تعتبر مهنة تطعيم الخشب بالموزاييك من أهم المهن اليدوية المنتشرة في مدينة "دمشق" وريفها نظراً لارتباطها بالتراث الذي مازال حاضراً بكثرة في المجتمع الدمشقي، ومازال هناك العديد من أصحاب هذه المهن الذين يعملون بها محافظين على هذا الإرث العريق، ومن أهم هذه الحرف مهنة تطعيم الموزاييك على الخشب.

موقع eSyria زار محل أحد أصحاب هذه المهنة والتقى الشاب "أشرف قوجة" الذي يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من عشرة أعوام ليحدثنا عن بداية عمله قائلاً: «بدأت العمل في فترة مبكرة من حياتي حيث لم أتجاوز السنوات العشر وقتها، وكنت أعمل مع أحد أقربائي كهاوٍ لهذا العمل، ومع مرور الأيام بدأت الموهبة تتطور تدريجياً وكانت البداية عادية لكن وجود الموهبة دفعني للتطور بشكل كبير فتمكنت من إتقان العمل خلال فترة قصيرة، وبدأت أفكر بالعمل بشكل مستقل عنه لكي أقوم بفتح محل خاص بي، وأمام تشجيع الأهل والأصدقاء والإرادة القوية قمت باستئجار محل وبدأت العمل بشكل بسيط نتيجة عدم معرفتي بطبيعة السوق ولم أكن وقتها قد تعرفت على التجار الذين يقومون يتزويدي باللوحات التي سأقوم بالعمل بها، ومع مرور الوقت بدأت أتعرف على التجار وبدأت أنشط بشكل جيد في هذا العمل وأصبح لدي العديد من العملاء الذين يحضرون اللوحات على حسابهم ويكون دوري فقط تطعيم الموزييك عليها».

يحتاج توسيع العمل إلى رأس مال يساعد على نشر الأعمال في نطاق أوسع، كما أطمح بشراء محلي الخاص والتعامل مع عدد أكبر من العملاء والتجار

وعن المواد التي يستخدمها في عمله وعن سير هذا العمل يقول: «تعتبر المواد المستخدمة في العمل بسيطة جداً وهي عبارة عن مطرقة وأزميل يستخدم لحفر الخشب وغراء لتثبيت قطع الموزاييك على الخشب، بالإضافة إلى قطع الموزاييك التي نقوم باستيرادها من التجار وهو عبارة عن صدف طبيعي وله نوعان النوع الأول منشؤه بحري والثاني نهري ويسمى السوق "الديري" ويستخرج من ضفاف نهر الفرات، ولكل نوع ميزات تختلف عن الآخر فالصدف البحري يأتي صافياً من الوجهين ويكون غالباً لونه أبيض وهذا النوع يعتبر من أفضل الأنواع المستخدمة نظراً لنقائه ولمعته المميزة من الطرفين وقد يكون الوجه الأول أبيض والثاني أصفر وهذا الأخير يكون أقل استخداماً وجودة من الأول، أما الصدف النهري فيكون غالباً لونه أبيض من الوجه الأول وله لمعة مميزة والوجه الآخر لا توجد به لمعة، ولكل نوع خصائص تجعله مفضلاً لدى التجار حسب العرض والطلب على هذه الأنواع».

أدوات الحفر

وعن سير العمل يضيف قائلاً: «كنت في البداية أفصل العلب من خشب الجوز وأطبع الرسمة التي أريدها وأعرضها في السوق، ولكن مع الوقت أصبح من الأفضل بالنسبة لي أن أتعامل مع تجار لتزويدي بالعلب الخشبية ليقتصر عملي على تطعيمها بالموزاييك، حيث تأتي اللوحات بأشكال متعددة قد تكون صناديق خشبية تستخدم في الضيافة وقد تكون خزائن وكنبات وغرف ضيوف وغير ذلك، وتختلف نوعية هذه اللوحات حسب طبيعة الخشب المستخدم في صناعتها وهذا ما يؤثر على طبيعة العمل وسهولته وجودة العمل وبعد أن تأتي اللوحات أقوم بحفرها بواسطة الإزميل والمطرقة حسب طلب التاجر وحسب الرسومات التي تحتويها وبعد أن أقوم بحفر الكمية المطلوبة من اللوحات وأحضر الصدف المطلوب العمل به أقوم بوضع الغراء الذي يستخدم كمادة لاصقة لتثبيت الصدف بعد ان تكون القطعة جاهزة حسب طلب العميل».

وعن أهم الصعوبات التي تواجهه في العمل يقول "أشرف": «هناك بعض الأنواع الرديئة من الخشب التي يصعب التعامل معها اثناء العمل فتأخذ وقتا إضافيا وتحتاج إلى عناية كبيرة، كما أن طبيعة القطعة تلعب دورا في سرعة وجودة العمل فبعض العلب التي أقوم بتطعيمها تكون كبيرة جداً أثناء عملية الحفر تؤدي إلى ارتداد الإزميل ما يعرضها للتلف وقد تؤدي إلى بعض الأضرار فيجب على من يعمل بمثل هذا النوع من العلب الحذر حتى لا يعرض نفسه للخطر».

أشرف قوجة

وعن أسواق تصريف المنتجات يقول: «أتعامل مع تجار معينين يأتون بالخشب وأقوم بالعمل لمصلحتهم فهم مسؤولون عن تصريف البضائع وبيعها ومن أهم الأسواق التي توجد فيها هذه الأنواع بكثرة الأسواق الخليجية والأوروبية».

وعن طموحه في تطوير عمله قال: «يحتاج توسيع العمل إلى رأس مال يساعد على نشر الأعمال في نطاق أوسع، كما أطمح بشراء محلي الخاص والتعامل مع عدد أكبر من العملاء والتجار».

قطعة جاهزة

ولمعرفة آراء بعض الأشخاص الذين سبق لهم أن اشتروا من أعماله سألنا السيد "موفق داود" الذي قال: «إن "أشرف" يتمتع بمهارة عالية في تطعيم الخشب بالموزاييك فهو معروف من بين أصحاب هذه المهنة ومتميز بها ويقوم بإتمام عمله بشكل كامل يرضي الزبائن إضافة إلى أنه يبيع أعماله بالجملة ما يميزه من باقي المحال التي تعمل بنفس المهنة».

أما والده السيد "يوسف قوجه" فأثنى على عمل "أشرف" بقوله: «هو الوحيد في منطقته الذي يعمل بتطعيم الخشب بالموزاييك وكنت من أكثر المشجعين له على هذه المهنة، وقدمت له دعماً مادياً ومعنوياً ليبدع في عمله».