صندوق "عجايبك عجايب" كان أحد طرق الترفيه والتسلية التي كانت متواجدة في "دمشق" قديماً، حيث مثل أحد الوسائل التي يلجأ إليها الأطفال لمشاهدة قصص مصورة من داخل هذا الصندوق مقابل "بيضة" أو بعضاً من البرغل أو الفرنكات.

موقع "eDamascus" بتاريخ 5/1/2012 تحدث مع المعمر "محمد نور الدين" من "الصالحية" عن هذه الآلية لترفيه الأطفال قديماً فقال: «صندوق "عجايبك عجايب" كان يمثل للأطفال سينما متنقلة في حارات وأزقة "دمشق" القديمة، فهو من المظاهر التي حفرت في الذاكرة وكان يلجأ إليها الأطفال للترفيه والتسلية، وقد عرف وقتها صندوق "عمو عبد الغني" الذي كان يتجول في حارتنا ويروي على الأطفال من صندوقه قصصاً من الأساطير عبر الصور».

صندوق "عجايبك عجايب" كان يمثل للأطفال سينما متنقلة في حارات وأزقة "دمشق" القديمة، فهو من المظاهر التي حفرت في الذاكرة وكان يلجأ إليها الأطفال للترفيه والتسلية، وقد عرف وقتها صندوق "عمو عبد الغني" الذي كان يتجول في حارتنا ويروي على الأطفال من صندوقه قصصاً من الأساطير عبر الصور

ويقول الباحث الدمشقي "منير كيال" عن هذه الوسيلة الترفيهية: «"عجايبك عجايب"، وهو المعروف بصندوق الفرجة، ذلك المسرح الجوال الطريف الذي شاهد عروضه أسلافنا وشاهدناه وعاصرناه في طفولتنا، ورأينا في عروضه متعة لا ترقى إليها متعة، وعالماً مجنحاً لا تزال صوره ماثلة في أذهاننا، لا لكونها شكلاً من أشكال التمثيل بالصور، وإنما لما كانت تحمله تلك الصور من المشاهد والعوالم التي تأخذ الألباب.

عجايبك عجايب

وما زالت مقولة "تعا تفرج يا سلام... على عجايب الزمان"، لا تزال هذه المقولة تراود أسماعنا وتشدنا إلى طفولتنا المجنحة بالرؤى والأحلام، وتعيد إلى ذاكرتنا ذلك الرجل الذي يحمل المتعة للأطفال في صندوق على ظهره، يطوف به الحارات والأزقة معلناً عن قدومه بتلك المقولة. وما يكاد الرجل يحط رحاله وينصب صندوقه أمامه ويفرد كراسيه أمام العدسات المكبرة التي تمر عبرها المشاهد التي يقدمها الرجل، حتى كنت ترى الأطفال يتسارعون ويتسابقون ليحتل كل مكانه أمام تلك العدسات والفرجة، لقاء رغيف خبز أو بيضة وقد تكون الأجرة بضع حبات من الجوز أو حفنة من الزبيب، كما قد تكون هذه الأجرة نقداً، وإذا صادف أن دفع الطفل نقداً فإن الأجرة لا تتجاوز النكلة "نصف قرش"».

ويتابع: «كان صاحب الصندوق أو من كان يقوم مقامه يعمد إلى سلسلة أو مجموعة من الصور الملونة التي تشكل قصة أو حدثاً تاريخياً، بحيث تبدو تلك الصور في تسلسلها وحدة متكاملة ثم يلفها من نهايتها على بكرة مثبتة في جانب من داخل الصندوق، ويصلها ببكرة فارغة مثبتة من الجانب المقابل للبكرة الأولى في الصندوق، فإذا برم البكرة الفارغة انتقلت الصور إليها مارة أمام العدسات المكبرة، المثبتة في واجهة الصندوق الأمامية، وبالتالي تلتف الصور على البكرة الفارغة، وهكذا تتوالى المناظر أو الصور أمام تلك العدسات وكأنها شريط سينمائي.

"المكنة"

فإذا اكتمل عدد المشاهدين مع عدد العدسات المكبرة يشرع اللاعب "صاحب الصندوق" ببرم البكرة الفارغة التي بداخل الصندوق، فتمر المشاهد أمام العدسات المكبرة ويرافق ذلك شرح اللاعب للمناظر والصور المارة بما يناسبها من قول أو شعر أو زجل، وما قد يرافق ذلك من غناء، يتطلبه المشهد المعروض، حتى لكأن اللاعب على مسرح جمهوره الذي لا يتعدى خمسة أطفال مشاهدين، وهو يقوم بجميع ما يتطلبه المسرح من الاداء صوتاً وحركة».

وكان يتردد مونولوج معين في هذه المناسبة ويرددها لنا الحاج "أحمد الديري" من أهالي "دمشق" بقوله:

السينما المتنقلة

«تعاتفرج يا ســــــــــــــــلام / وشوف أحوالك عالتمــــام

شوف قدامك عجــــــــايب / وشوف قدامك غرايــــــب

يا حبيب لو بتشـــــــــوف / شوف أحوالك عالمكشوف

الدنية صندوق فرجـــــــة / لا تغرك فيها البهجـــــــــة

من يوم ما خلقت عوجــة / لا تبكي عليها وتنــــــــوح

ويا حفيظ ويا أميـــــــــن / من غدرات الزمــــــــــــان

الفلاح شلح التبــــــــــان / وعاف السكة والفـــــــــدان

راح تعين عند فـــــــلان / مبهور بحب الألقــــــــــاب

مو حاسب للدهر حساب / كان سلطان صار بــــــواب

ويا حفيظ ويا أميـــــــــن / من غدرات الزمــــــــــــــان».