يعد خندق "قلعة حلب" من أهم الوسائل الدفاعية عن القلعة وأولها حيث تم حفره حول القلعة ليكون جزءاً أساسياً من منظومة متكاملة من العناصر العسكرية- الدفاعية التي عملت معاً لمئات السنين في رد الغزاة عنها وطردهم منها.
لمعرفة المزيد حول هذا الخندق وتاريخه وصفاته، موقع eAleppo التقى مديرة "قلعة حلب" المهندسة "ياسمين مستت" التي تحدث قائلة: «"قلعة حلب" هي في الأساس أوكروبول مركز ديني واجتماعي لمدينة "حلب" القديمة وذلك منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وهي /أي القلعة/ تقع على هضبة طبيعية ترتفع أربعون متراً عن سطح مدينة "حلب"».
"قلعة حلب" هي في الأساس أوكروبول مركز ديني واجتماعي لمدينة "حلب" القديمة وذلك منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وهي /أي القلعة/ تقع على هضبة طبيعية ترتفع أربعون متراً عن سطح مدينة "حلب"
وأضافت مديرة القلعة: «إنّ السلطان "الظاهر غازي بن صلاح الدين" هو الذي أمر بحفر هذا الخندق حول القلعة وذلك في القرن الثالث عشر الميلادي ليعد أول وأهم عنصر من العناصر الدفاعية عن القلعة، فقد صعّب على المهاجمين مهمة الوصول إلى داخل القلعة وبنفس الوقت أتاح للمدافعين عن القلعة والموجودين داخل أسوارها الفرصة للسيطرة الكاملة على الأعداء لأنّ الخندق أوجد المسافة الكافية لتلك السيطرة، كما أنّ سفح القلعة الذي بني متصلاً بالخندق وبزاوية مائلة كان عائقاً آخر في طريق المهاجمين إن تمكنوا من اجتياز الخندق».
وتابعت: «يبلغ عرض الخندق 30 متراً وعمقه 22 متراً تقريباً ولكن هذا العمق هو اليوم أقل مما كان عليه في السابق وذلك بسبب تراكم كميات كبيرة من الأتربة فيه، وقد أظهرت الحفريات التي تم تنفيذها خلال العامين 1999- 2000 من قبل الوحدة الهندسية في "جامعة حلب" و"مديرية آثار ومتاحف حلب" بأنّ أرضية خندق القلعة وفي عدة أماكن منها مرصوفة بالحجارة، كما تؤكد الدراسات والسبور بأنّ منسوب أرضية الخندق في الجهة الشرقية هو أعلى من منسوبها في الجهة الغربية. وحتى الآن لا توجد إجابات جازمة حول حقيقة إملاء الخندق بالماء والاعتقاد الأكبر وبحسب الدراسات هو أنّ الخندق لم يكن يُملأ بالماء».
وختمت "مستت" بالقول: «تقوم "مديرية آثار ومتاحف حلب" سنوياً بإزالة كميات من الأتربة الحديثة المتراكمة في "خندق القلعة" كما وتوجد عدة أفكار مشاريع بخصوصه إلا أنه وحتى تاريخ اليوم لا توجد مشاريع مؤكدة في هذا المجال.
وأخيراً لا بد أن نلفت النظر إلى أنّ "خندق القلعة" هو جزء من القلعة نفسها ولا ينفصل عنها ومن المهم الحفاظ عليه وعلى ماهيته وزيادة الوعي بخصوصه شأنه شأن القلعة وبالتالي الانتباه لنظافته فذلك من شأنه أن يترك أثراً طيباً لدى زوار القلعة من المواطنين أو من السياح العرب والأجانب».
كما يقول الدكتور "شوقي شعث" أمين المتحف الوطني بحلب سابقاً في كتابه /"قلعة حلب"- دليل أثري تاريخي/- منشورات دار القلم العربي 1993م ما يلي حول خندق "قلعة حلب" وذلك في سياق الحديث حول العناصر المعمارية الدفاعية فيها: «يحتفظ الخندق بالقلعة من جميع الجهات، ويبلغ عرضه نحو 26 متراً وعمقه قرابة 9 أمتار ويعتقد أن عمقه كان حوالي 28 متراً وهو الآن أقل من ذلك بالطبع بسبب الإهمال.
لقد كان الخندق يُملأ بالماء وقت الحصار ليكون حاجزاً مائياً يمنع المهاجمين من اقتحام القلعة أو يعرقل زحفهم إليها، وتذكر المصادر التاريخية بأنّ المغول بقيادة "تيمورلنك" في العام 1400 م لم يستطيعوا اقتحام القلعة إلا بعد أن امتلأ خندقها بالجثث من المهاجمين».
ويضيف: «ولأهمية الخندق البالغة في الدفاع عن القلعة حرص الملوك والأمراء والولاة والنواب باستمرار على صيانته وكريه، فيذكر "ابن الشحنة" في منتخبه بأنّ الملك "الظاهر غياث الدين غازي بن صلاح الدين الأيوبي" عمّق الخندق في العام 608 هجرية وأجرى الماء فيه وبذلك أمّن الملك الظاهر القلعة وحفظها.
يعد الخندق عنصراً من العناصر الدفاعية الهامة لحماية القلاع والمدن فنشاهده في كثير من القلاع المعاصرة لقلعة "حلب" كقلعة "دمشق" و"صهيون" و"شيزر" وغيرها، كما نشاهده في مدينة "حلب" نفسها في منطقة "باب قنسرين" حيث لا تزال بقايا خندق المدينة، وغالباً ما كان أصحاب القلاع والمدن يعمدون إلى حفر تلك الخنادق وبذل الأموال الطائلة في سبيل ذلك في حال عدم توافرها طبيعياً لكونها ضرورة من ضرورات الدفاع».