استضاف المركز الثقافي الدانمركي بدمشق عرضاً للرقص المعاصر من سينوغرافيا و تصميم الدانمركية (ماري برولين)،وأداء ثمانية راقصين من سورية و لبنان و الأردن و فلسطين و الدانمارك و السويد.
قدّمت (برولين) للعرض- الموجة السابعة- بالكلمات التالية:) يأتي تعبير الموجة السابعة من رياضة سباق القوارب، حيث ينتظر المتسابقون الموجة الأقوى وهي السابعة التي تدفع بالسفن إلى الميناء، الموجة السابعة تجمع الكل وتجعلهم أقوياء وتصل بهم إلى هدفهم. احترامنا لهذه الفكرة هو ما جمعنا كمجموعةٍ كاملة ودفعنا إلى تأليف هذا الاستعراض. عملنا منطلقين من قصصٍ أسطورية (اسكندافية) ومن الخبرات الشخصية للراقصين المشاركين. الموسيقى ل(هنريك مونك- الدانمارك) . لقد تدربنا بشكلٍ يومي ونتيجة تدريبنا هو ما سنقدّمه اليوم. هؤلاء الراقصين أعطوني إلهاماً كبيراً لهذا المشروع، ومن خلال الدعم المادي للمركز الدانمركي للتطوير الثقافي وعددٍ من الجمعيات الخيرية السويدية أمكننا تقديم استعراضنا على هذا المسرح).
بعد تقديمِ (برولين) شاهد الجمهور المحتشد تحتَ سماءٍ مكشوفة في بيت العقّاد
(بيتٌ دمشقّي أثري يقع في أحد الأزقة المتفرعة عن سوق مدحت باشا)، شاهدوا حوالي الساعة والنصف من الرقص المعاصر والتعبير الحركي.
المشاكل التقنية التي واجهها العرض في البداية وطول مدّته و برودة الطقس لم تمكننا من الحصول على أي انطباع من الجمهور الذي اكتفى بالتصفيق فقط، إلاّ أننا سمعنا العديد من التعليقات الجانبية مفادها: أن العرض لم ينضج بعد و أنه بحاجة إلى المزيد من الوضوح و العمل على الفكرة،ولكنّ معظم الحضور ومنهم اختصاصيّون في الرقص أثنوا على أداء الراقص السوري إياس المقداد. هذا كل ما استطاعت eSyria التقاطه من انطباعات و لكنّنا تمكنّا من إجراء لقاءات مع معظم الراقصين العرب المشاركين في العرض ..
ليزيت شحادة – لبنانيّة من أصل فلسطيني: أنا لست راقصة محترفة. تعلمت الرقص بجهودي الخاصة إذ لا توجد مدرسة أكاديمية متخصصة بالرقص في لبنان. عملت مع فرقة (كركلّا) لمدة ثلاث سنوات وانقطعت عن الرقص لفترة إلى أن أُتيح لي المشاركة في هذا العرض. أهم ما في هذه التجربة أننا ننتمي إلى بلدان وثقافات مختلفة ورغم ذلك تمكنّا من انجاز عرضٍ خلال عشرين يوماً، و كان ذلك مفاجئاً و ممتعاً بالنسبة لنا.
احمد الصالحي- الأردن: تدربّت على الرقص في الأردن وكان لي عدة تجارب في هذا المجال، شاركت في عدّة ورشات عمل إحداها كانت مع ( برولين) في عمّان. عملنا كثيراً على هذا العرض واجتهدنا لتقديم صورة عن إمكانية التفاعل الثقافي بين حضارات مختلفة، هذا أبرز ما أردنا إيصاله للمتلقي اليوم وأرجو أن نكون نجحنا في ذلك.
