لكل فنان تشكيلي فلسفته ورسالته في الحياة يقدمها لتبدو واضحة في أعماله من خلال إنتاجه الفني ورؤيته وأفكاره.
"سهام إبراهيم" فنانة سورية استطاعت أن تقدم تميزا واضحا في لوحاتها في معرضها الأخير، وللاطلاع على تجربتها في هذا المعرض ونظرتها للفن التشكيلي"eDamascus" التقت الفنانة التشكيلية بتاريخ 19/3/2012 ، وكان معها الحوار التالي:
تمتد أعمال الفنانة "سهام إبراهيم" التشكيلية من المناظر الطبيعة التي تنتمي للواقعية التعبيرية التي تجسد فيها سيمفونيات لونية تغنى لفرح الطبيعية وجمالها في بهجة وطلاقة تعبيرية، فهي ترسم بأنغام وألحان لونية من الأزرق التركوازي والأحمر الناري والبرتقالي البهيج والأصفر الناري مع الكحلي في تلخيص شديد أقرب إلي المسطحات، فلوحاتها تعبر عن مناظر تفيض بسحر وجمال الطبيعة السورية
*ما الشيء الذي جذبكِ في الرسم "الفن التشكيلي" وجعلكِ من عشاقه؟
**الرسم موهبة اكتشفتها منذ صغري، إلى جانب الغناء الذي أعشقه، فكنت أحب الرسم كجميع الأطفال، وكانت الطبيعة الخلابة والجميلة في الساحل السوري مصدر الإلهام في حبي لهذا الفن العريق، والتي أثرت في حياتي الفنية بشكل كبير، لأفكر بعدها بمستقبلي كفنانة تشكيلية إلى جانب الغناء، ثم نمت هذه الموهبة وكبرت معي لتشكل نواة فنانة تشكيلية تطمح لإيصال رسالة من خلال هذا الفن، وخصوصاً بعد مشاركتي في العديد من المعارض الجماعية مع نخبة من الفنانين التشكيليين السورين المشهورين، حيث أعطتني هذه المشاركات دافعا قويا للرسم بشغف أكثر وللتعرف على الفنانين وعلى تجاربهم، وبعدها فكرت في إقامة معارض فردية لكي أعبر عن تجربتي بحرية أكثر، واليوم هو المعرض الثاني لي، فليس غريب بقدر ما هو فريد أن يلتقي الغناء والرسم بالنسبة لي فى قالب واحد حيث أن لكل منهما شخصيته واستقلاله لكن يبقى جذرهما واحداً من عمق الأصالة السورية التي تغذينا بتراثها وحضارتها .
*ما الذي تحاولين التعبير عنه من خلال الرسم؟
**أحاول أن أعبر عن كل ما هو جميل في وطني وهذا العالم، أحاول أن أعبر عن أحاسيسي وكل ما أتأثر فيه ويثير في داخلي ويحرضني على التعبير عنه من خلال لوحة فنية تحكي عن الجمال والحب في هذا العالم، وعن جمال بلدي الذي أعتبره من أجمل البلدان في العالم.
*متى تجدين نفسك على استعداد للرسم؟
**عندما أجد في نفسي ما يدفعني لذلك من خلال فكرة أو رؤية أو حدث أو مخزون بصري أرغب في ترجمته وبلورته أو تجسيده في عمل إبداعي محسوس بصرياً، وفي جو من الصفاء الذهني يسانده محيط مناسب لتقديم العمل الفني لتخرج بالصورة المقنعة لما أريد تفريغه من داخلي.
*لكل فن فضاء يستوحى منه، فما هو فضاء الفن التشكيلي لدى الفنانة "سهام إبراهيم"؟
**فضاء الفن التشكيلي فضاء واسع يستوحي الفنان منه من خلال المشاهدات والرؤى والخيال فيتناولها مباشرة، أو يعكسها في صور في الذاكرة لتتم استعادتها كمخزون بصري متى ما احتاجها بحسب الممارسة والخبرة .
*كيف تتعاملين مع الألوان، كيف تختارينها، وما دور الألوان في إغناء اللوحة وجماليتها؟
**الألوان عندي هي الكريات التي تسير في دمي حيث تدخل إلى القلب وتعود إلى أصابعي لتحرك الريشة كما تشاء بحيث كل لون يأخذ مكانه، فلا يكون هناك تحضير مسبق للون في اللوحة، أترك للإحساس والشعور بالحرية اختيار اللون الذي يناسبه.
*إلى أي مدرسة فنية تشعرين أنك الأقرب إليها؟
**أظن أن كل فنان يتأثر في مراحله الفنية الأولى بمدارس فنية معينة، ثم تظهر له لمسة خاصة به، فأنا أركز على الواقعية التعبيرية والأداء الانفعالي، مع ميل إلى المدرسة الوحشية في استخدام اللون، من خلال استخدام الألوان الصريحة والمباشرة للتعبير بشكل كبير عن الجمال الذي أريد أن أعكسه في اللوحة الفنية التي أرسمها.
