شهدت دارة "عالبال" في دمشق القديمة توقيع الكاتب الفلسطيني "علي الكردي" لروايته البكر "قصر شمعايا" التي صدرت مؤخراً عن دار كنعان للدراسات والنشر، وتقوم هذه الرواية على رسم ملامح التنوع الثقافي والحضاري ضمن هذا القصر في حي الأمين، والذي شكل ظاهرة نادرة من التناغم، والانسجام، والألفة، بين خليط منوع الانتماءات، والتوجهات الفكرية والعادات الاجتماعية، تحت لواء الهوية العربية، وما لها من أصالة تصهر الفوارق والاختلافات بكافة مظاهرها.

وقال "الكردي" في حديث خاص لموقع eSyria: «إن الرواية ترصد عوالم اللاجئين الفلسطينيين الذين عاشوا في "قصر شمعايا"، ومصائرهم المختلفة وعلاقاتهم مع من جاورهم من إثنيات متعددة، مما أعطى الفضاء المكاني للرواية ألقاً خاصاً جعل من هذا القصر بطلاً للرواية، أما ما يتعلق بالأبطال الآخرين؛ فحاولت أن ألقي الضوء على حيوات كثيرة ومصائر متنوعة، منها ما مرت به حياة الفدائي الفلسطيني "أحمد الشيخ طالب" من مراحل مختلفة، كعمله مع المقاومة الفلسطينية وأسره في السجون الإسرائيلية نحو عقدين من الزمن، ثم خروجه منها بعد تغير تركيبته النفسية، كما ركزت على البعد الرمزي للرواية كما في شخصية المرأة الحلم "رشا"، وعلاقتها مع بطل الرواية "أحمد"، والتي تتزوج من رجل سعودي وتنجب منه ابنين متناقضين في الأفكار والمبادئ، أحدهما يأخذ اتجاهاً أصولياً والآخر يتجند في الجيش الأمريكي ويذهب إلى العراق».

إن الرواية ترصد عوالم اللاجئين الفلسطينيين الذين عاشوا في "قصر شمعايا"، ومصائرهم المختلفة وعلاقاتهم مع من جاورهم من إثنيات متعددة، مما أعطى الفضاء المكاني للرواية ألقاً خاصاً جعل من هذا القصر بطلاً للرواية، أما ما يتعلق بالأبطال الآخرين؛ فحاولت أن ألقي الضوء على حيوات كثيرة ومصائر متنوعة، منها ما مرت به حياة الفدائي الفلسطيني "أحمد الشيخ طالب" من مراحل مختلفة، كعمله مع المقاومة الفلسطينية وأسره في السجون الإسرائيلية نحو عقدين من الزمن، ثم خروجه منها بعد تغير تركيبته النفسية، كما ركزت على البعد الرمزي للرواية كما في شخصية المرأة الحلم "رشا"، وعلاقتها مع بطل الرواية "أحمد"، والتي تتزوج من رجل سعودي وتنجب منه ابنين متناقضين في الأفكار والمبادئ، أحدهما يأخذ اتجاهاً أصولياً والآخر يتجند في الجيش الأمريكي ويذهب إلى العراق

أما ناشر هذه الرواية مدير دار كنعان "سعيد البرغوثي" أوضح أن الدار تتعامل مع الأصوات الجديدة والواعدة التي تقدم أعمالها الأولى على صعيد الإبداع، وقال: «في هذا السياق تقع رواية "قصر شمعايا"، فالكاتب "علي الكردي" يسلط الضوء على مرحلة حساسة قَدِم فيها الفلسطينيون إلى سورية، مركزاً على سنوات اللجوء الأولى

غلاف الرواية

التي تميزت بعدم الاستقرار بالنسبة للاجئين، ولم يكن هناك نزوع إلى الاستقرار، لاسيما أن الآمال بالعودة كانت واسعة جداً، لدرجة أن السلطات السورية في تلك المرحلة منحت الفلسطينيين مدة شهر إقامة، وكانت الظنون أن الشهر كاف لإحباط المشروع الصهيوني وعودة اللاجئين، ثم تمدد الشهر إلى ثلاثة أشهر، وبعدها منح الفلسطينيون تذكرة إقامة مؤقتة، وإن عدم النزوع إلى الاستقرار كانت إحدى تجلياتها في هذه الرواية.

وبيّن "البرغوثي" أن خصوصية الرواية تأتي من كونها الأولى في تناول هذا الموضوع والرائدة في تسليط الضوء على عائلات سكنت ذاك القصر وعلاقاتها المختلفة فيما بينها.

سعيد البرغوثي

أما القاص "إبراهيم صموئيل" فبين أن الروايات الفلسطينية عموماً تنهل من القضية الفلسطينية، وأن "علي الكردي" فلسطيني الأصل والمولود في سورية، لديه تجربة في "قصر شمعايا" يحكي عنها عبر روايته بما فيها من العيش المشترك، والروابط الإنسانية، والأهم من ذلك الطيف الواسع للحيوات التي وجدت في ذاك المكان بما

تتضمنه من أشخاص حالمين، ومحبطين وأحياناً مهزومين وأخرى شهداء.

إبراهيم صموئيل

ورغم تأخر "الكردي" بكتابة روايته والتي كانت حلماً قديماً، لكنه اندفع الآن نحو تحقيقها، ويعزو "صموئيل" هذا التأجيل بأن صاحب المجموعة القصصية "مواكب البط البري"، يتمنى أن يكون في طموح ما يرغب، موضحاً أنه مهما وصلت إليه الكتابة يبقى الطموح والرغبة أكبر، والعوالم التي في الرأس من الصعب أن تتجسد في الكتابة تماماً.

بدورها قالت القاصة "رواد إبراهيم" المسؤولة الثقافية عن دارة عالبال: «يسرني فتح الباب أمام الإبداعات الرائدة، ولا يقتصر الموضوع على الفن التشكيلي، بل إن دارة عالبال يهمها أن تكون مقصداً ثقافياً، كما أن الكاتب "علي الكردي" له تجربة طويلة في الكتابة الإبداعية والنقدية، وهذا شكل عنده ذخيرة مهمة لكتابة هذه الرواية».

من جهتها أوضحت الناقدة "ناهدة عقل" أن "الكردي" ينطلق لدى محاولته رسم صورة بانورامية توضيحية للنسيج المعقد في "دمشق" القديمة؛ باتخاذ عدد من الشخصيات الرئيسة رموزاً لكل فئة أو جماعة تمثل جملة علاقاتها الاجتماعية مع بعضها، وأفكار كل منها إزاء الأخرى توضيحاً لأنماط وكيفيات التعايش الشائعة ضمن النسيج الدمشقي الحميمي، راوياً حكاية كل أسرة فلسطينية على حده، كأمثلة توضح عمق مأساة النزوح وتداعياتها النفسية من جهة، وعمق التآخي الفلسطيني السوري المخفف من وطأة تلك المأساة من جهة أخرى.