اكتسبت مدينة "النبك" سمةً ميّزتها عن بقية مدن "القلمون"، بإنتاجها لأفضل أنواع الهريسة، حتى ارتبط اسم المدينة بالهريسة المميّزة التي تقدمها.

شهرة الهريسة النبكية فاقت حدود المدينة لتصبح علامة مسجلة تعرف بها في مختلف المحافظات السورية، إضافة إلى الدول العربية. وفي بحثنا عن منبع هذه المهنة وسر شهرتها، زار مراسل موقع eSyria مدينة "النبك" التي تقع شمال "دمشق" بحوالي \90\ كم، وفي المدينة فإن السؤال عن مصدر الهريسة لم يكن متعباً، فالجميع يرشدك إلى "البيت العربي" الذي يديره أبناء "ناصر فخر الدين".

الهريسة أكلة شعبية، لا تصنع إلا باليد، ولا تشوى سوى بفرن حجري، وفيها أنواع متعددة باللوز والفستق الحلبي والكاجو

"محمود ناصر فخر الدين" أحد الأبناء العاملين في صناعة الهريسة استقبلنا في منزل العائلة، وحدّثنا بداية عن هذه المهنة بقوله: «الهريسة أكلة شعبية، لا تصنع إلا باليد، ولا تشوى سوى بفرن حجري، وفيها أنواع متعددة باللوز والفستق الحلبي والكاجو».

الهريسة داخل الفرن الحجري.JPG

ويعتبر "ناصر فخر الدين" مصدر الشهرة التي نالتها الهريسة النبكية، وبعد وفاته تابع أبناؤه العمل في هذا المجال محافظين على الإرث الذي تركه لهم.

ويروي لنا "محمود" قصة والده مع هذه المهنة: «عمل والدي منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي في مهنة صناعة الهريسة، والبداية كانت على عربة صغيرة يبيع عليها متجولاً في مدينة "النبك"، تزايد الطلب تدريجياً على الهريسة وهو ما دفعه لتأسيس محل في بداية الثمانينات، ولا يزال مستمراً حتى وقتنا الحالي».

البيع للعائلات فقط.JPG

سر الشهرة التي نالتها الهريسة يقول عنها: «والدي أحب هذه المهنة وأتقنها واعتنى بكل تفاصيلها، واعتمد في صناعتها على أفضل المكونات وأكثرها جودة، وهو ما منحها سمعة طيبة لدى أهالي المدينة، إضافة إلى مدن القلمون المجاورة، ورغم زيادة الطلب عليها حافظ على النوعية ذاتها».

ولكل مهنة أسرار أطلعنا "جلال" الأخ الأكبر في العائلة على بعض منها: «مهنة صناعة الهريسة تتميز عن بقية المهن بمكوناتها الدقيقة التي يجب أن تكون من نوعية عالية، ومن أهم هذه المكونات حبة القمح، وضمن هذا المجال قمنا بتجريب مختلف الأنواع المستوردة لكننا في النهاية وجدنا أن حبة القمح السورية تعد الأفضل لصناعة الهريسة الممتازة، ولا سيما أنها تتميز بطراوتها وقيمتها الغذائية العالية».

محمود ناصر فخر الدين.JPG

شهرة "أبناء ناصر فخر الدين" لصناعة الهريسة تأثرت خلال السنوات الماضية، ولهذا أسباب بحسب "جلال": «واجهتنا بعض المشاكل مع الدوائر المالية بعد وفاة الوالد، وهو ما أثر على العمل، إضافة إلى محاولات البعض الاستفادة من العلامة التجارية في تسويق الهريسة التي يقومون بتحضيرها، وهو ما دفعنا للّجوء إلى القضاء للدفاع عن حقوقنا، ورغم هذه الظروف وغيرها لا يزال المحل محافظاً على زبائنه ولا سيما من أهل المدينة».

ورغم العروض الكثيرة التي أتيحت أمام أبناء "ناصر فخر الدين" لتوسيع العمل، وفتح فروع في المحافظات والدول العربية، إلا أن أبناء العائلة رفضوا كل هذه العروض وفضّلوا بيع منتجهم للعائلات فقط.

ولا تقتصر الأنواع التي ينتجها "البيت العربي" على الهريسة التقليدية بالبندق واللوز..إنما يمكن إعداد هريسة بالحليب والقشطة، إضافة إلى إعداد هريسة مخصّصة للمصابين بالسكري.