عمل لهدف منشود وحقق ما كان يصبو إليه، حَمَّل سفِينَته الفينيقية التراث السوري؛ لينقله من خلالها إلى أنحاء العالم، يسكنه همّ يؤرقه بكيفية الحفاظ على التراث، فما زال "لؤي شكو" يراهن على الحضارة السورية ويؤكد منافستها لكل الحضارات.

في جو يضج بتحفٍ أثرية تختزل مئات السنين من الحضارة؛ بدأ السيد "شكو" حديثة لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 شباط 2015، قائلاً: «أنا بالأساس خريج كلية الزراعة، لكن العمل في مجال دراستي لم يستهوِني، فعملت مع والدي في التجارة ثم اتجهت إلى العمل في مجال السياحة والسفر، وكان ذلك عام 1992، إلى أن كان العام 2000 حيث شاركت مع وزارة السياحة في استقدام مجموعات سياحية إلى "سورية"، وقمت بتمثيل بلدي في أكثر من معرض منها معرض "إكسبو" في ألمانيا، ومعرض "بينيس" في فرنسا، كما قمت بافتتاح صالة في مدينة "بريمن" في ألمانيا لعرض منتجاتي من التحف الفينيقية».

نحن كسوريين لدينا تاريخ نحسد عليه، لكوننا نملك حضارات تاريخية عريقة سورية هي متحف التاريخ وسنديانة الحضارة، لذلك من واجبنا كسوريين الحفاظ على إرثنا الحضاري

ويضيف قائلاً: «أثناء مشاركتي في معرض "الباسل" للإبداع والاختراع التقيت أحد الأشخاص العاملين في مجال الزجاج، فعملنا معاً في مشروع "السفينة الفينيقية"؛ وهي أول منشأة في "سورية" تهتم بتصنيع الزجاج اليدوي "الفينيقي" الذي يحمل طابع الصناعة السياحية، ومن المعروف أن الساحل السوري هو الموطن الأصلي للفينيقيين، ومنه انطلقت حضارتهم التي وصلت إلى كل أنحاء العالم، وبعد إطلاق المنشأة حققت لي المعارض الخارجية امتيازات كثيرة، فتمكنت من المشاركة -من خلال منتجاتي الفينيقية التي تنوعت بين "زجاج ومعادن ثمينة وفخار وخشب"- في المعارض الدولية التي تشارك بها وزارة السياحة».

الزجاج الفينيقي

ويتابع قائلاً: «على الرغم من الإقبال الشديد على المنتجات السورية في الخارج لما تتمتع به من دقة وجمالية وعراقة في الصنع ومنافستها لكل المعروضات، إلا أن المشكلات أبت إلا أن تواجهني، فمن صعوبة التسويق التي واجهتني لأنني لا أستطيع بيع المنتجات تحت اسم سوري؛ لأن قيمتها المادية تقل على الرغم من غناها الحضاري، وذلك فقط لأنني لا أملك شهادة منشأ تراثي تتضمن تاريخ الصنع، ومن الشخص الذي قام بصنعها، وما هي المواد الداخلة في تكوينها، كما أنني كنت قد اصطحبت معي قطعاً نادرة لا يوجد مثيل لها في العالم لكنني لم أستطع الحصول على قيمتها المادية بسبب عدم وجود سجل وطني للتراث في "سورية" آنذاك يحفظ تراثنا وحضارتنا وهذا ما يفقد القطعة الأثرية إمكانية مشاركتها في المزادات العالمية، حيث إنه وبحسب القانون الدولي تصبح القطعة أثرية بعد مضي مئتي عام على تصنيعها، وتستطيع الدخول بها في مزادات عالمية؛ وهو ما يعود بالفائدة على المنتج والدولة في آن معاً».

