مئات من السنين وما زالت العشرات من السبلان والقساطل التي تعود إلى مختلف العصور التاريخية والمنتشرة في العديد من حارات وأحياء "حلب" القديمة وبالقرب من مساجدها تروي عطش السكان والمارة بمياه الشرب، ومن هذه السبلان القديمة "سبيل اليشبكية".

حول موقع "سبيل اليشبكية" وتاريخ بنائه يقول الأستاذ "عبد الله حجار" وهو مهندس وباحث أثري: «يقع "سبيل اليشبكية" في رأس "سوق النشابين" والذي يُعرف بسوق العبي وهو ملتصق بالمدرسة اليشبكية التي قام ببنائها الأمير "يشبك بن عبد الله اليوسفي" سنة 820 هجري 1397م ودُفن فيها بعد مقتله في العام 824 هجري 1401 م وهو عبارة عن مسجد صغير».

يقع "سبيل اليشبكية" في رأس "سوق النشابين" والذي يُعرف بسوق العبي وهو ملتصق بالمدرسة اليشبكية التي قام ببنائها الأمير "يشبك بن عبد الله اليوسفي" سنة 820 هجري 1397م ودُفن فيها بعد مقتله في العام 824 هجري 1401 م وهو عبارة عن مسجد صغير

وقبل أن نتعرّف على أوصاف هذا المعلم الأثري، من هو "يشبك بن عبد الله" باني "المدرسة اليشبكية" وسبيلها؟

الكتابة أعلى السبيل

ورد في كتاب /إعلام النبلاء بتاريخ "حلب" الشهباء/ للمؤرخ الشيخ "محمد راغب الطباخ" ما يلي حول شخصية "يشبك": «هو "يشبك بن عبد الله اليوسفي المؤيدي" الأمير "سيف الدين" نائب "حلب"، وهو من مماليك الملك "المؤيد شيخ" اشتراه في أيام أمريته ورباه وأعتقه إلى أن تسلطن ثم أنعم عليه بإمرة مئة وتقدمة ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن ولي نيابة طرابلس بعد عصيان الأمير "سودون بن عبد الرحمن" في سنة ثماني عشرة وثمانمئة فدام في نيابتها إلى سنة عشرين ثم ولي "حلب" بعد الأمير "قجقار القردمي" في هذه السنة فدام فيها إلى أن توفي أستاذه الملك المؤيد. قُتل "يشبك" في المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمئة وكان شاباً طويلاً شجاعاً مقداماً جباراً ظالماً وعنده كرم مع طيش وخفة رحمه الله وولي نيابة "حلب" عوضه الأمير "ألطنبغا عبد الواحد الصغير".

وفي مكان آخر تولى "يشبك اليوسفي" نيابة "حلب" سنة 820 وكان شاباً جاهلاً فاسقاً ظالماً عسوفاً طماعاً اشتراه المؤيد وهو نائب طرابلس بألف دينار ثم ترقى عنده إلى أن عمل شاد الشرابخانه ثم أعطاه تقدمة ثم نيابة طرابلس ثم نيابة "حلب"، ذكره "ابن الخطيب الناصرية" بأنه تم نقله إلى "حلب" سنة عشرين وكان فارساً شهماً وشجاعاً بنى بحلب مسجداً بالقرب من الشاذبختية وجنينة بالقرب منه ومكتب أيتام ثم قتل بعده في المحرم سنة أربع وعشرين».

الحنفيات

وحول السبيل الذي بناه بالقرب من "المدرسة اليشبكية" ورد في كتاب /تقصي خطا الدولة العثمانية في "حلب"/- تأليف مجموعة من الباحثين من جامعتي "غازي عنتاب" و"حلب" ما يلي: «"سبيل اليشبكية" هو لصيق مدرسة "يشبك بن عبد الله" في حي "الجلوم الصغرى"- "سوق النشابين"، أنشأه "يشبك بن عبد الله" وجددته امرأة يُقال لها "رقية" سنة 1240 هجرية 1824م كما يُعرف من الكتابة المسجلة أعلاه.

يتكون السبيل من غرفة صغيرة يحدها أربعة أقواس من الجهات الأربعة مدببة متوسطة يبلغ فتحتها قرابة 1،5 متر وفي وسطها الخزان، ويسقف السبيل قبة مربعة وهي من النوع الذي اُستعمل في العهد العثماني ما يدل على أنها تعود إلى فترة الترميم وليست من أصل البناء بينما كُسيت جدرانها الداخلية بالقيشاني الأخضر الفستقي ولكل بلاطة زخارف على محيطها وهذه تعود إلى الفترة العثمانية أيضاً.

السبيل ما يزال يطفىء عطش الحلبيين

تتألف الواجهة الشمالية من نافذة مزودة بشبك حديدي يتقدمها قضبان حديدية متشابكة يعلوها قوس مدبب وفي وسط المثلثين على طرفي القوس مثلث أسود وفي زاويتي البناء عمود ملتصق بالجدار صغير مقرنص التاج ويعلو القوس تجويف يضم نصاً مكوناً من سطرين كتب فيه:

"شادت بنا هذا السبيل/ قاصدة وجه الجليل

رقية بنت الفتى/ الكيالي ذي القدر النبيل

فيا له من مورد/ شرابه يشفي الغليل

مباركاً أرخ وقل/ خير سبيل سلسبيل.. 1240".

ويعلو الواجهة كورنيش بسيط وللنافذة عتبة تمثل الجرن وهي بارزة تحتها رنك دائري يضم أشكالاً هندسية سداسية وهناك حنفيتان وكاسات ويتقدم الواجهة درجتان وهذا السبيل لا يزال قيد الاستعمال، أما الواجهة الشرقية فتضم نافذة مزودة بقضبان حديدية على شكل هندسي».