هي ابنة الفنان التشكيلي "محمود جلال"، دخلت كلية "الفنون الجميلة" في "دمشق" عام 1971 بعد أن أحرزت المرتبة الأولى في مسابقة الكلية المؤهلة لدخولها، منذ نعومة أظافرها وفي الخامسة من عمرها أمسكت الريشة لترسم وتلون رسومات كشفت عن موهبة كبيرة في طفلة كانت رسوماتها أكبر من عمرها، مما حذا بوالدها إلى تشجيعها على تنمية موهبتها و دفعها لإكمال دراسة فنِّ الرسم أكاديمياً،

التقت esyria الفنانة "سوسن جلال" بتاريخ 12/8/2009 في لقاء عادت خلاله في الذاكرة إلى الأيام التي شهدت باكورة تجاربها في البيت وعلى مقاعد الدراسة في شوق وحنين كانا واضحين على محياها.

أنا في صدد الإعداد لمعرض جديد في "دمشق القديمة"، وبعدها سأسافر إلى "ليبيا" لإقامة معرض هناك، وما أطمح إليه لم يأتِ بعد

تعتبر "سوسن جلال" أنّ الرسم موهبة متجذرة فيها كيف لا وهي من عائلة فنية لها باع في الرسم والنحت والشعر وعن ذلك تقول: «إنّ الرسم موهبة خلقت معي وتعمق بداخلي حبها نتيجة لتشجيع والدي عليها لكونه فنان تشكيلي هو الآخر، أخذ بيدي منذ البداية، فدخلت كلية "الفنون الجميلة" في دورتها الأولى ودرست فيها 5 سنوات، تخصصت في الديكور والتصميم وخلال مراحل الدراسة عملت في مكتب هندسي يُعنى بالديكور والتصميم وبقيت فيه مدة 18 عاماً، فيما بعد درست في معهد "إعداد المدرسين" في العمل اليدوي وبقيت 9 سنوات، وكذلك في كلية "الفنون الجميلة" لمدة 4 سنوات، وفي كلية "هندسة العمارة" 9 سنوات، خلال عملي كمدرسة لازمت العمل في فنّّ التصوير لأنني موهوبة في الرسم، وهو أفضل من الديكور، لأن اللوحة كلما مرّ عليها الزمن تكبر قيمتها في حين يتصف الديكور بعدم الديمومة وخضوعة لمزاج وذوق الإنسان، ومنذ البداية تعاملت مع اللوحة بكل انسجام ودخلت في عالم خاص تشوبه الروح المعبرة عن إحساس الفنان».

طبيعة صامته

حياة "سوسن جلال" الفنية شهدت مشاركتها في استحقاقات ومعارض محلية وعالمية لأنها تجاوزت المرحلة التي تشهد تعرف الناس على الفنان وبالتالي يصبح مشهوراً، فلوحاتها وأعمالها صنعت لها اسماً منذ البداية تضيف جلال: «البدايات شهدت مشاركتي في المعرض السنوي الذي أقيم في "دمشق" بالمتحف الوطني سنة 1985، وعام 1932 أقمت معرضاً مشتركاً مع والدي "محمود جلال" الذي أسس الحركة الفنية السورية في نهاية عام 1962، وأخي "خالد جلال" الذي درس فن النحت في "إيطاليا"، وكان افتتاح هذا المعرض الذي استمر40 يومياً كبير جداً، وحجم زواره ماثل حجم زوار المعرض السنوي، ولقد طلب ل"فرنسا" و"الجزائر" و"ليبيا" من قبل مسؤولي الثقافة في سفارات هذه البلاد في "دمشق"، عام 1995 أقمت معرضاً فردياً بمناسبة ذكرى وفاة والدي في صالة "شورى" ب"دمشق"، ضم لوحات زيتية وهو أول معرض فردي أقيمه، بعدها شاركت في معارض عديدة في "لبنان" و"السعودية" و"إسبانيا" و"الأردن" وتتالت المعارض الداخلية في صالات داخل "دمشق" كالمعرض المائي الأول من نوعه الذي ضم رسومات ولوحات لورود وأقيم في صالة ع "البال" عام 2000 ، في عام 2003 أعددت معرضاً متزامناً مع الحرب الأميركية على "العراق"، واحتوى على رسومات كانت معبرة وكانت متنفساً نتيجة للضغط النفسي الذي عاشه الناس في تلك المرحلة، حيث استقطب عدداً كبيراً من الزوار وخلق فسحة لهؤلاء الناس، مما دفعني إلى إعادة الكرة وإقامته مرتين بعدها في صالات متنوعة، وآخر معرض أقمته في "ليبيا" عام 2005 ومنذ ذلك الحين لم أقم أية فعالية أو معرض.

