوية يمين مدخل البيمارستان بأربعة أسطر وهي ـ أمر بإعادة وتجديد هذا البيمارستان وفتحه بعد غلقه 2ـ المقر الأشرف العالي المولوي المخدومي "السيفي تمربغا" 3 ـ الناصري كافل المملكة الحلبي المحروسة أعز "الله" أنصاره 4 ـ "الله" يرحم من كان السبب فيه ـ

«تشكل الكتابات التاريخية للبيمارستان الأرغوني غاية في الأهمية من أجل معرفة تاريخ البيمارستان وبانيه وطبيعته الوقفية، وتتضح في النقش الأول فوق مدخل البيمارستان والذي يبدأ من أعلى الجهة اليمنى لمصطبة المدخل، ويستمر أعلى المدخل الرئيس وحتى الجهة اليسرى ومؤلفة من سطرين، والسبب الثاني لمعرفة الفترات الزمنية التي طرأ فيها ترميمات على البيمارستان، ومحاولة ربطها بالعناصر الإنشائية لتفسير بعض التغيرات الجوهرية في البيمارستان، والتي لا تزال مجهولة بسبب تغيرها في فترات زمنية متقاربة وتعود لنفس الفترة المملوكية وذلك في /810هـ، 825هـ، 846هـ/ والتميز بين هذه التغيرات التي طرأت على البيمارستان في الفترات اللاحقة، والمعاصرة فالمرسوم الأول المحفور على جدران بوابة البيمارستان كتب بسطرين من جهة اليمين فوق مصطبة الجلوس عند المدخل الرئيس للبيمارستان».

الأستاذ "يوسف زوعة"

كتابة المرسوم الأول

حلية شعار مهندس البيمارستان الأرغوني

قرأها "زوعة": "بسم الله الرحمن الرحيم من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها أمر بإنشاء هذا (وفي أعلى المدخل الرئيس تتمة لما كتب من الجهة اليمنى وامتد إلى الجهة اليسرى وبسطر واحد حيث يتابع) البيمارستان المبارك في أيام مولانا السلطان الملك "الصالح بن السلطان" الملك الناصر "محمد بن قلاون" خلد الله ملكه الفقير إلى ربه "أرغون الكاملي" نائب السلطنة"، وأما إذا نظرنا إلى الجهة اليسرى فوق المصطبة عند المدخل الرئيس للبيمارستان فإننا نجد فوق مصطبة الجلوس سبعة أسطر متتابعة.

كتابة المرسوم الثاني

وتابع قائلاً: «حيث كتب في المرسوم الثاني: "المعظمة "بحلب" المحروسة غفر الله له وأثابه الجنة في شهور سنة خمس وخمسين وسبعمئة 2ـ بشد أولياء نعمته "خليل بن آيدغدي الزرّاق" و"بلبان العلاي" و"بلبان الفخري" 3ـ لما كان بتاريخ ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمان مئة اطلع مولانا المقر "الأشرف" 4ـ "السيفي" تاني بك الملكي الصالحي مولانا ملك الأمراء عز نصره وهو الناظر الشرعي 5ـ على البيمارستان السيفي "أرغون الكاملي" بـ "حلب" المحروسة على ما شرطه الواقف أثابه 6ـ "الله" في كتاب وقفه فمنع من هو بغير شرط الواقف وملعون بن ملعون من يحدث فيه بغير 7ـ ما شرطه الواقف أثابه "الله" تعالى وغفر له ولمن كان السبب فيه وللناظر فيه بإحسان».

الكتابات الموجودة بجانب صيدلية البيمارستان

كتابة المرسوم الثالث

وأما عن المرسوم الثالث أشار "زوعة" قائلاً: «كتب في المرسوم الثالث وهو نص كتابي محفور على الجدار الخارجي في زاوية يمين مدخل البيمارستان بأربعة أسطر وهي ـ أمر بإعادة وتجديد هذا البيمارستان وفتحه بعد غلقه 2ـ المقر الأشرف العالي المولوي المخدومي "السيفي تمربغا" 3 ـ الناصري كافل المملكة الحلبي المحروسة أعز "الله" أنصاره 4 ـ "الله" يرحم من كان السبب فيه ـ».

كتابة المرسوم الرابع

أما المرسوم الرابع فعلى الزاوية اليسرى للجدار الخارجي للبيمارستان، يوجد نافذة لصيدلية البيمارستان وعلى يسار النافذة نص كتابي ضمن لوحة حجرية قرأها "زوعة" قائلاً: «ـ لما كان بتاريخ ثاني عشرين ربيع الآخر سنة ست وأربعين وثمانمئة أبطل المقر الشريف العالي المولوي المالكي المخدومي 2ـ "الزيني عمر بن السفاح الشافعي" صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالمملكة الحلبية المحروسة أخذ موجب ما يجلبه نصارى مدينة قارة إلى مدينة "حلب" 3ـ معاملة "دمشق" المحروسة من القماش والثمار خارجاً عن الفاكهة الجاري ذلك في معلوم كتابة السر الشريف بـ"حلب" ابتغاء لوجهه 4ـ تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم».

وفيما قدم مؤرخ "حلب" "عامر رشيد مبيض" شرحاً مستفيضا عن الكتابات الموجودة في البيمارستان الأرغوني حيث قال: «في وسط الرنوك الأربعة نشاهد شعارا نقش عليه اسم مهندس البيمارستان بأربعة أسطر تضمنت 1ـ صنعة "أبي سلم"، 2ـ بن أبي "محمد ابن أمان"، 3ـ رحمه، 4ـ "الله"، أن لفظ الجلالة "الله" كتب في أعلى الحلية لشعار المهندس وقد وردت في النقش كلمة "سلم" حينما قال صنعة أبي "سلم" أنها صنعة أبي "سالم" أو "مسلم" بدلاً من "سلم" وربما الأصح "سلام" لأن ألف سلام كثيراً ما تحذف حتى في القرآن الكريم أما ألف "سالم" وميم "مسلم" فلا تحذفان، وإن كلمة صنعة الواردة في الحلية وردت على كثير من الآثار والتحف العربية بهذه الصيغة أو بصيغة المصدر صنعة أو صناعة كجزء من توقيع صانع الأثر أو التحفة وقد وصلنا الأثر أو التحفة وقد وصلنا كثير من أسماء الصناع الإسلاميين في مختلف الحرف منقوشة متوقيعات على أعمالهم في المباني».

تحليل كتابة المرسوم الأول

فقد قدم "مبيض" مؤرخ "حلب" تحليلاً للنص الكتابي المحفور ضمن الحجر فوق مصطبة الجلوس يمين مدخل للبيمارستان الأرغوني قائلاً: «إن الزخرفة الكتابية الممثلة بالخط النسخي المملوكي تضمنت تاريخ بناء البيمارستان الأرغوني عام /1354/م ، على خلاف الزخرفة الكتابية التي خلت من التاريخ في بيمارستان النوري بحلب وقد نقشت الخطوط الكتابية مضغوطة جداً وغير متناسقة، وامتدت على الجوانب الثلاثة فوق مدخل البيمارستان، وإن النقوش الكتابية ليست من أصل البناء، بل هي مضافة بعد أن حول "أرغون الكاملي" أحد قصور حي "باب قنسرين" إلى بيمارستان، أما الملك "نور الدين"، فقد زعم أنه اختار بيمارستانه وفق دراسات هامة اعتمدت على سلامة البيئة أولاً ولا ضير في ذلك، فإن موقع بيمارستان الأرغوني أيضاً يتميز بسلامة هوائه».

وأما عن تحليل النص الكتابي المحفور ضمن الحجر فوق مصطبة الجلوس يسار مدخل بيمارستان الأرغوني أضاف "مبيض" قائلاً: «إن النص الكتابي يشير إلى أن البيمارستان بناه الأمير "أرغون الكاملي" الذي عين نائب "حلب" في عهد السلطان الملك "الصالح بين السلطان الناصر محمد بن قلاون" وقد تولى أمر البناء "سيف الدين طيجا" الذي شغل وظيفة استادار ولم ينس "أرغون الكاملي" الأمراء الذين ساعدوه في حربه ضد أمير "حلب" السابق "بيبغا أروس" الذي أعلن الحرب على السلطان الملك الصالح وحاصر "دمشق" في شهر رجب سنة /1352/ وقد أمر نائب حلب "أرغون الكاملي" بحفر أسماء الأمراء الثلاثة الذين ساعدوه في حربه ضد نائب حلب المتمرد بيبغا أروس ـ بشد أولياء نعمته "خليل بن آيدغدي الزرّاق" و"بلبان العلاي وبلبان الفخري" ـ وكلمة "بشد" هنا تعني بمؤازرة».

