بدأ إنشاء الخطوط الحديدية عندما منح السلطان "عبد الحميد" السيد "يوسف مطران" امتيازاً لمد خط حديدي حجازي بين "دمشق" و"مزيريب" قرب "درعا" وحملت شركته اسم الشركة الحديدية الاقتصادية في "سورية".

eAleppo استرجع بذاكرة الباحث المحامي "علاء السيد" تاريخ إنشاء الخط فيقول: «منح السلطان السيد "حسن بيهم" بصفته ممثلاً لشركة فرنسية امتيازاً لتمديد واستثمار خط حديدي بين "بيروت" و"دمشق" ونفذته بداية التسعينيات شركة "فرنسية" حملت اسم الشركة المساهمة العثمانية لخط "بيروت"- "دمشق". بعدها ارتأت الشركتان أن تندمجا في شركة واحدة اسمها شركة الخطوط الاقتصادية العثمانية "بيروت"- "دمشق"- "حوران" في "سورية"».

هو أحد المراكز الرئيسية للخطوط منذ مطلع هذا القرن، وتعتبر محطة "حلب" من أهم محطات قطار الشرق السريع الذي يصل "أوروبا" بالشرق

وأضاف: «حصلت الشركة على امتياز مد خط من "دمشق" إلى "حمص" ثم "حماه" ثم "حلب" ليصل إلى مدينة "بيرجك" على "الفرات" وصار اسم الشركة "الشركة العثمانية للخط الحديدي شام- حماة وامتدادها".

الباحث المحامي "علاء السيد"

وكان من المقرر أن تكون مدينة "دمشق" هي منطلق خط "حلب"، ولكن قررت الشركة لاحقاً في بداية تسعينيات القرن الماضي أن تكون الرياق بـ "لبنان" هي المنطلق فوصلت خط سكة حديد "دمشق- بيروت" إلى "الرياق". ومن "الرياق" يتابع القطار باتجاه "حماه" و"حلب" وصل الخط إلى "حماة" بداية التسعينيات القرن الماضي.

ولم يقف الأمر عند مد خط الحديد وتابع "السيد" قائلاً: «كان المخطط لهذا الخط أن يستمر من الرياق ليتجه جنوباً إلى العريش ليصل "مصر" بالسلطنة العثمانية وصولاً إلى "السودان" فجنوباً حتى رأس الرجاء الصالح.

خريطة قديمة توضح الخطوط الحديدية بداية القرن العشرين

ومع عام 1905 كان البدء بمقاولة توصيل الخط الحديدي من "حماة" لـ "حلب" فاختلف الأهالي في "حلب" على مكان بناء أول محطة قطار بـ "حلب"، فمنهم من طلب أن تكون شرق المدينة في محلة "قرلق"، ومنهم من طلب أن تكون في غربها في محلة "الجميلية" أو في وسط البلد تحت القلعة، تقرر أخيراً على أن تكون نهاية الخط والمحطة في محلة "الجميلية"».

وختم قائلاً: «في بداية تسعينيات القرن الماضي وصل أول قطار لـ "حلب" وكان يجر عربات وراءه تجمع الناس بكثافة وفي نفس العام أقيم حفل افتتاح السكة الحديدية وفي ذات اليوم تم وضع حجر الأساس لدار البلدية الجديدة لكن سرعان من هدمت هذه المحطة في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين وموقعها حاليا قرب مديرية مالية "حلب" في "الجميلية" نهاية سكة الترام وهي أول محطة قطار بنيت في "حلب"».

"فؤاد هلال" نائب رئيس جمعية العاديات

الباحث التاريخي "فؤاد هلال" نائب جمعية العاديات يقول عن إحداث المركز الرئيسي للخطوط الحديدية السورية: «هو أحد المراكز الرئيسية للخطوط منذ مطلع هذا القرن، وتعتبر محطة "حلب" من أهم محطات قطار الشرق السريع الذي يصل "أوروبا" بالشرق».

وأضاف: «وفي نهاية القرن الماضي ومطلع القرن العشرين جاءت فكرة إنشاء الخطوط الحديدية في أراضي السلطنة العثمانية فبدأت الشركات الفرنسية بإنشاء خط عريض يصل "رياق" بـ "حمص" و"حماة" و"حلب" ودشن الخط في مطلع التسعينيات وتم ربطه بخط "طرابلس" وأنشئت الشركة العثمانية لخط "شام" "حلب" الحديدي وإثر وقوع الحرب العالمية الأولى أوقف استثمار هذا الخط».

لكن السلطنة العثمانية اتصف موقفها بالحماس والكلام لـ "هلال": «لإنشاء الخطوط الحديدية نظراً لأهميتها الإستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والدينية ونتيجة علاقة السلطنة المتميزة بـ "ألمانيا" فقد منحتها امتياز إنشاء خط حديدي إلى "بغداد" و"البصرة" و"الكويت"، وقد وصل هذا الخط إلى "حلب" مطلع التسعينيات وشيدت له محطة دعيت بـ "محطة بغداد" لتكون محطة متميزة في بنائها ووسعتها وبعدها ارتبطت "حلب" بـ "القامشلي" وتأخر اتصال "حلب" بالشبكة "العراقية"».

الاستثمار "الفرنسي" للخطوط الحديدية وانتقالها إلى "سورية"

وتحدث الباحث "هلال" قائلاً: «في عام 1906 أنشئ خط حديد "حلب"- "حماة"- "حمص"- "عكاري" بطول 269 كم وبقيت الخطوط الحديدية السورية مستثمرة من قبل شركة فرنسية تدعى شركة "شام- حماة" حتى الخمسينيات وقد دشنت خدمات الأتوماتريس من "حلب" إلى "طرابلس" بخمس ساعات وبعدئذ امتد هذا الخط إلى "بيروت" استمرت الشركات الفرنسية في استثمار الخطوط الحديدية السورية وفي مطلع الخمسينيات اشترت الحكومة السورية امتياز هذه الشركات وتجهيزاتها وممتلكاتها وقد سبق إعادة حق استثمار القسم الشمالي المتصل بالشبكتين "التركية" و"العراقية" إلى الحكومة السورية وعندما تسلمتها الحكومة السورية بلغ طولها 543 كم فأحدثت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية والمؤسسة العامة لإنشاء الخطوط الحديدية ومركزهما الرئيسي في مدينة "حلب" لاستثمار هذه الخطوط وتجديدها وتوسيع شبكتها حتى أصبحت أطوالها 2440 كم من الخطوط العريضة و 327 كم من الخطوط الضيقة عام 1997».

وختم قائلاً: «بعد الجلاء دعمت الحكومة السورية إنشاء الخطوط الحديدية لأنها أقل أنواع النقل البري كلفة باعتبار القطار يسير على دواليب معدنية وعلى خطوط حديدية لا تهترئ لذلك تكون أسعار النقل عليه أرخص كما أنها أقل استهلاكاً للطاقة واليد العاملة ويشغل مساحة من الأرض أقل مما يشغله طريق السيارات ولا يتأثر بالأجواء الجوية والمناخية وأقل تلويثاً للبيئة وتعادل قدرة خط حديدي واحد قدرة أربع طرق للسيارات».