"الطنبرجي".. ومن لا يعرف تلك العربة التي تجرها الأحصنة، وعلى ظهر العربة أحد الأشخاص مع بعض أنواع الخضراوات في الصيف أو خزان المازوت في الشتاء، يتجول في شوارع "دمشق" عارضاً بضاعته للملأ.
موقع "eSyria" بتاريخ 14/5/2009 التقى بالسيد "محمد عبد الكريم" الملقب بـ"أبو العبد" وهو يتجول في شوارع مدينة "جرمانا" يبيع على ظهر عربته التي يجرها حصان بعضاً من أنواع الخضراوات التي يقطفها من أرضه ويأتي ليبيعها ويسترزق منها، وخلال لقائنا به قال: «أنا أعمل حسب المواسم ففي فصل الصيف أبيع بعضاً من أنواع الخضراوات والفواكه، وقبلها أبيع البصل المجفف، وفي الشتاء حيث البرد والصقيع أبيع المازوت، أحب مهنتي كثيراً وأعشقها لدرجة أنه أصبح هناك عشرة بيني وبين الحصان الذي يتقاسم معي ما أبيعه، وفي آخر النهار حصته تكون بعضاً من العلف،
منذ سنوات أحسست أنني أزعج الناس وخاصة في أوقات الصباح عندما أمر بالشوارع وأنادي بأنواع البضاعة الموجودة لدي، فقررت أن أستخدم موسيقا عيد الميلاد بدلاً من صوتي، والناس فرحوا لهذه التجربة والبادرة، وعندما يسمعون صوت هذه الموسيقا في الشارع يعرفون بأن "أبو العبد" وصل إلى حيّهم
فهذه العربة التي يجرها الحصان هي في الواقع تختلف من موسم إلى آخر حسب اختلاف البضاعة، صيفاً هي عربة مسطحة وكبيرة أرتب عليها بعضاً من أكياس البصل اليابس، أو حبات البطيخ والفواكه، في حين تعود العربة شتاء لتستقر إلى جانب بيتي، ويأتي محلها خلف الحصان عربة أشبه بخزان صغير لبيع المازوت».
مهنة "أبو العبد" من المهن قليلة المصروف ولكن شديدة التعب، وخلال جولتي معه على ظهر العربة قال: «أتجول في كل شوارع المدينة فهي مناطق محتملة لبيع بضاعتي، وفي أغلب الأحيان لا أغادر الأحياء الشعبية، فتلك الأحياء يكون البيع فيها أكثر، والسبب هو عدم وجود سوق كبير، ولأن معظم القاطنين في تلك الأحياء هم من الطبقة المتوسطة مادياً، فالأشياء التي أبيعها تناسبهم من حيث السعر، ثم إنني لا أستطيع أن أدخل بعربتي التي يجرها الحصان إلى كل أحياء المدينة، أستيقظ في الصباح الباكر لأجمع بضاعتي من إحدى الحقول قريباً من حقلي، وأرش عليها الماء خوفاً من أن تتيبس، وأبدأ بمشواري يومياً في مدينة "جرمانا" التي هي قريبة من محل إقامتي، وهناك أصبح لدي زبائن أعرفهم واعتادوا أن يشتروا مني ما يحتاجون، حتى إنهم ينتظرون مروري بشارعهم ليتبضعوا مما أحمل».
يتابع السيد "محمد عبد الكريم" حديثه: «مهنتنا من المهن الممتعة والمتعبة بنفس الوقت ولكن الرزق على الله وهنا كل الناس يحبونني ويكنون لي كل الاحترام، أمر في شوارع "جرمانا" وفي فترة الظهر أستريح عند أحد معارفي هناك لأتناول بعضاً من الغداء وأطعم الحصان الذي يشاركني مشواري، وفي آخر الليل بعد أن أنفق بعضاً من بضاعتي أعود للمنزل وأضع ما تبقى منها في المستودع لأحفظها ليلاً، وفي الوقت نفسه أمول العربة الجوالة بالجديد منها يومياً، البضاعة على هذه العربات غالباً ما تباع بسعر أرخص، وعملية بيعي للخضراوات تستمر طوال فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فأبيع المازوت وذلك ما يجعل المهنة محصورة بالتجوال بين الحارات لبيع محتوى الخزانات التي عادة ما تملأ من محطات وقود خاصة، هي مهنة لمن لا مهنة له وبنفس الوقت هي مهنة صعبة لا يستطيع أي شخص أن يعمل فيها، وأنا لن أعمل إلا بهذه المهنة التي أعتدت عليها وعلى الناس الذين عاشرتهم من خلال تجوالي في أحياء "دمشق"».
عادة الباعة المتجولين ينادون عن أنواع البضاعة الموجودة لديهم، لكن "أبو العبد" يختلف عن أصدقائه ويعلن عن مرور عربته المحملة بالبضائع بطريقته: «منذ سنوات أحسست أنني أزعج الناس وخاصة في أوقات الصباح عندما أمر بالشوارع وأنادي بأنواع البضاعة الموجودة لدي، فقررت أن أستخدم موسيقا عيد الميلاد بدلاً من صوتي، والناس فرحوا لهذه التجربة والبادرة، وعندما يسمعون صوت هذه الموسيقا في الشارع يعرفون بأن "أبو العبد" وصل إلى حيّهم».