مثقال صغيّر – سورية: أنا خريج المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق– قسم الرقص. كان لي تجارب سابقة في عروض الأداء الحركي. عرض اليوم اعتمد بصورة رئيسية على فكرة الارتجال حيثّ قدّم كل راقص شيئاً من خبرته الشخصية عبرّ من خلاله عن أسلوبه في الرقص، ثم قامت (ماري برولين) بإعادة تشكيل ما قدمنّاه على طريقتها وفقاً لتصورها المسبق عن فكرة العرض على شكلِ رقصاتٍ فرديةٍ أو ثنائيةٍ أو ثلاثيةٍ أو جماعية. المشاكل التقنية التي واجهناها اليوم كضيق خشبة المسرح وانقطاع الصوت أثرت على جودة العرض إلا أنني أعتقد أن الفكرة الأساسية منه قد وصلت للجمهور.
إياس المقداد- سورية: أنا خريج قسم الباليه في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، كان لي تجارب سابقة في المسرح الحركي وعندي بحث مستمر عن أقصى إمكانيات التواصل الحركي مع الجمهور. أعمل كثيراً على فكرة الارتجال نفس الفكرة التي انطلق منها العرض أثناء التصميم ليكون بشكله الكامل الذي عرضناه في بيروت و دمشق و سنعرضه في عمّان. أرادت (برولين) أن نعمل على موضوع الخطايا السبعة التي تحرّمها كل الأديان السماوية، أن نفكّر في خطايانا وكيفية تجاوزها لتكون حياتنا أفضل باعتبار هذه الفكرة موضوع تلاقٍ بين الشرق والغرب بل بين كل البشر على الصعيد الإنساني . أهم ما في هذه التجربة من وجهة نظري الاحتكاك مع الراقصين من مرجعيات مختلفة مما يعطينا تنوع في المعرفة حول طريقة استخدام أدوات الأداء الحركي و توجيهيها . واعتقد أننا نجحنا في الاستفادة من بعضنا البعض وقدمنا في النهاية عرضاً متكاملاً رغم أننا ننتمي إلى ثقافاتٍ متنوعة كما أساليبنا و أدواتنا وحتى مزاجنا.
لم نتمكن من الحديث مع بقية الراقصين المشاركين في العرض: زين خولي – لبنان،مكسيم ماغوش- الدانمارك وهي من أصل جنوب أفريقي، صني ليندويك- السويد، مايا بيليبتوك- الدانمارك، في حين كان لنا اللقاء التالي مع مصممة العرض (ماري برولين): بدأت الفكرة في العام الماضي حيث أراد مجموعة من الراقصين أن يقدِّموا شيئاً مشتركاً عن الشرق الأوسط ثم أخذت الفكرة بالتبلور شيئاً فشيئاً. أقمت عدّة ورشات عمل في دمشق وبيروت و عمان و رام الله و الدانمارك و السويد خلال شهري شباط و آذار من العام الجاري اخترت من خلالها الراقصين المشاركين في العرض،وبدأت معهم العمل على موضوعه والتدرب عليه، وخلال فترةٍ قياسية لا تتجاوز الشهر قدمنّا ثلاثة عروض في مهرجان الرقص المعاصر ببيروت ثم أتينا إلى دمشق. انتابني شعور خاص عندما قدمنّا عرضنا في هذه المدينة الجميلة والتاريخية، وهذا البيت الأثري الرائع الذي يتخذ منه المركز الثقافي الدانمركي بدمشق مقرّاً له، وأسعدني تجاوب الجمهور رغم المشاكل التقنية التي أحبطتني في البداية. أعتقد أن الرقص باعتباره لغة جسد يتفاعل معها الناس بغض النظر عن انتماءاتهم ومرجعياتهم الثقافية هو الذي يتفوق على اللغة المنطوقة في التقريب بين البشر والتواصل فيما بينهم. هذا ما أردت إيصاله عبر عرض اليوم- الموجة السابعة- أن نبحث عن شيءٍ يجمعنا على الصعيد الإنساني وأرجو أن نكون قد نجحنا في ذلك.
نستعير كلماتِ (برولين) الأخيرة لنتمنى بدورنا أن تتواصل المحاولات للتقريب بين جميع البشر على الصعيد الإنساني بغض النظر عن انتماءاتهم... من يدري؟! ربما تنجح الثقافة في إصلاح ما تفسده السياسة.. نرجو ذلك.