ويكمل "شكو" حديثه قائلاً: «من هنا؛ وللنهوض بالمنتج التراثي السوري؛ قمت بطرح فكرة ضمن بحث قُدِّم إلى الجهات المعنية لحماية المنتج التراثي السوري والحفاظ على الحرفيين، قدم البحث مجموعة من المقترحات تحت عنوان "أهمية الاستثمار التراثي في سورية ومتطلبات تفعيله" تُمثل بداية متواضعة لانطلاق حماية التراث بالوجه الأمثل، وأين تكمن عناصر القوة والضعف فيه، ودور الاستثمار في إعادة اليد العاملة، كما تطرق إلى دور الحاضنات التراثية في إقلاع المنشآت المتعثرة لتكون رديفة لتنمية الاقتصاد السوري، حيث إن القطاع الحرفي يعد الثاني بعد النفط في رفد الخزينة بالقطع الأجنبي، فهو قادر على تأمين أحد عشر مردوداً إضافياً للدولة وذلك دون تكلفة، كما تطرق البحث لأهمية وجود سجل وطني للتراث ومنح شهادات إبداع للحرفيين؛ وهو ما يحمي منتجاتهم من السرقة، وهذا ما حصل معي حيث إنه أثناء الأزمة تعرضت منتجاتي للسرقة والنهب من قبل العصابات وبعد مدة عُرضت على مواقع إنترنت إسرائيلية وتركية بمزادات على أنها تعود لهم، ولكن امتلاكي لشهادة إبداع بها تمكنت من مقاضاتهم لإثبات ملكيتي لها».

شهادة الاختراع في معرض الباسل

ويضيف قائلاً: «نحن كسوريين لدينا تاريخ نحسد عليه، لكوننا نملك حضارات تاريخية عريقة سورية هي متحف التاريخ وسنديانة الحضارة، لذلك من واجبنا كسوريين الحفاظ على إرثنا الحضاري».

السيد "عثمان علاء الدين" عضو المكتب التنفيذي في اتحاد حرفيي ريف "دمشق"، وهو من المؤسسين الأوائل للجمعية الحرفية يقول: «كان "لؤي شكو" أحد أهم المنتسبين إلى الجمعية الحرفية، إذ التقيته في العام 2005، وذلك بعد ثلاثة عشر عاماً من تأسيس منشأته "السفينة الفينيقية"، التي تُعنى بصناعة الزجاج الفينيقي، وهي مؤسسة فريدة من نوعها في "سورية"، قدم "شكو" من خلالها إحياءً للتراث من خلال مزجه للألوان وإدخال المعادن الثمينة في صنعه، ويمكنني القول إنه بعمله هذا قام بإحياء التراث السوري والحضارة السورية من حوالي 7000 عام، حيث أعاد القطعة إلى منشئها الأساسي ويتطلب هذا العمل دقة وحرفية كبيرة، حيث إن خطأً صغيراً قد يودي بحياة من يعمل به، ولديه قطع نادرة لا يوجد مثيل لها في كل العالم».

عثمان علاء الدين

ويضيف قائلاً: «يعد "لؤي شكو" من الأشخاص المؤمنين جداً بالحضارة السورية، ويعمل جاهداً لنشرها في أنحاء العالم من خلال منتجاته، كما يعد من الأوفياء لبلده؛ حيث قُدمت له مغريات كثيرة للسفر والعمل خارج "سورية" لكنه أبى ذلك على الرغم من خسارته لمنشآته بسبب الأحداث المؤلمة التي تمر بها البلاد، ويراهن على قدرة الحرفيين في إعادة إحياء التراث السوري، كما تعد المذكرة التي قدمها في مجال تطوير التراث والحفاظ على حقوق الحرفيين بمنزلة مرجع أساسي لكيفية تطوير المنتج التراثي السوري».

يذكر أن "شكو" من مواليد 1965، متزوج وله ستة أولاد، حائز على براءة اختراع رقم 5174 عام 2014، عن منجزه "السفينة الفينيقية"، ويعد الحرفي الأول في العالم الذي استطاع المزج بين الزجاج والمعادن الثمينة ضمن مصهور الفرن لإعطائه الطابع الفينيقي، وهو خبير في إعداد الخلطات ومزج وتلوين الزجاج، وصاحب فكرة إقامة أكاديمية لتعليم الحرفيين المهنة بطريقة علمية واقتصادية، التي تتم دراستها اليوم من قبل الجهات المعنية لإمكانية تطبيقها. مَثَّلَ سورية في الكثير من المعارض الخارجية التي أقيمت في ألمانيا وفرنسا، وكان خير سفير لإيصال التراث السوري إلى كل أنحاء العالم.