معنى كلمة بشد الواردة في المرسوم

وتابع "مبيض" بشرحه عن معنى كلمة بشد قائلاً: «ربما المقصود من كلمة بشد الأمناء فقد استخدمت الكلمة في العهد المملوكي بهذا المعنى وقد استخدم هذا اللفظ في دولة المماليك للدلالة على موظف يتمتع بسلطات المراقبة والإشراف والتفتيش والمعاونة والتعمير والاستثمار وغير ذلك، وكما استخدمت لفظة بشد، مشد أو الشاد بحسب نوع الشد الذي يتولاه الموظف وقد عرفت دولة المماليك أنواعاً كثيرة من الشادين مثل شاد الأوقاف وشاد العمائر وشاد الأسواق وشاد البيمارستان الخ. وثمة كتابات أثرية تشتمل على هذه اللفظة شد وربما تختلف دلالتها في كل منها عن الأخرى، منها كتابة أثرية على السدة في الجامع الموي بحلب جاء فيها بالإشارة العالية العلائية الطنبغا كافل المماليك الحلبية أعز الله انصاره بشد المقر العالي العلائي».

تحليل كتابة المرسوم الثالث

وأشار "مبيض" في مستهل شرحه للمرسوم الثالث قائلاً: «يجب أن تكون الصيغة الإنشائية للسطر الأول من الكتابة أ، هي ـ أمر بإعادة وقف هذا البيمارستان ـ بدلا من النص المحفور ضمن الحجر ـ أمر بإعادة وتجديد هذا البيمارستان ـ إن الكتابتين السابقتين المرتبتين بشكل متناظر على جهتي البوابة تشكلان وحدة أعطى والي "تمربغا" الأمر بكتابة النص ـ أمر بإعادة وتجديد هذا البيمارستان ـ، أي بتدشين البيمارستان مجدداً تطبيقاً لمرسوم السلطان الناصر "محمد بن قلاون"، وذلك حسب الكتابة الثانية ب، ونصها، حسب لمراسيم الشريفة العالية المولوية السلطانية الملكية الناصيرة، يجب افتراض أن البيمارستان قد أغلق فترة من الزمن قبل عام /810/ هـ بسبب عدم احترام شروط وقفه فمعنى الكتابة الثانية هو أن "الناصر فرج" قد أعاد تنظيم هذا الوقف، كان "تمربغا" جندياً ولي لدى نائب "حلب" "المير جكم" الذي كان يطالب بالسلطنة تحت اسم الملك العادل والذي قدم أعمالا كبيرة في قلعة "حلب" منها قاعة العرش في قلعة "حلب "وبعد مقتل الأمير "جكم" في الحادي عشر من شهر ذي القعدة في السنة نفسها /1406/ م ، قام السلطان "فرج" بتعيين "الدمرداش" نائباً واخذ "تمربغا" معه في الحملة ضد الأمير "نوروز" تبع ذلك ثورة الأمراء ضد السلطان المملوكي الناصر "فرج" وتاه بعدها "تمربغا" من المؤرخين».

تحليل كتابة المرسوم الرابع

وتحدث "مبيض" عن توضع المرسوم الرابع على الزاوية اليسرى للجدار الخارجي للبيمارستان حيث يوجد نافذة صيدلية البيمارستان حيث تضمن تحليله: «إن المرسوم يتحدث عن البضائع التي بها نصارى قارة إلى "حلب" ويمنحهم معاملة متساوية مع البضائع القادمة من "دمشق" من حيث الضرائب، إن المقر الشريف العالي "عمر ابن السفاح" رئيس ديوان الإنشاء في المملكة الحلبية احتفظ بحق الانتفاع من الضرائب المفروضة عدا الفاكهة، إن المرسوم استثنى الفاكهة من الضرائب حسب الشريعة الإسلامية».