في باحة "الجامع الأموي" الكبير في مدينة "حلب" وعلى عمود من الحجر توجد مزولة شمسية أفقية متقنة الصنعة ذات غطاء نحاسي على شكل قبة لحمايتها من العوامل الجوية وقد تم إنشاؤها في العهد العثماني للاستعانة بها في معرفة المواقيت.

للحديث عن هذه تاريخ هذه المزولة الشمسية النادرة وأقسامها وطريقة عملها التقى موقع eAleppo بالمهندس "محمد مجد الصاري" رئيس اللجنة الفلكية في نقابة المهندسين بحلب والتي تحدث بالقول: «تُصنع المزاول الشمسية على أنواع ثلاثة: المزولة الشمسية العمودية حيث يكون سطحها عمودياً على الأفق وهي النوع الأعم، والمزولة الشمسية الأفقية /وتُسمى البسيط أيضاً/ حيث يكون سطحها موازياً للأفق وهذا النوع نادر الوجود وذلك نظراً لصعوبة تنفيذه، وهناك المزولة الشمسية المائلة حيث يكون سطحها مائلاً على الأفق».

هذا وصف مختصر لهذه المزولة ونظراً لأهميتها التاريخية فسوف أقوم بتأليف كتاب عن المزاول الشمسية أتحدث فيه بالتفصيل عن هذه المزولة الرائعة

وأضاف الأستاذ "الصاري": «في مباني "حلب" القديمة وخاصّةً في الجوامع يوجد النوع الأول من المزاول الشمسية العمودية، أما النوع الثاني /المزاول الأفقية/ فينفرد "الجامع الأموي" بحلب بوجود هذا النوع من المزاول الشمسية فيه ويساويه في هذا الفضل "الجامع الأموي" بدمشق وذلك بوجود مزولة شمسية أفقية مركبة على مئذنة العروس ولا يراها الناس وهي مخصصة للمؤذّن لأنه الشخص الوحيد الذي يصعد إلى المئذنة ويعود أصلها إلى الفلكي الدمشقي الكبير "ابن الشاطر"، وعلى حد علمي فإنه لا يوجد سوى هاتين المزولتين من هذا الطراز في "سورية"».

المزولة بعد رفع الغطاء عنها

وحول المزولة الشمسية الموجودة في "الجامع الأموي" في "حلب" قال: «درة فريدة من نوعها أُقيمت في باحة "الجامع الأموي" الكبير بحلب إنها المزولة الأفقية /البسيط/ وللأسف فهي مغطاة ولا يراها الناس.

أُقيمت هذه المزولة في عهد الوالي العثماني "جميل باشا" والي "حلب" في العام 1297 هجرية 1881 ميلادية وهذا الكلام مدونٌ عليها، وقد رُسمت هذه المزولة على قرص دائري من المرمر الأبيض ضمن قرص دائري أكبر مصنوع من الحجر الأصفر وهي محاطة بسور صغير يمكن للناظر الوقوف عليه والنظر إليها، وعلى غطاء الساعة النحاسي كُتب وقت فتحها وكذلك وقت إغلاقها وهذا يدل على أنها لم تكن لعامة الناس وإنما كانت مخصصة لجماعة مؤذني المسجد».

الأستاذ محمد مجد الصاري

وتابع الأستاذ "الصاري" متحدثاً عن أوصاف المزولة: «قرص المزولة الدائري مقسوم إلى نصفين /شمالي وجنوبي/ وذلك بواسطة خط يمر بالمركز يُدعى خط المشرق والمغرب، النصف الشمالي من القرص الدائري ويشكل الجزء الرئيسي من المزولة مرسوم فيه مستطيل ضلعه الكبير مطابق لقطر القرص الدائري ويقع في منتصف هذا الضلع المطابق لمركز القرص الدائري مؤشر المزولة الرئيسي الذي يُسقط ظله على أحد الخطوط الإثني عشرة المنقسم إليها المستطيل ليشير إلى ساعات النهار, وهذه الخطوط مرقمة من الساعة السادسة صباحاً إلى الساعة السادسة مساءً مروراً بخط منتصف النهار الذي يطابق الساعة الثانية عشرة ظهراً /عند الإعتدالين الربيعي والخريفي/.

وبالنسبة لأقسام خطوط الساعات من التاسعة صباحاً إلى الثانية بعد الظهر فقد قُسّم كل جزء منها إلى ستة أقسام وذلك للحصول على دقة في التوقيت مقدارها عشر دقائق، أما أقسام خطوط الساعات الباقية فقد قُسّم كل منها إلى قسمين فقط أي بدقة نصف ساعة ويدل ذلك على الغاية الأساسية التي وُضعت المزولة من أجلها وهي ضبط وتحديد موعد صلاتي الظهر والعصر.

أما النصف الجنوبي من القرص فقد وُضعت فيه رسومات وبعض من آيات القرآن الكريم والرسم الأهم هو للكرة السماوية ولأهم خطوطها وُضع في مركزها مؤشر يدل على وقتي الظهر والعصر».

وختم قائلاً: «هذا وصف مختصر لهذه المزولة ونظراً لأهميتها التاريخية فسوف أقوم بتأليف كتاب عن المزاول الشمسية أتحدث فيه بالتفصيل عن هذه المزولة الرائعة».

وفي كتابه /علماء من "حلب" في القرن الرابع عشر/ يقول الأستاذ "محمد عدنان كاتبي" حول شخصية الشيخ "عبد الحميد دده" الذي صنع هذه المزولة بالقول: «الشيخ "عبد الحميد بن الشيخ حسن دده البيرامي" /1803 -1886 م/ عالم وفقيه وفلكي رياضي له معرفة كبيرة بعلم الحساب والهندسة والجبر والزايرجة*.

من أهم آثاره الباقية إلى يومنا هذا قرص من الحجر رسم فيه دائرة تعلم منها الأوقات /ساعة فلكية/ وهي ما تزال في صحن "الجامع الأموي" الكبير وقد أتم صنعها سنة 1297 هجرية، كما صنع نظير هذه الساعة للسلطان "عبد الحميد الثاني" سنة 1300 هجرية وُضعت في "قصر يلدز" في "استانبول" وقد أكرمه السلطان لهذا الصنيع وأجزل له العطاء».

  • الزايرجة: الزايرجة أو الزائرجة هي علم بقوانين صناعية تستخدم للكشف عن الأمور المغيبة.