"الراحة الممسكة" صناعة دمشقية بحتة، وما زال سوق "البزورية" في "دمشق" هو المكان الذي تتوزع فيه الورشات اليدوية الصغيرة التي بقيت على حالها منذ العهد العثماني، وإلى جانبها أحفادها الشرعيين من معامل الراحة الكبيرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 تموز 2014، السيد "زهير غراوي" صاحب أقدم معامل صناعة "الراحة"، فقال: «تعلمت صناعة "الراحة" من أبي وقمت بنقل هذه المهنة إلى أولادي وأحفادي، وتتنوع الراحة التي نصنعها بين "الممسكة المعطرة"، وراحة "الحلقوم"، إلى الراحة المتعددة المقاسات والأنواع، ومنها "راحة الحجاج" التي تمتاز بكونها محشوة بالمكسرات كالبندق والكاجو».

تعلمت صناعة "الراحة" من أبي وقمت بنقل هذه المهنة إلى أولادي وأحفادي، وتتنوع الراحة التي نصنعها بين "الممسكة المعطرة"، وراحة "الحلقوم"، إلى الراحة المتعددة المقاسات والأنواع، ومنها "راحة الحجاج" التي تمتاز بكونها محشوة بالمكسرات كالبندق والكاجو

ويضيف: «تتكون "الراحة" من السكر كمادة أساسية، والنشاء وحمض الليمون، والفستق المبشور، وجوز الهند، والمسكة. أما طريقة صنعها فتبدأ بسكب الماء في الحلة الموضوعة فوق النار، ويتم تسخين الماء إلى درجة متوسطة نضيف عندها السكر، وبعد ذوبان السكر نقوم بإضافة النشاء المحلول بالماء إلى الحلة مع قليل من حمض الليمون الصناعي؛ حيث يضاف للمحافظة على لزوجة "الراحة"، وتستمر الحلة بالدوران لمدة ساعتين فوق النار، وعندما تنضج الطبخة نقوم بسكب "الراحة" في قوالب خشبية مخصصة نطلق عليها مسمى "الفرش"؛ وهي مرشوشة بالسكر المطحون الذي يشكل طبقة عازلة بين الخشب والراحة، ونستخدم الخشب لكونه أفضل صحياً من المعادن التي تتفاعل مع الراحة الساخنة، كما يساهم الخشب في تبريد "الراحة" بشكل طبيعي».

الراحة بأنواعها

ويتابع: «بعد الانتهاء من عملية الصب نقوم برش الفستق الحلبي المبشور وجوز الهند والمسكة، وتترك القوالب لليوم التالي ليتم تبريدها، بعد ذلك نقوم بتقطيع "الراحة" حسب الطلب، ويتم تتبيل القطع بجوز الهند حتى لا تلتصق مع بعضها بعضاً قبل أن تتم عملية التغليف الآلي وتعبئتها لتوزيعها على التجار والموزعين».

"حارث السليمان" أحد قاطني "دمشق القديمة"، يتحدث عن رأيه بهذه المهنة الدمشقية: «تعد الراحة الدمشقية من المنتجات التي مازال الدمشقيون يحنون إلى تذوقها، ولا يستطيعون أن يتحولوا إلى ما أنتجته الثورة الصناعية من هذه الصناعة، فحافظت هذه المهنة على طريقتها اليدوية القديمة في الإنتاج مما ساهم في إعطائها الشهرة التي تتمتع بها اليوم، أما بالنسبة لي فلا أترك أي مناسبة لكي آتي إلى هذا السوق المشهور بصناعة "الراحة"، حيث المعامل والمحلات التي تنتج وتبيع ما أبدعته يد الصانع الدمشقي، وأقوم بشراء جميع أنواعها والمصنوعة يدوياً من أجود المواد الطبيعية، فأعتبرها مضمونة من جميع النواحي وخاصة من ناحية السلامة، الجودة، المذاق».

أثناء تغليف الراحة

بدوره تحدث "إبراهيم قصار" أحد حرفيي صناعة الراحة عن تاريخ صنع الراحة في "دمشق" بالقول: «بدأت صناعتها منذ مطلع القرن العشرين أيام الحكم العثماني حيث كانت بدائية الصنع وتطبخ يدوياً، وابتكرها أجدادنا ثم انتقلت إلى دول الجوار، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بـ"دمشق"، وصنع الدمشقيون الراحة بطريقة مميزة فقد طبخوها في البداية ضمن قدور نحاسية كبيرة من سكر ونشاء ومسك ثم قاموا بغليها في القدر، وبعدها تسكب في صوان مسطحة وتترك لتبرد، ثم تقطع إلى أجزاء كبيرة الحجم وقد كانت هذه القطع تغلف وتقدم في الموائد والأعراس الشعبية، وتطورت الراحة الدمشقية كثيراً من راحة "سكرية خفيفة" إلى راحة "محشوة بالفستق واللوز" وبجميع أنواع المكسرات، كما قمنا بإدخال بعض النكهات والمحسنات والصبغات الصحية عليها؛ ما سمح بإيجاد أنواع عديدة من حلوى الراحة».

ويضيف: «لـ"الراحة" خصوصية بالنسبة لكبار السن الذين مازالوا يأتون إلينا ليشتروها؛ حيث اعتادوا تناولها منذ صغرهم وعشقوها حتى الكبر، ولا ننسى أن "الراحة" تعد فاكهة الأطفال وزوادتهم في الرحلات، حتى إن الأمهات يشترون لهم قطع الراحة؛ فهي خفيفة وصحية وتمنحهم الطاقة إضافة إلى التمتع بالطعم اللذيذ، ونحن نقدمها اليوم بعدة أنواع وأشكال متنوعة، والراحة الدمشقية اليوم هي عنوان الحلوى الشعبية، وهي سفيرة التراث السوري إلى دول العالم؛ لأنها وثيقة الارتباط بتراثنا الشعبي».