للمرأة في رسومات "سوسن جلال" مكانة خاصة لأنها ترى في تلك الرسومات المعبر الأفضل عن ما تمر به المرأة في حياتها وبوضعياتها المختلفة، تقول "سوسن جلال": «انشغلت ومنذ مراحل الدراسة الأولى برسم جسد المرأة، وشاركت في معرض بورتريه للمرأة أقمته في عيدها، والآن ارسم لوحات زيتية في مواضيع تخص جسدها، وأحاول إخراج ما بداخلي لأعبر عنه في لوحاتي وهذا ما لم يتم حتى الآن، وما اطمح إليه هو أكثر».

سوسن جلال

الحرية التي يتمتع بها الفنان تخلق نقلات نوعية في حياته وتفتح له آفاق ومجالات عديدة، وتثبت تفوق وتميز رسوماته بما تضفيه من مشاعر وأحاسيس تظهر واضحة في ثنايا اللوحة، وتكون خير معبرعن ما يدور في داخله، وفي هذا السياق تقول "جلال" : الوقت غير الكافي يؤثر على أداء الفنان ويحجم قدراته، وانشغاله بأعمال أخرى يحدّّ من نجاحه ويحدّ من تميز لوحته، وهو يحتاج للوقت الكافي شرط ألا يكون هذا الوقت على حساب راحته. والفنان السوري يضاهي الفنانين العالميين، و"سورية" تزخر بطاقات كبيرة وعالية المستوى وهذا ما دلت عليه المشاركات السورية في المعارض العالمية وحصولها على الجوائز الأولى، كل ذلك جاء من عدة عوامل تتلخص في التزام الفنان السوري وعظم قدرته الفنية بسبب تنوع طبيعة الحياة في "سورية" بين البحر والجبل والصحراء، وهذا يشكل عنده المخزون الكافي للإبداع.

تتذكر "سوسن جلال" وبداعي الطرفة عامل نجاحها وانطلاقها وتلخص هذا العامل في تجميعها لأكبر عدد من عناوين البريد الإلكتروني لأشخاص راسلوها سابقاً، فقامت هي بدورها بتوجيه دعوات على هذه الإيميلات المجمعة دون أن تعرف أصحابها لحضور افتتاح معرضها في صالة "شورى"، ففوجئت بعدد الحضور الغير متوقع وكان هذا الحدث على حدّ قولها أبرز عوامل تعرف الناس أكثر على لوحاتها، ترى "سوسن جلال": «أن لدينا نخبة كبيرة من الفنانين كل واحد أخذ خط معين وسار عليه، وان الاستمرارية والمواظبة على العمل تخلق النقلات النوعية في حياة الفنان وتنقله من نجاح لآخر، وتعتبر أنّ حريتها التي تتمتع بها نقطة هامة من نقاط قوتها لأنها تكره القيود، وكانت توفق بصعوبة كبيرة من ناحية الوقت بين الرسم والعمل مما اضطرها كثيراً للسهر ليلاً والعمل نهاراً».

باقة ورود

أخيراً أفصحت "جلال" لنا عن نشاطاتها القادمة بقولها: «أنا في صدد الإعداد لمعرض جديد في "دمشق القديمة"، وبعدها سأسافر إلى "ليبيا" لإقامة معرض هناك، وما أطمح إليه لم يأتِ بعد».