*كيف تتعاملين مع من ينتقدونكِ؟
**حسب الانتقاد الموجه، فإذا كان النقد بناء وأجد أن فيه ما يمكن أن يبين لي جوانب قد تكون مخفية لدي ولفت نظري إليه بصورة منطقية فأهلا بهذا النقد واحترمه، ولكن إن كان النقد لمجرد النقد إما لجهل الناقد ومستوى نقده أو أشعر أنه يحمل في طياته مكراً أو مكيدة أو لإثارة وبلبلة فلا أقبله وأترفع عن الرد عليه بالتجاهل والتهميش حتى لا أعطيه قيمة واهتماماً، فالنقد البناء يكون حول فكرة موضوعية يمكن قياسها، لأن الدخول إلى النيات والمقاصد ليس من النقد البناء، ولإيجاد نقاط تواصل لابد أن يكون النقد حول نقطة جوهرية واضحة ويكون البناء عليها تأصيلاً وتفريعاً، بين البناء والنقد علاقة جدلية، عظيمة الأهمية إلى درجة أن كلاً منهما يتغذى على الآخر بصورة جوهرية، ولا نستطيع أن نعرف مدى حاجة كل منهما إلى الآخر إلا إذا قطعنا الحبل السري الذي يربط بينهما، والناقد الصادق لا يتعسف في عباراته ويغلظ في أقواله، بل ينتقي أعذب الألفاظ وأحسنها، فلكي يكون نقدك بناء لابد أن يكون هناك درجة من التواضع والاحترام للآخرين، واحتمال أن يكون الصواب مع الآخرين والخطأ معك. فأنت لا يمكن أن تملك الحقيقة المطلقة دائماً.
*ما رأيك بمستوى الحركة التشكيلية في سورية؟
**شهد الفن التشكيلي في "سورية" قفزة نوعية للوصول إلى مستويات عالية، لا سيما بعد مشاركة التشكيليين السوريين في كثير من الأنشطة على المستوى العربي والعالمي، وثمة أعمال حققت رواجاً كبيراً ضمن مزادات لها سمعة كبيرة في العالم، كذلك حققت الفعاليات التشكيلية خارج سورية سمعة طيبة وعكست المستوى الفني لحركة التشكيل، تدلّ هذه المعطيات على تطور التشكيل المحلي ومواكبته الحركة التشكيلية العالمية.
*كيف ترين ثقافة التذوق للفن التشكيلي في سورية ؟
**التذوق للفن التشكيلي يحتاج إلى مزيد من المعرفة والتقدم والتوسع فيه، حيث نجد أن هناك تطوراً في إدراك مفهوم دور الفن التشكيلي كجزء من ثقافة الناس وممارساتهم اليومية، فهو يشكل عنصر اتصال مهم، كما يشكل جزءاً من البيئة التي يعيش فيها الإنسان.
*هل أخذ الفن التشكيلي حقه من بين الفنون الأخرى في رأي الفنانة "سهام إبراهيم"؟
**عالمياً نعم، أما إقليمياً وعربياً فهو نسبي، ولكن محلياً كان ضعيف في السابق ولكن بدأ يزاحم ويندفع ليأخذ مكانته محاولاً البروز والتفوق بين الفنون الأخرى، وذلك بفضل تطور وسائل الإعلام وتقنيات الاتصال والتواصل الحديثة ومن خلال نوافذه التي تطل على الساحة الفنية التشكيلية العالمية والدولية، وما توصلت إليه من رؤى حديثة وغايات وأهداف لمفهوم هذا الفن وأهميته، لذلك أدرك بعض المسؤولين مدى أهميته وغايته في رفع مستوى التذوق الفني العام لمسيرة المفهوم الحضاري، لذا بدأ يأخذ مكانته وحقه بين الفنون الأخرى.
*كيف يمكن لهواة الرسم أن يطوروا من مهاراتهم ويصقلوها حسب رأيك؟
**يستطيع الفنان الشاب أو الهاوي أن يتدرب من خلال إتباعه دورات تدريبية لدى أساتذة أكاديميين حتى يتعلم الأسس الصحيحة للرسم والتي من خلالها يستطيع أن يطور نفسه ومهاراته الفنية، وينتقل بذلك للمدارس الفنية المختلفة متى أصبح قادرا على الرسم الواقعي والطبيعة الصامتة بإتقان.
*شهدت أسعار اللوحات الفنية ارتفاعاً ملحوظاً، لماذا هذه القفزة برأيك؟
**العمل الفني قيمته باهظة جداً، لذلك تسعير اللوحات يخضع إلى مجموعة معطيات فنية وحياتية في مقدمها الغلاء الاقتصادي ومكانة الفنان، لذلك تجد أعمال بعض التشكيليين العالميين باهظة جداً. محلياً أعتقد بأن أسعار اللوحات في سورية معقولة ومناسبة جداً للراغبين في اقتنائها.
التقينا الفنان التشكيلي " محمد حمدو"، وعن رأيه بتجربة الفنانة "سهام إبراهيم" التشكيلية، فيقول: «تمتد أعمال الفنانة "سهام إبراهيم" التشكيلية من المناظر الطبيعة التي تنتمي للواقعية التعبيرية التي تجسد فيها سيمفونيات لونية تغنى لفرح الطبيعية وجمالها في بهجة وطلاقة تعبيرية، فهي ترسم بأنغام وألحان لونية من الأزرق التركوازي والأحمر الناري والبرتقالي البهيج والأصفر الناري مع الكحلي في تلخيص شديد أقرب إلي المسطحات، فلوحاتها تعبر عن مناظر تفيض بسحر وجمال الطبيعة السورية».
الجدير بالذكر أن المطربة والفنانة التشكيلية "سهام إبراهيم": من مواليد اللاذقية، عضوة في اتحاد التشكيليين السوريين، درست الفن التشكيلي دراسة خاصة، تم اقتناء العديد من أعمالها من قبل وزارة الثقافة السورية، أقامت معرضين فرديين في "المركز الثقافي الروسي" عام 2008، وفي المركز "الثقافي العربي في أبو رمانة بدمشق"، كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية .